أفادت دراسة أميركية بأن الأشخاص المتفائلين يتمتعون بصحة نفسية أفضل وقدرة أكبر على التكيف مع الضغوط طويلة الأمد؛ مما يساعدهم على تجاوز الأزمات بمرونة.
وأوضح باحثون من جامعتي سيراكيوز وولاية ميشيغان في الدراسة التي نشرت نتائجها بدورية «Journal of Research in Personalit» أن التفاؤل وهو (النظرة الإيجابية التي تدفع الأفراد إلى توقع الأفضل حتى في الظروف الصعبة)، يعزز من الشعور بالرفاهية ويحفز الأفراد على تبني عادات صحية، بينما يرتبط التشاؤم بسلوكيات أكثر خطورة.
واعتمد الباحثون على بيانات من دراسة الصحة والتقاعد، وهي دراسة واسعة النطاق تشمل عينة تمثيلية من الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً فأكثر. وفي عام 2016، أجاب المشاركون على استبيانات تقيس مستويات تفاؤلهم وتشاؤمهم، وخلال جائحة كوفيد-19 (بين مارس/ آذار ومايو/أيار 2020)، تمت متابعة سلوكياتهم الصحية، مثل ارتداء الكمامة، والسفر، والبقاء في المنزل.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الأكثر تفاؤلاً كانوا أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط طويلة الأمد، مثل جائحة كورونا، حيث سجلوا مستويات أقل من القلق والتوتر والشعور بالوحدة، وكانوا أكثر مرونة في مواجهة التحديات.
كما بينت الدراسة أن انخفاض مستويات التشاؤم ارتبط باتباع سلوكيات وقائية أفضل، مثل تجنب السفر وقضاء المزيد من الوقت في المنزل، والانخراط في أنشطة مثل التأمل أو مشاهدة التلفاز. ولم يكن التفاؤل مرتبطاً مباشرة بالسلوكيات الصحية، لكنه لعب دوراً أساسياً في تعزيز التكيف النفسي والتعامل الإيجابي مع الأزمات. وأرجع الباحثون ذلك إلى عوامل عدة، منها ممارسة أنشطة بدنية منتظمة تسهم في تحسين الصحة النفسية، والتمتع بدعم اجتماعي قوي، ما خفف من الشعور بالضغط النفسي، بالإضافة لاتباع نهج إيجابي في التعامل مع المشاكل، ساعدهم على التكيف مع الأوضاع المتغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن الأفراد الأقل تشاؤماً اتخذوا إجراءات وقائية أفضل خلال الجائحة، مثل تقليل السفر، والبقاء في المنزل، وممارسة التأمل، والعمل في الحدائق، إلى جانب التزامهم بالإرشادات الصحية، ومنها ارتداء الكمامة وتقليل التواصل المباشر مع الآخرين.
وأكد الفريق أن التفاؤل لا يعني تجاهل المخاطر، لكنه يعكس قدرة الفرد على رؤية الفرص حتى في الأوقات الصعبة، مما يدفعه إلى البحث عن حلول فعالة والتكيف مع الظروف الجديدة. في المقابل، يؤدي التشاؤم إلى الاستسلام وزيادة مستويات التوتر والضغط النفسي.
وأشار الباحثون إلى أن تبني عقلية متفائلة يمكن أن تصبح أداة قوية لمواجهة التوتر، مما ينعكس إيجابياً على الصحة النفسية كما شددوا على إمكانية استخدام هذه النتائج في تصميم برامج توعوية تعزز التفكير الإيجابي والسلوكيات الصحية خلال الأزمات الصحية أو الاقتصادية.
وأوصى الباحثون صناع القرار بتطوير استراتيجيات لدعم الصحة النفسية للسكان، خصوصاً خلال فترات الأزمات الطويلة. وأكدوا أنه رغم صعوبة تغيير عقلية الشخص بسرعة، فإن تقليد سلوكيات المتفائلين، مثل ممارسة الرياضة والبحث عن الدعم الاجتماعي، يمكن أن يعزز الرفاهية النفسية.