الرئيسية - عربي ودولي - رويترز.. تقديرات خاطئة تسببت بتصعيد مفاجئ في "السويداء" وسط التباس سوري بالموقف الأميركي والإسرائيلي

رويترز.. تقديرات خاطئة تسببت بتصعيد مفاجئ في "السويداء" وسط التباس سوري بالموقف الأميركي والإسرائيلي

الساعة 02:22 مساءً



�نا عدن | متابعات
كشفت وكالة "رويترز"، استنادًا إلى شهادات ثمانية مصادر مطلعة من أوساط سياسية وعسكرية سورية ودبلوماسية إقليمية، أن القيادة السورية أساءت تفسير الرسائل الأميركية المتعلقة بمبدأ مركزية الدولة، واعتقدت أن إعادة نشر قواتها في محافظة السويداء لن يواجه أي رد فعل من جانب إسرائيل، ما تسبب بتصعيد مفاجئ في القرار السوري خلال الأسبوع الماضي.


قالت المصادر، ومن بينها مسؤولون سوريون رفيعو المستوى ومصادر أمنية ودبلوماسيان اثنان، إن النظام السوري ظنّ أنه حصل على ضوء أخضر غير مباشر من كل من واشنطن وتل أبيب لإرسال وحدات عسكرية إلى جنوب سوريا، على الرغم من التحذيرات الإسرائيلية المتكررة التي كانت قد صدرت طيلة الأشهر الماضية ضد أي تحرك عسكري حكومي باتجاه المناطق الجنوبية.


وأوضحت المصادر أن هذا التصور السوري المغلوط جاء نتيجة لتصريحات علنية وخاصة أدلى بها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، إضافة إلى محادثات أمنية أولية جرت مع مسؤولين إسرائيليين.



 وقد ساهمت هذه الرسائل في تعزيز قناعة دمشق بأن التحرك العسكري لن يثير اعتراضًا دوليًا، لا سيما مع تصريحات سابقة لباراك أكد فيها ضرورة إدارة سوريا كدولة موحدة من دون أي شكل من أشكال الحكم الذاتي للمكونات، سواء للدروز أو الأكراد أو العلويين.


ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في معرض رده على أسئلة "رويترز"، التعليق على فحوى المحادثات الدبلوماسية الخاصة، لكنه جدّد موقف واشنطن الداعم لوحدة الأراضي السورية، مشددًا على أن الدولة السورية تتحمل مسؤولية حماية جميع المواطنين، بمن فيهم الأقليات.


من جهته، نفى مسؤول بارز في وزارة الخارجية السورية أن تكون المواقف الأميركية قد أثّرت في القرار السيادي لنشر القوات في السويداء، مؤكدًا أن هذا القرار أتى بدافع وطني خالص هدفه الأساسي وقف إراقة الدماء، وتأمين المدنيين، والحؤول دون تفاقم النزاع الأهلي في الجنوب.


وفي السياق نفسه، أفاد مصدر سياسي سوري وآخر دبلوماسي غربي بأن السلطات السورية فسّرت نتائج محادثات غير معلنة جرت مؤخرًا في العاصمة الأذربيجانية باكو مع ممثلين عن إسرائيل، على أنها بمثابة تفاهم غير مباشر يتيح إرسال القوات إلى الجنوب السوري في إطار فرض سيطرة الدولة على محافظة السويداء.


وفي تعليق على المشهد، قال الباحث الأميركي جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إن الرئيس السوري أحمد الشرع قد يكون بالغ في استثمار المواقف الدولية لصالحه، مشيرًا إلى أن الفريق المحيط به أخطأ في فهم الدعم الأميركي، كما أخطأ في تقدير موقف إسرائيل من تحركات الدولة السورية في جبل الدروز، وفسر تصريحات باراك المناهضة للفيدرالية على أنها تفويض للحكومة المركزية باستخدام القوة لفرض سيطرتها.


وأضاف مسؤول عسكري سوري أن المراسلات التي جرت مع واشنطن قبل التحرك عززت هذا الانطباع، موضحًا أن عدم تلقي رد أميركي حازم عندما أُبلغت الجهات الأميركية بخطط نشر الصواريخ في الجنوب اعتُبر بمثابة موافقة ضمنية، الأمر الذي دفع دمشق للاعتقاد بأن إسرائيل لن تتدخل عسكريًا.


وبحسب دبلوماسي أجنبي مقيم في دمشق، فإن التقديرات السورية كانت مفرطة في الثقة، وبُنيت على إشارات أميركية غير واضحة، تبيّن لاحقًا أنها لا تعكس الواقع الفعلي للموقف الدولي تجاه هذا التحرك.


في المقابل، أفاد مسؤول خليجي رفيع المستوى بأن دمشق ارتكبت خطأ جسيمًا في إدارة ملف السويداء، متهمًا القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات خطيرة بحق أبناء الطائفة الدرزية، بما في ذلك عمليات قتل وتعذيب وإهانات، وهو ما أعطى إسرائيل، بحسب رأيه، مبررًا قويًا للتدخل العسكري في الجنوب.


وأشار مصدر استخباري في المنطقة إلى أن الرئيس الشرع لم يكن يسيطر على تفاصيل العمليات الميدانية، بسبب تراجع الانضباط في صفوف القوات النظامية، واعتماده على مجموعات مسلحة متعددة الخلفيات، العديد منها يحمل توجهات إسلامية متشددة.


وفي ختام التصريحات، أكد مسؤول بارز في وزارة الخارجية السورية أن العملية العسكرية لم تكن تستهدف التصعيد أو الانتقام، بل جاءت بدافع حماية وحدة البلاد، مشددًا على أن القوات السورية مستعدة لإعادة الانتشار فور توفُّر ظروف ملائمة، تشمل ضمانات أميركية صريحة بعدم تدخل إسرائيل مستقبلًا في مسار استعادة السيطرة على الجنوب السوري.

 شبكة شام الاخبارية