هنا عدن | متابعات
بعينين لامعتين مليئتين بالفخر والفرح تستذكر مريم أول مرة قادت فيها طائرة بشكل منفرد. "كانت أكثر اللحظات توتراً وتأثيرا في حياتي، شعرت ان السماء كلها لي وحدي".
في حكاية إصرار ملهمة تعكس عزيمة الفتيات اليمنيات على كسر القيود وتحدي المستحيل، تمكنت "مريم عبدالله عبدربه" وهي شابة من محافظة "أبين" جنوب اليمن من تحقيق حلمها الذي بدا للوهلة الأولى بعيد المنال، لكنه لم يكن مستحيلاً لتصبح أول فتاة من محافظة أبين، وثاني يمنية، تتخرج من كلية الطيران بالأكاديمية المصرية، وتحصل على رخصة قيادة الطائرات، بعد رحلة شاقة امتزجت بالتحديات وذللتها الطموحات الكبيرة.
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود أمام الكابتن "مريم عبدالله عبدربه" منذ لحظة التحاقها بالأكاديمية المصرية للطيران، لكنه كان معبداً بالإصرار، والإيمان.
كانت مريم مؤمنة بان الفتاة اليمنية مثلما نجحت في أن تكون طبيبة ومهندسة ومعلمة ناجحة بوسعها أن تكون طيارة وأن تحلق في السماء بنفس جودتها ومهارتها وكفاءتها على الأرض.
وها هي اليوم، بعد تخرجها، تتحول رحلتها من مجرد قصة نجاح شخصية إلى بارقة أمل لجيل كامل من الفتيات اليمنيات اللواتي يبحثن عن الأمل في قلب الصعاب رغم ما تمر به اليمن من صعاب.
أن تحلق فتاة يمنية في السماء، وسط مجتمع يضج بالعقبات الاجتماعية والثقافية، فهذا يعني أن سقف الطموح لم يعد له حدود، وأن الإرادة الصلبة قادرة على تجاوز كل الحواجز، مهما بلغ ارتفاعها.
تروي الكابتن مريم لـ"المصدر اونلاين" حكايتها مع تحقيق حلمها بلغة الامل والعزيمة، مؤكدة أن الطيران لم يكن فكرة طرأت لحظة ما من حياتها ، بل "وُلدت معها"، كما تقول،: "منذ صغري وأنا أشعر أنني خُلقتُ لأكون هناك... بين الغيوم".
وفي لحظةٍ تفيض بالفخر، تصف مريم في حديثها لـ"المصدر أونلاين" شعورها اليوم بعد أن أصبحت ثاني أمرأه يمنية تقود طائرة : "لا يهم إن كنت الثانية أو الثالثة، النجاح لا يُقاس بالترتيب، بل بالأثر، وأنا فخورة بحُب الناس وبعيون الشباب التي رأت فيّ انعكاسًا لأحلامهم".
وحول التحديات تقول مريم إنها واجهت الكثير، لكنها لم تكن ترى في كونها فتاة في مجتمع لا يؤمن بقدرة المراة على تحقيق مثل هذه الإنجازات، لقد آمنت بأن "قمرة القيادة لا تفرّق بين رجل وامرأة، الأمر يتعلق بالعزيمة والاجتهاد".
وتؤكد أن أكثر ما ساندها كان دعم عائلتها ومحيطها: "رغم إدراكهم لصعوبة ما أقدمت عليه، إلا أنني وجدت فيهم العون والدفع للأمام، فالشغف يجعل الأمور ممكنة".
ورغم ما واجهته من نظرات تقليدية أو تساؤلات مشككة، تعاملت مريم معها كوقود ساعدها على إكمال الطريق: "في البداية كانت قاسية، لكنها أصبحت أجمل بعد أن تحقق الحلم".
أما عن اللحظة التي شعرت فيها أنها كسرت المستحيل، فتؤمن مريم أن "كل لحظة في الرحلة كانت دليلًا على أن لا مستحيل أصلًا، إذا وُجد الإصرار".
وواصلت " كنت أتمنى أن أتدرب في سماء اليمن، أن تكون خطواتي الأولى هنا في بلدي ، لكنني الآن أتمنى أن تتوفر هذه الفرصة لغيري: يجب على الجهات المختصة أن تفتح أبواب الأمل للفتيات اللواتي يسعين وراء أحلامهن".
وحين سُئلت عن رسالتها للفتيات، أجابت بإصرار: "لا تختلف مريم عن أي فتاة يمنية... كلنا قادرون، الفرق فقط في المحاولة".
وفيما يتعلق بمستقبلها، تؤكد مريم أن طموحها لا يتوقف عند الرخصة: "أتمنى أن أبدأ مشواري المهني وأُمثل بلدي في الداخل والخارج، لأن التوقف عن ممارسة الطيران يضر بمستقبلنا كمهنيين، والطيران علمٌ يتطور يومًا بعد يوم".
وتشير إلى أن أكثر ما أدهشها بعد نجاحها كان حجم الدعم الذي تلقّته من الشباب اليمني: "فخورة جدًا بهذا الجيل الذي يُؤمن بالمرأة ويقف معها".
أما عن الشخصيات الملهمة، فتقول: "الحلم سكنني قبل أن أتعرف على أي نموذج، لكن رؤية نساء مثل الكابتن روزا عبدالخالق وغيرهن كانت دائمًا تثير إعجابي وتُشعل الحُلم في داخلي".
وفي ختام حديثها لـ"المصدر أونلاين"، تُعبر مريم عن أمنيتها الأكبر: "أن أرى الطيران اليمني في ازدهار، لأننا جميعًا بذلنا جهدًا كبيرًا ونستحق أن نحلق في سماء بلدنا".
وتبقى قصة الكابتن مريم عبدالله عبدربه ألتي أصبحت اليوم رمزًا للأمل والإلهام، مثالًا حيًا على القوة والإرادة التي لا تعرف حدودًا، وتُثبت أن السماء ليست سوى بداية لطموحات الفتيات اليمنيات.
المصدر اونلاين