المتوكل.. تلميذ النعمان وداعية الدولة المدنية والتعايش

2014/11/04 الساعة 01:40 صباحاً

في البدء رحمة الله تغشاك د. محمد عبد الملك المتوكل وخالص العزاء أولاً لدعاة وأنصار الدولة المدنية والسلام والتعايش في اليمن وثانياً لأسرتك الكريمة وطلابك “إنا لله وإنا اليه راجعون”.

 إن اغتيالك برصاصات الغدر بواسطة يد آثمة وأنت داعية السلام الأكاديمي، المفكر والناشط السياسي والكاتب في تقاطع شارع العدل مع شارع الزراعة بصنعاء الأحد 2 نوفمبر 014 2، هو اغتيال لفكرة الدولة المدنية العادلة والسلام والتعايش بين أبناء الوطن الجريح الذي أدماه الاحتراب بصور متعددة ، وأنت من تتلمذ على يد الأستاذ أحمد محمد نعمان الصانع الأول لقضية الأحرار ورائد مؤسس للحركة الوطنية اليمنية الحديثة، وقائد وزعيم للتجديد الديني الاجتماعي والتنوير والإصلاح، وكنت أحد المقربين من الرئيس الذي أحبّه اليمنيون، شمالاً وجنوباً إبراهيم الحمدي وناضلت من أجل التعايش والسلاح وقضايا الحقوق ووقفت تنافح وتناضل ضد ظلم المظلومين ومن أجل الدولة المدنية العادلة، ناديت بضرورة تعايش جميع الفرقاء في هذا الوطن.

 اغتالتك يد الغدر والخيانة والنذالة والحقارة في وقت كان أنصار الدولة المدنية والسلام والتعايش أحوج الناس إليك، وفي وقت تسعى قوى وأطراف معلومة المسميات معروفة الأهداف إلى تفجير اليمن وشعبه الطيب المنافح الصابر وتحويله إلى مربعات جغرافية متقاتلة، متحاربة بعد أن تقسمه إلى طوائف وشيع.

 اغتالتك يد الحقارة والدناءة وأنت من تشرّبت وآمنت حتى النخاع بالنضال السلمي كطريق لخلاص اليمن وسعيت لتكون المعارضة السياسية قوية ومنظمة كرست أغلب سني حياتك للبحث عن “المشترك” بين اليمنيين، وقال عنك الدكتور نجيب غلاب “إنك رأيت في الحزب الاشتراكي مشروع حياة للحداثة في يمن القبيلة والغنيمة وأنت من أبقيت على شعرة معاوية مع كل من كان يختلف معك بالرأي فقد اتخذت مواقف قوية وصادقة ضد من حاربوا الإشتراكي وكفّروا أبناء الجنوب صيف 94م ورفضت عسكرة الحياة والمجتمع بعد تلك الحرب الظالمة المشئومة ووقفت مع مظلومية الحوثيين«أنصار الله» وضد الحروب الست التي نفذت ضدهم.

 اغتالتك رصاصات النذالة والحقد وأنت رجل الحوار والتعايش والسلام وأنت من عارضت الرئيس السابق صالح ونظامه إبان حكمه بشرف ولم تفجر في خصومتك معه ومع غيره، فعارضت سعيه للتوريث لإبنه وقلت رأيك بوضوح «الناس غير قابلين بالرئيس فكيف سيقبلون توريث السلطة لابنه» وقلت في ديسمبر 2010م قبيل اندلاع ثورة 11 فبراير الشعبية السلمية 2011 في مقال بعنوان «عاد شي عقل يا حضرة» قلت إن القافلة تسير في طريق الهاوية، فساد فاق كل تصور، وفقر تساوى معه الموت، والسجن وهذه الحياة، ونخبة حاكمة مستهترة تحتكر السلطة والثروة وتمتلك كل شيء وأغلبية شعبها لا يملك شيئاً (... ) نخبة حاكمة تختلق أزمات وحروباً عبثية تدمر الحياة في بلد يقترب من التشرّد والمجاعة والتمزق، نخبة متسلطة لا ترى إلا ما تريد ولا تسمع إلا ما تحب ولا تسلك إلا تبعاً للهوى وكأنها تعيش وحدها وما الآخرون سوى همل لا يعنونها في شيء، تحيط بها زمرة مصالح انتهازية ترفع شعار: «استعن على العديم بشوره» لقد كنت واضحاً وضوح الشمس ولم تتخندق في إطار طائفي كما فعل الكثيرون من المتعصبين للهاشمية أو الزيدية. 

 اغتالتك يد الغدر والحقارة وأنت من وقفت ضد دعوات اجتثاث المؤتمر الشعبي عقب ثورة 11 فبراير 2011 م، ولم تقطع شعرة معاوية مع الرئيس السابق صالح وزرته بعد أن رحل عن الحكم وقدمت النصح بأن يترك العمل السياسي ونشرت نصيحتك في الصحف ودعيته أن يتأمل ويعتبر مما جرى له وتحملت ردود أفعال زيارتك سواء في إطار حزبك “اتحاد القوى الشعبية” أو في إطار “المشترك” لكنك تحملت ردود الأفعال برضى عجيب واعتبرت تلك الزيارة “شخصية بحتة وذات صفة إنسانية”.

 اغتالتك يد سافلة وأنت من هاجمك صحفيو التيارات الإسلامية والقومية واليسارية دون رحمة لمجرد أنك فكرت بصوت عالٍ، وكانت نتيجة هذا التفكير مختلفة عما تقول أحزابهم، فناصرت الشباب ودعوتهم إلى تجديد أحزابهم وانتقدت أسلوب الحوثيين «أنصار الله» في عسكرة حركتهم ونصحتهم بالتحول إلى العمل السياسي المدني.

  وصفك الدكتور نجيب غلاب فقال: أن د. المتوكل “مشكلته أنه جمهوري قادم من خلفية ملكية، مدني من دعاة الحرية، يصارع بأفكاره فيقاتله الجميع بتاريخ مضى، لغة الشك ظلام حالك، سياسي يدرك منطق اللعبة، يتهمه الجميع بالتآمر، (...)، يقتنع كل من يحاوره أن كلامه كلام العقلاء، يشكك أصحاب المصالح بالنوايا، كل التهم قد ألصقوها في طريقه، ملكي، عنصري، انفصالي، حاقد، قائمة طويلة من أسفار الجهالة. يناضل دون يأس من أجل دولة القانون، لا يهم أن يحكمها رجال الدين أو رجال القبيلة، لعبة من عقل مصقول بالدهاء، خيار الشعب مقبول حتى وإن اختار التخلف”.

 وأخيراً: نم قرير العين في علّيين مع الشهداء والصديقيين والصالحين وأنت من أنت عشت متصالحاً مع نفسك تخاصم أفكار التقاليد البالية ومحاوراً من الدرجة الأولى، وظللت طوال سني حياتك تبحث عن النقاط المشتركة بين الفرقاء، لكن مشكلة دعاة التغيير بتعبير د. نجيب غلاب إنهم «كالفراش المنتحرة في نيران الظلم والظلام». 

 [email protected]

"الجمهورية"