الرئيسية - تقارير - "مخاطر أمنية وسياسية كبيرة أمام الحكومة".. كيف تناولت الصحافة الغربية هجوم مطار عدن؟

"مخاطر أمنية وسياسية كبيرة أمام الحكومة".. كيف تناولت الصحافة الغربية هجوم مطار عدن؟

الساعة 12:25 مساءً (هنا عدن - خاص )

 

استحوذ الهجوم الذي وقع في 30 ديسمبر/كانون الأول، في صالة الوصول بمطار عدن الدولي، وأسفر عن مقتل 26 شخصا، من بينهم بعض المسؤولين، وإصابة ما لا يقل عن 60 شخصا، معظمهم من المدنيين الذين احتشدوا للترحيب بحكومة الوحدة اليمنية الجديدة. 
 



وفي العناوين الرئيسية لتقارير الصحف والمواقع الدولية والغربية، والتي أجمعت على أهمية الحادثة ودلالاتها المستقبلية سواء بالنسبة للصراع اليمني ككل، أو تلك المتعلقة بمستقبل الصراع داخل التحالف المناهض للحوثي بقيادة السعودية، بشكل خاص.  
 

"يمن شباب نت" رصد أبرز ما نشرته الصحف والمواقع البريطانية والأمريكية حول الهجوم من تحليلات وتعليقات متفرقة تناولت الحادثة ودلالاتها على مستقبل الصراع باليمن من زوايا مختلفة ومهمة في ذات الوقت، والتي جاءت على النحو التالي: 
 

صحيفة الغارديان البريطانية «Theguardian» قالت إن الهجوم العنيف على مطار عدن الذي بدا أنه استهدف طائرة تقل الحكومة اليمنية المشكلة حديثًا، يمثل بداية قاتمة لحكومة الوحدة اليمنية التي أدت اليمين الدستورية الأسبوع الماضي في المملكة العربية السعودية.
 

وقالت الصحيفة في تقرير لها بأن التعديل الوزاري الحكومي هدف إلى رأب الصدع الخطير بين الحكومة المعترف بها دوليًا بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، المنظمة المسؤولة عن عدن. 
 


وذكرت بأن القتال اتخذ بعدًا جديدًا في عام 2017 بعد تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تدعمه الإمارات العربية المتحدة رغم اعتراضات شركاء التحالف في الرياض.
 

ووفق الصحيفة، أدى القتال بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على جنوب اليمن إلى إغراق عدن بشكل خاص في نوبات عنف لا يمكن التنبؤ بها، وتعقيد جهود الأمم المتحدة مع عملية السلام الشاملة.
 

أما صحيفة نيويورك تايمز الامريكية«The New York Times»، علقت بالقول بأنه كان من المفترض أن يكون تشكيل الحكومة الجديدة خطوة نحو حل أحد النزاعات المتشابكة التي تشكل الحرب الأهلية في اليمن، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وأدخلت البلاد فيما وصفته جماعات الإغاثة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. 
 

وأضاف تقرير لها بالقول بأن المملكة العربية السعودية، دفعت على نحو متقطع، اليمنيين إلى إصلاح التحالف الحكومي المنهار ضد الحوثيين. حيث أدت حكومة وحدة وطنية جديدة توسط فيها وسطاء المملكة بموجب اتفاق لتقاسم السلطة يعرف باسم اتفاق الرياض، اليمين الدستورية، هذا الشهر. 

  

ونشر موقع «Responsible Statecraft» الأمريكي مقالا لجورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لمعهد تحليلات دول الخليج بواشنطن، قال فيه إنه وبغض النظر عن الجهة التي تتحمل المسؤولية، لن تواجه حكومة الوحدة اليمنية أي نقص في الأزمات السياسية والأمنية الصعبة للغاية من تلك التي ستجعل تنفيذ اتفاق الرياض أمرًا صعبًا.
 

وأضاف بالقول بأنه "بالنسبة لكل من المملكة العربية السعودية وحكومة هادي، فإن المخاطر كبيرة لإثبات ما إذا كانت حكومة الوحدة قادرة على إنهاء الخلاف بين الحكومة اليمنية الرسمية والمجلس الانتقالي الجنوبي بنجاح". 

  

الأجندة السعودية

ووفق لكافييروا، تشكل حكومة الوحدة تتويجا للجهود السعودية لحل "القضية الجنوبية" في اليمن على خلفية مكاسب الحوثيين المتماسكة في الشمال. حيث كان القتال بين قوات هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهما حليفان اسميان في الجبهة المناهضة للحوثيين، بمثابة "حرب أهلية ضمن حرب أهلية" تريد الرياض حلها بسرعة.
 

ويعتقد الكاتب بأنه ومن وجهة نظر السعودية، فإن الصدع بين هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي خطير لأنه يقوض وحدة التحالف العربي بقيادة السعودية ضد المتمردين الحوثيين الذين أقاموا دولتهم الأولية في شمال اليمن بدعم من طهران.
 


لكن الكاتب البارز أشار إلى أن الجهود السابقة تحت رعاية السعودية أثبتت عدم جدواها وليس هناك ما يضمن نجاح حكومة الوحدة اليمنية المشكلة حديثًا. ففي الماضي، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي عن "الحكم الذاتي" بشكل أساسي كورقة مساومة من أجل العودة إلى المفاوضات مع الرياض وحكومة هادي بنفوذ أكبر.
 

وبالتالي لا يستبعد المقال أن يصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بسهولة إعلان "حكم ذاتي" آخر في المستقبل من أجل تكثيف الضغط على هادي، الذي يتمتع بدعم متذبذب بين الموالين له.   
 

وقال "ربما توصلت الجماعة الانفصالية إلى أنه من الأفضل ترك الوقت يستنزف هادي البالغ من العمر 75 عامًا مع تلاشي نفوذه، وتراهن على أنه سيواصل التخلي عن السلطة لفصائل أخرى في اليمن، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي والمتمردين الحوثيين. 

  

عامل الإصلاح

من جانب آخر، لاحظ الكاتب جورجيو كافييرو بأن هناك مجموعة من المشاكل بين الحكومة اليمنية الرسمية والمجلس الانتقالي الجنوبي والتي يصعب تخيل اختفائها في أي وقت قريب - وكلها تخلق المزيد من التحديات لشرعية هادي. ووفقا للمقال، تعد الأسئلة حول الإسلام السياسي ودور الإصلاح في مستقبل اليمن "مهمة للغاية" بالنسبة للجهود الرامية إلى حل هذه "الحرب الأهلية الدائرة في إطار حرب أهلية أوسع".
 

وأضاف بالقول "لم يتخل هادي عن حزب الإصلاح على الإطلاق لأن الحزب الإسلامي كان حليفه الرئيسي في السنوات الأخيرة. هذا التحالف، بالإضافة إلى شعبية الإصلاح بين اليمنيين خاصة في المناطق الشمالية والوسطى من البلاد - هما مفتاح شرعية هادي كرئيس للدولة اليمنية.  
 

وبحسب المقال، فإن الإمارات من جانبها تفضل نتيجة للأزمة اليمنية من شأنها أن تشهد تهميش الإصلاح.  وترى أبو ظبي أن رئاسة هادي إشكالية من وجهة نظر الطموحات الإماراتية فيما يتعلق بالموانئ في جنوب اليمن. 
 

موقع "ميدل ايست أي" البريطاني، «Middl Eeast Eye» قال إن هجمات الأربعاء على مطار عدن الدولي والقصر الرئاسي، أدت إلى توتر البلاد مرة أخرى - وهي دولة أصبحت مألوفة للغاية بالنسبة لمواطنيها الذين أنهكتهم الحرب مع استمرار الصراع المستمر منذ خمس سنوات. 
 

وأضاف في تقرير له، بالقول بأنه ومع هبوط أعضاء من الحكومة المشكلة حديثًا في عدن ظهر يوم الأربعاء، ضربت الصواريخ المطار، في هجوم يهدف إلى تقويض أي استقرار محتمل قد يحققه اتفاق أخير بين السلطات المتنافسة. 
 

وركز التقرير على زيارة رئيس الوزراء معين عبدا لملك للجرحى يوم الخميس، والتي اعتبرها محاولة لتوجيه رسالة للمواطنين مفادها أن عدن ما زالت آمنة ويمكن لأعضاء مجلس الوزراء التحرك في أنحاء المدينة. 
 

وبينما كانت هذه الخطوة تهدف إلى تخفيف المخاوف، قال بعض السكان الذين تحدثوا إلى ميدل إيست آي إن ذلك لم يكن كافياً لطمأنتهم وفشلوا في تزويدهم بإجابات حول من يقف وراء الهجمات التي لم يعلن أحد مسؤوليتها بعد. 
 


هشاشة الحكومة

بدوره، قال تحليل أعده مركز "ستراتفور" الأمريكي، «Stratfor» المتخصص بالشؤون الاستخباراتية، ان الحكومة اليمنية الجديدة تواجه مخاطر أمنية وانقسامات داخلية تهدد قدرتها على الحكم بفعالية. لكن مجلس وزراء الوحدة سيبقى متماسكا في الأشهر المقبلة بالرغم من الهجمات التي تستهدف الحكومة، مثل الانفجار الدامي بمطار عدن الدولي. 
 

ولفت إلى نجاح الحكومة على المدى الطويل لا يتوقف على تخفيف الخلاف الداخلي المستمر بين الشمال والجنوب فحسب، ولكن أيضا على قدرتها على إخماد التهديدات الخطيرة التي ظهرت في الهجوم الأخير. 
 

واعتبر "استراتفورد"  بأن تشكيل حكومة الوحدة برئاسة "معين عبد الملك سعيد يمثل" انتصارا كبيرا في الجمع بين مسؤولي اليمن الشمالي والجنوبي على قدم المساواة. حيث تتمتع حكومة الوحدة الجديدة أيضا بدعم سياسي كبير من مجلس التعاون الخليجي؛ ما يساعد في تعزيز موقفها على المدى القريب.
 

وخلص التحليل إلى أن هجوم مطار عدن لن يؤدي إلى كسر حكومة الوحدة الجديدة، لكن مجلس الوزراء سيكافح للسيطرة على الوضع الأمني غير المستقر في البلاد بسبب جماعات لديها دوافع مختلفة لمهاجمة الحكومة. حيث كان الهجوم مظهرا واضحا من مظاهر الاعتراض على الحكومة الجديدة. 
 

وبحسب تحليل استراتفورد ، فإنه واستنادا إلى المعلومات الحالية، بما في ذلك أنماط الهجوم السابقة والقدرات الصاروخية وغير الصاروخية المعروفة، فإن الحوثيين هم الأكثر احتمالا ليكونوا المسؤولين عن هجوم مطار عدن. 
 

وبغض النظر عن الحوثيين، كان من الممكن أن ينفذ الهجوم العديد من الأطراف الأخرى مثل تنظيم "القاعدة" والقوات الجهادية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، وكذلك العناصر الانفصالية الجنوبية "المارقة" غير الراضين عن حكومة الوحدة. 
 

ووفقا لما قاله التحليل، ستظل الانقسامات الداخلية وانعدام الثقة داخل حكومة الوحدة الجديدة تعرقل نجاحها على المدى الطويل. وبالرغم أن الحوثيين هم المتهم الأول في هذه الهجمات وليس الانفصاليون المارقون، لكن التخريب المناهض للحكومة من قبل عنصر جنوبي أو شمالي غير راض عن تشكيل الحكومة سيظل يشكل خطرا أمنيا في الأشهر المقبلة. 
 

وأشار الى أنه إذا تدهورت البيئة الأمنية في اليمن، فسوف تنجر السعودية إلى صراع تريد الانسحاب منه. ويهدف تشكيل حكومة الوحدة إلى تقوية الحكومة اليمنية لمساعدة الرياض على الانسحاب من هذا الدور البارز، لكن إذا تعرضت حكومة الوحدة للخطر بسبب الاقتتال الداخلي أو المخاطر الأمنية والهجمات العنيفة، فستكافح من أجل الاعتماد على نفسها بدون الرياض. 
 

علاوة على ذلك، فإن الشاغل الأمني القومي الرئيسي للسعودية، الذي يقود سياستها تجاه اليمن، لا يقتصر فقط على دعم حكومة صديقة للرياض، بل التقليل أيضا من التهديد الذي يشكله الحوثيون ضد المملكة. 
 

وبالعودة إلى مقال الكاتب جورجيو كافييرو ، المشار إليه سلفا، فإنه ومع وصول إدارة أمريكية جديدة إلى السلطة في غضون عدة أسابيع، سيكون من المهم ملاحظة كيف تتغير سياسات واشنطن فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية والأزمة اليمنية.  كما سيكون من المهم أيضًا رؤية الديناميكيات المتغيرة بين الفصائل المختلفة داخل حكومة الوحدة هذه، ومدى نجاح تنفيذ اتفاق الرياض، إن وجد. 
 

ويختم الكاتب مقاله بالقول" بالطبع، هذه المشاكل الخطيرة بين المجلس الانتقالي والإصلاح موجودة جنبًا إلى جنب مع أزمات أخرى لا حصر لها من شأنها أيضًا أن تتحدى حكومة الوحدة هذه. فبدأ من فيروس كورونا ومرورا بالقتال المستمر مع الحوثيين في الشمال، ووصولا لكون البلاد مسرح أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، فإنه لا يوجد نقص في المشاكل يجعل الحكم صعبًا للغاية بالنسبة لهذه الحكومة التي اجتمعت مؤخرًا تحت رعاية السعودية، وواجهت وصولا محفوف بالمخاطر إلى عدن في نهاية عام 2020".