احمد صالح الفقيه
التكبر والاستعلاء هوماجعل العرب السنة في العراق يستاثرون بالسلطة والثروة يهمشون الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب، الاولين بمبررات عرقية، والآخرين بمبررات دينية من صنع ابن تيمية والحنابلة قبله، فلم يكن في زمن الرسول شيعة ليوصي بهم كما اوصى باهل الذمة من اليهود والنصارى. وقد انتهى الامر بالعرب السنة في العراق الى ان يصبحوا اليوم بعد طول تجبر، كالطبل الذي يضرب من الجانيبن، فلا رحمهم الزرقايون من داعش ولم يرأف بهم الحشد الشعبي الشيعي، وكيف يفعل وقد دأبوا على تفجير الشيعة بمفخخاتهم طوال السنوات العشر الماضية، ونصروا داعش بفصائل ذات مسميات شتى مثل المجلس العسكري العام لثوار العراق، ورجال الطريقة النقشبندية ، ومجلس العشائرالذي ضم أكثر من سبعين عشيرة وقبيلة عربية سنية، والبعثيين، وكتائب ثورة العشرين، وجماعة أنصار الإسلام، و جماعة جيش المجاهدين، والجيش الإسلامي في العراق ..الخ.
وفي اليمن حكم الائمة الزيديون البلاد بمن تبع مذهبهم من قبائل المرتفعات الوسطى، وتسلطوا على سكان المناطق الزراعية من اتباع المذاهب الاخرى، ناظرين اليهم نظرة دونية طوال الف عام، جاعلين اياهم مصدرا للجبايات الظالمة الجائرة ومكانا للنهب والاستغلال، حتى قامت ثورة 26 سبتمبرسنة 1962 بنصرة من مصر، وادخلت ابناء المناطق المظلومة في الجيش، وقد حاربت معظم قبائل المرتفعات الوسطى النظام الجديد حتى وصلت الى حصار العاصمة صنعاء اواخر العام 1967 ، فدافع عنها ابناء المناطق المظلومة اصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة، وهزموا القبائل الامامية وثبتوا الجمهورية، فكان جزاؤهم التصفية الجسدية على يد جمهوريي المرتفعات الوسطى والملكيين الذين انضموا اليهم بعد المصالحة، وقد كبر عليهم ان يتسنم ابناء المناطق الزراعية المظلومة قيادة البلاد. اذن هو الكبر والاستعلاء.
الجنوب الذي تخلص من هيمنة قبائل المرتفعات في مملكة الامامة الزيدية بفعل الاستعمار البريطاني دخل في وحدة اندماجية مع الشمال عام 1990 ولم يلبث كثيرا حتى افتعلت الازمات ضد القيادات الجنوبية الشريكة في الحكم، وعلى الرغم من وثيقة العهد والاتفاق التي اجمعت عليها كل القوى السياسية كمخرج من ازمة 1994السياسية، فان القيادات المنتمية الى قبائل المرتفعات الوسطى شنت بكبر وعنجهية حربا شاملة ظالمة على الجنوب، ونهبت موجوداته وسيطرت على مقدراته.
علي عبدالله صالح الرئيس المخلوع اللص الذي حاول تغيير نظام الشراكة في الحكم بين قبائل المرتفعات الوسطى المهيمنة الى نظام جملوكي واجه تحديين رئيسين : الاول من الملكيين وقادتهم المتطلعين الى استعادة الامامة في صعدة على اساس من الحق الالهي في الحكم، والثاني من زعماء قبائل المرتفعات الوسطى ممثلين بمشايخ حاشد آل الاحمر، قد ركب الطرفان الامامي والقبلي موجة الربيع العربي في 2011 وازاحا الرئيس علي عبدالله صالح، وانفرد مشايخ حاشد بالحكم ضمن شراكة مع قوى سياسية هزيلة سبق انهاكها خلال 33عاما من حكم نظام النهب الشامل، مستبعدين الامامي الحوثي فلم يكونوا ليستبدلوا الجملوكي بالملكي .
وقد ذهب الرئيس المخلوع الى التحالف مع الاماميين الذين ازاحوا بدورهم مشايخ حاشد ونفوهم من قبيلتهم، ولم يلبث الامامي الحوثي حتى سيطر على العاصمة ومرافق الدولة بمساعدة الوحدات العسكرية التي انشاها صالح لزوم الجملوكية، وقد ذهب الامامي الحوثي بعيدا فاعتدى على الحكومة ومقام الرئاسة. واخذ في نقض مخرجات الحوار الوطني، الذي شارك فيه، مستهدفا نظام الدولة الاتحادية في تلك المخرجات، التي استعاضت عن الحكم المركزي بنظام فيدرالي ليمن من ستة اقاليم، وهو ما من شانه، لو راى النور، ان يدفن هيمنة قبائل المرتفعات الوسطى مرة واحدة والى الابد.
لقد منيت خطة الحوثي الاساسية، الرامية الى استخدام رئيس الجمهورية والحكومة ، تحت فوهات البنادق،غطاء يسبغ الشرعية على مقررات تنفذ اجندته بفشل ذريع، عندما استقال الرئيس والحكومة معا وتركاه عاريا تسفي إسته الرياح.
وقد طلع بقصة جديدة عن مؤتمر تاريخي وكبييييردعا اليه وارفقها بالتهديد والوعيد بالويل والثبور وعظائم الامور لكل من خالفه، انعقد المؤتمر اليوم الجمعة في صنعاء، وقد حشد في القاعة الواسعة اتباعه جميعا والنساء والاطفال، وفي افتتاح المؤتمر قال صالح الصماد: " القوى التي تسلطت على البلاد حولت كل مكاسب ثورتي سبتمبر واكتوبر الى مصالح حزبية وشخصية تخدم اجندة داخلية وخارجية وشنت الحروب في الشمال والوسط والجنوب وظهر شعبنا اليمني في القرن الواحد والعشرين دولة هزيلة يعيش اغلب ابنائه حالة من البؤس والحرمان والاشلاء والدمار والركام وكأن الشعب خلق لهم ليقتلوه وليستغلوا ثرواته ويطمسوا هويته وماتركوا من ورقه من الاوراق النتنه الا واثاروها فلعبوا بالمناطقية والطائفية واثاروا الخلافات والنزاعات بين ابناءه وباعوا سيادته ومارسوا بحقه كل انواع التعذيب والامتهان ". وهذا صحيح ، غير ان ما يثير الضحك هو ان الحوثيين تحالفوا مع العنوان الاعظم للفساد والتسلط والتخريب وهو الرئيس المخلوع، ويعملون على اعادته الى مواقع التسلط والهيمنة، ان مشكلة الحوثيين هي الادمان، ادمان الكذب.
واستحضرت قناته "المسيرة" كل المرضى المصابين بمتلازمة استوكهلم كعبد الله سلام الحكيمي، وكل قمَامة تحوم حول الجيف، كمتزعمي "الاخدام" القيرعي المؤتمري والآخر الذي لا يحضرني اسمه، وقد تناسيا او انستهم الريالات ان الامامة اصل تهميشهم واصل الظلم التاريخي الذي حاق ببني جلدتهم. وان الحوثي ليس الا حلقة بائسة في سلسلة المتكبرين ووحش فاشي وفاسد وعميل ليس الا. وان كل ما يفعله لن ينتج الا صومالا او افغانستان اخرى.