ذات مساء، من مساءات نيسان، راقبتُ الغروب بسمائهِ المُضرجة. كان مشهدا مهولا، جعلني أفكر كم كنتُ قبيحاً! تذكرتُ شيئاً قرأته في رواية دان براون “ملائكة وشياطين” عن تأثير “المادة المضادة”، الذي يُمحو المادة، ما جعلني أوقن حقاً أن لكل شيء ضده: الليل والنهار، الخير والشر، الحب والكراهية… توالت الثنائيات في ذهني. عزمت على البحث عن الحب.
كانت روحي ملبدة بالسواد، فالتعاسة تضرم في داخلي نيران الحقد على الناس. وصف القمرِ بالجمال كان يثير اشمئزازي، فالفجوات قد لطخت وجه بدره، كما أنه متحول على الدوام، لم يكن بمظهرٍ مستقر؛ فأياماً يكون مقوساً كعجوز لا يشي بجماله شيء، وأياماً أخرى يكون في مقتبل شبابه… كانت الشمس تروقني كثيراً، حتى ظننتها تمثلني؛ لم يتقرب مني أحدٌ إلا أحرقته بألسنة كرهي للإنسان.
رحت أبحثُ عن الحب في كل الأرجاء. كم كان صعباً أن أجده!!
لطخت الدماء تلك الطبيعة الخلابة. والبارود ملأ رئات الورودِ التي أبكت النحل بذبولها. كنتُ مسيجاً بالكراهية. هربت من كل هذا بحثاً عن محبوبتي (الرواية) التي سأربح بها سعادتي.
كان الطريق وعراً. كثبان رملية، أرض قاحلة، ريح لفوح… كما لو كنت أبحث في بيداء! أرهقني العطش، ورافقني الجوع.
ليلاً، اهتديت بالنجوم إلى تلك الأرض المُزهرة بالحب؛ لكن دون جدوى!
عانيتُ كثيراً. سلكتُ دربي بقلب حافٍ مشقق بالجروح. مررت بعدة تَجارِبِ؛ ولكنني سرعان ما كنت أنكفئ إلى وحدتي. سلختُ ثلاثة أشهر في البحث لإثبات تلك النظرية.
وبينما كنتُ أسير بشغف، رأيتُ طيفاً ملائكياً مقرفصاً خلف ركام، ينظر إلى النجوم. اقتربت مراقباً تأمله للسماء. ينتحب بشدة مما بدا لي أنه اللوعة، وحرب مشاعره. دنوت أكثر. وجدتها فتاة يانعة! أحسستُ بوخزٍ في قلبي حينما سمعتها تعاتب الله على أن خلقها، وينهمر الدمع من عينيها. علمتُ لاحقاً أن بكاءها كان بسبب أهلها. اقتربتُ أكثر بشعور آخر. نضَحَتْ روحي من ثمرات عينيها. أطلقتُ تنهيدة نابذًا حزني.
اكتشفتْني! لقد وقعتُ فيها! أهي الحب المُنتظر لأضرب بها قولي هذا؟! اِلتفتت إليّ مُداعبة مشاعري بنظراتها! نادتني بصوت مبحوح، فأرهقت قلبي!
أثملت روحي بسؤالها حين رأتني شارداً: من تشتاق؟!
أجبرتني مشاعري بدون وعي: