تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تمر اليوم الذكرى السادسة على مجزرة أطفال ضحيان التي ارتكبتها قوات التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي في التاسع من أغسطس 2018، والتي راح ضحيتها أكثر من 40 طفلاً بريئاً في محافظة صعدة شمال اليمن.
الهجوم الوحشي استهدف حافلة مدرسية تقل أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عامًا، وهم في طريقهم إلى المدرسة، ليحول فرحة الصغار إلى مأساة تضاف إلى سجل الجرائم التي ارتكبها التحالف ضد الشعب اليمني، منذ الساعات الأولى للسادس والعشرين من مارس ٢٠١٥.
المجزرة في تفاصيلها
في صباح يوم الخميس 9 أغسطس 2018، كان الأطفال يجلسون في حافلتهم المدرسية التي كانت تعبر منطقة ضحيان في مديرية مجز بمحافظة صعدة، غير مدركين أن الموت ينتظرهم من السماء.
وبدون سابق إنذار، أطلقت طائرات التحالف صواريخها باتجاه الحافلة، ما أدى إلى تدميرها بالكامل وقتل الأطفال على الفور.
كانت مشاهد الدمار والجثث المتناثرة مشهداً صادماً هز الضمير العالمي وأثار استنكاراً واسعاً.
ردود الفعل الدولية
النظام السعودي نفى في البداية أن تكون الضربة قد استهدفت مدنيين، وأكد أن الهجوم كان موجهًا ضد أهداف عسكرية. وأشار إلى أن هناك تقييماً داخلياً للتحقق من تفاصيل الحادث وتحديد المسؤوليات. على الرغم من ذلك، واجهت الرياض ضغوطاً دولية كبيرة، مما دفعها في النهاية إلى الاعتراف بأن الهجوم قد يكون قد خالف القوانين الإنسانية الدولية. ورغم ادعاء النظام السعودي أن هناك تحقيقاً داخلياً قد جرى بشأن الجريمة إلا أن نتائج التحقيق لم تُعلن بشكل مفصل للرأي العام.
وبعد المجزرة، واجه التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي إدانات دولية شديدة من منظمات حقوق الإنسان والعديد من الدول، ووصفت الأمم المتحدة الهجوم بأنه “جريمة حرب واضحة”، ودعت إلى تحقيق دولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع.
ورغم هذه الإدانات، لم يُتخذ أي إجراء ملموس على الأرض من قبل المجتمع الدولي لوقف الهجمات ضد المدنيين في اليمن.
التداعيات النفسية والاجتماعية
مجزرة ضحيان تركت جرحاً عميقاً في ذاكرة الشعب اليمني، خاصة أهالي الأطفال الضحايا الذين فقدوا فلذات أكبادهم في لحظة واحدة.
وكانت لهذه الجريمة تأثيرات نفسية واجتماعية كبيرة على المجتمع في صعدة بشكل خاص واليمن بشكل عام، حيث ازداد الشعور بالغضب والظلم والسعي للانتقام أمام استمرار العدوان.
تجاهل العدالة
على الرغم من مرور ستة أعوام على المجزرة، لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن تحقيق العدالة للضحايا، حيث لم تُحاسب أي جهة أو فرد عن هذه الجريمة.
وهذا الفشل يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب، ويُسهم في استمرار معاناة الشعب اليمني تحت وطأة الحرب والحصار.
وفي الوقت الذي كان يفترض فيه وضع السعودية بصفتها قائدة التحالف العسكري ضد اليمن في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال وارتكاب جرائم حرب، بسبب هذه الجريمة وغيرها المئات من الجرائم المماثلة، إلا أنه وبمجرد شروع الأمم المتحدة بوضع السعودية في هذه القائمة سارعت الرياض لتهديد المنظمة الدولية بقطع الأموال عنها وهو ما دفع المنظمة إلى إسقاط اسم السعودية من القائمة بعد توجيهات أمريكية وتهديدات سعودية بقطع الدعم المالي إذا استمر التصنيف الأممي، ليبقى اللوم هنا على المنظمة الدولية التي خضعت لتوجيهات أمريكية وتجاهلت الحقائق والجرائم الواضحة المرتكبة على الأرض.
الذكرى واستمرار المعاناة
في الذكرى السادسة لمجزرة أطفال ضحيان، يجدد الشعب اليمني دعواته للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لإدانة مرتكبي هذه الجريمة وعلى رأسهم قيادة النظام السعودي وتصنيف السعودية في القائمة السوداء وإصدار قرارات دولية تلزمها بدفع التعويضات للضحايا وذويهم وتصنيف ما حدث جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية والطفولة مكتملة الأركان.
وتظل ذكرى الأطفال الذين فقدوا حياتهم في هذه المجزرة رمزاً للمأساة الإنسانية التي تعيشها اليمن، ودليلاً على الحاجة الملحة لإنهاء العدوان المستمر على اليمن حتى اليوم بالقصف المدفعي من الأراضي السعودية ضد البلدات اليمنية الحدودية شمال محافظة صعدة، رغم هدنة خفض التصعيد الموقعة بين صنعاء والرياض نهاية مارس ٢٠٢٢.
وصمة عار ودم لن يذهب هدراً
مجزرة ضحيان ستبقى في ذاكرة اليمنيين وصمة عار على جبين التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي ووصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي لا يرفع شعارات الإنسانية إلا عندما يتعلق الأمر بمصالحه أو مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وشاهداً على المدى الذي يمكن أن تصل إليه قسوة الحرب عند من يقاتلون تحت قيادة ومظلة الولايات المتحدة الأمريكية وعندما تُنسى الإنسانية لديهم في خضم الصراعات.
وعلى الرغم من كل الألم، يظل الأمل معقوداً على اليوم الذي ستحقق فيه العدالة وتُحاسب فيه الأطراف المسؤولة عن هذه الجرائم، وهو ما يقع على عاتق الحكومة اليمنية المعترف بها شعبياً والتي تدير البلاد من العاصمة صنعاء بقيادة أنصار الله وحلفائهم، فكما انتصرت صنعاء لغزة عليها ألا تنسى أيضاً الانتصار لدماء أطفالها المعلقة في رقاب قادة النظام السعودي والذي بالمناسبة اصطف مع كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وأطفال غزة ونساء غزة.