قشة (الحبيشي) على الظهر المقسوم.

2015/02/03 الساعة 05:36 مساءً

أشتدت وتيرة الصراع  في صنعاء خلال اليومين الماضيين، بين شرعية الثورة (الحوثية)، وشرعية الدستور (العفاشية)، وظهرت ملامح الصراع بين هاتين الشرعيتين بشكل واضح، بالحرب الإعلامية المتبادلة بين ثوار أنصار الله (الحوثيين)، وبين ما تبقى من شكل هيكلي لبرلمان تجاوزت شرعيته الحد الأفتراضي، ويملك زمام هيئة رئاسته أنصار الرئيس اليمني السابق (صالح)، كما يمتلكوا غالبية مريحة فيه، ويأمل أنصار (صالح) في ان يعودوا الى صدارة الواجهة السياسية، من خلال عودة العهد (البائد) عبر ما يسموها بــ( شرعية البرلمان) لغياب رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيلين، وبموجب نصوص دستورية يتحججوا بها، تأول مقاليد السلطة للبرلمان.   

وفي صراع (الشرعيتين) – ان جاز التعبير، كل طرف يروج لشرعيته ويستخدم مايجوز، وما لايجوز، في أثبات أحقيته على السيادة .. واليوم. وانا اتابع الأخبار شاهدت إعلام الرئيس اليمني المخلوع (صالح)، ومناصريه، وهم يخوضوا معركة اثبات شرعية مطالبهم، بتصريحات، ومقابلات، ولعل أبرزها خروج الشيخ سلطان البركاني من سباته الشتوي، بتصريح يحذر فيه من يتجاوز الشرعية الدستورية، وخطورة ذلك  على الوضع بشكل عام.

ولكن ما أستوقفني فعلا واحببت ان أتناوله في موضوعي هو مشاهدتي الكاتب والإعلامي المعروف الاستاذ أحمد الحبيشي، من خلال برنامج (مدارات) والذي تبثه قناة "ازال" التابعة للبكيلي (بن عبدالعزيز الشائف)، وبرغم ان سرده التاريخي يعجبني، وأحرص على متابعته دائما، الا ان تناوله للصراع الحالي على السلطة في صنعاء، يجعلني اشفق عليه كثيراً، وأخاف عليه من تشنجه المفتعل، وهو يشرح، ويحذر، وبيده اليمنى ما قال أنها وثيقة (دستور الوحدة)، التي ينادي، ويناشد المتحاورين، بان لا يسقطوها .. بل أنه يهدد ويتوعد انه في حال تم الغاء (دستور الوحدة)، فأن (الوحدة) تصبح في خطر ..

لا تهمنا وحدة (الحبيشي) التي قال أنها في خطر في هذه العجالة  بقدر سخريتنا من أستخدامها لغرض عودة المتحاورين في كوكب موفينبيك الى (الشرعية الدستورية) المتمثلة في البرلمان اليمني وهيئته المؤتمرية (العفاشية) معللا بأن الرئيس اليمني المستقيل، أو المقال - لا يفرق - لم يذهب بأستقالته ويسلمها الا الى البرلمان اليمني، لانه يدرك شرعيته – حد وصفه.

المضحك، والمبكي، في آن، هو ماهدد به استاذنا (الحبيشي)، بانهُ سيعلن ذهابه الى من يدعون الى عودة الوضع الى ما قبل عام 90م، في حال تم الغاء ما اسماه بـ(دستور الوحدة) التي قامت عليه دولتين ذات أعتبارات دولية ومعترف بهما توحدتا بعد أن أنزلتا الدستور الى الاستفتاء الشعبي.

ونذكر (الحبيشي) هنا، ان الدستور الذي  قامت عليه إعلان (الوحدة) بين الدولتين ذات الاعتبارين الدوليين، لم يعد له وجود أصلاً، وتم فرض تغييره على شعب الجنوب، بشرعية الاحتلال المفروض منذ 7يوليو 94م، ومع أننا في الحراك الجنوبي التحرري، لم نعد نعير هذه الأمور أدنى أهمية، لأن ماتم بعد الاجتياح العسكري على الجنوب، وأحتلاله قد أنهى شرعية الوحدة المتفق عليها بين الدولتين ذات الاعتبارات الدولية ما قبل عام 1990م، وما اثار دهشتنا وحسرتنا على استاذنا القدير (الحبيشي)، هو ما وصل اليه من طرح لا يليق بمستواه من حيث مساومته بقاء شرعية من لا شرعية له بقضيةٌ شعب الجنوب، وهي أكبر بكثير من موضوع (قشة) الدستور التي يلوح بوضعها على الظهر المقسوم، فحسرتنا على استاذنا أكثر من عتبنا عليه، وعلى سكوته، كل هذه السنين، على مايجرى لشعب الجنوب، من قتل، ومن بطش من قبل سيده (المخلوع)، وأتباعه، ونظامه منذ أحتلال الجنوب حتى اليوم.

كل مآسي الجنوب، وما مر عليه من حرب عدوانية، ومن قتل وحشي، وحرب إبادة، وإقصى ابناء الجنوب، وطردهم من وظائفهم، وتجهيل الأبناء، ونهب ثروات شعب الجنوب، وقمع مسيرات الحراك الجنوبية السلمية، وقتل وجرح واعتقال انصاره وقياداته، وغيرها، كل تلك الانتهاكات، لم تثير أستاذنا (الحبيشي) وتدفعه ليحذر بإن هذه الأعمال القمعية تضع (وحدته) في خطر وتخل بقيام (الوحدة) التي "جمعت دولتين ذات أعتبارات دولية " وكل ما يحافظ على (وحدة) الاستاذ فقط هو (دستور الدولة) والتي تعطي مجلس النواب اليمني حق استلام السلطة والاحلال محل المستقيلين (هادي – بحاح).

لست هنا بلائماً من يذهبون الى صنعاء، ليعلنون الولاء لمصالحهم، لأني أعرف أنهم قد سلكوا هذا السلوك - أياً كان تعريفه - بقناعة تامة، وسوى كانوا على حق، أو على باطل، هذا شأنهم، كل ما في الأمر، اننا نتمنى ان يحترموا تضحيات شعب الجنوب، ولا يهينوا أنفسهم بمحاولات مفضوحة لأستخدام قضية شعب الجنوب وسيلة أبتزاز، لأي طرف، ضد طرف آخر، وهنا. لا أعني استاذنا العزيز (الحبيشي) فحسب،  فهناك الكثير ممن يحاولوا وضع قضية شعب الجنوب، ونضاله الشريف، واستبسال ابطاله، في الميادين، والتضحيات الجسام، مصدر ابتزاز، وطرحها في مساومات رخيصة، والتلويح بها لفرض قناعات تهم مصلحة طرف على طرف آخر في صراع المتناحرين في صنعاء.