2021/12/02
الضالعي : دولة الجنوب قادمة لامحاله لكنها هدف بعيد المنال

كتابات

محمد عباس ناجي الضالعي

في عام 2007م عقد الجنوبيون في جمعية ردفان بعدن اجتماعاً وقالوا أنهم توصلوا إلى مصالحة جنوبية _ جنوبية _ اطلقوا عليها (التصالح والتسامح)، ولكنها فشلت في أول اختبار لها، وهي هذه الحرب التي نعيشها اليوم، وفي اعتقادي أن ذلك الفشل يعود إلى عدة أسباب تاريخية وواقعية، منها:

1. قامت الأطراف بتلك المصالحة بدون أسس سليمة، إي أشبه بمن يقوم ببناء بيت بدون اساس، أي أنها مصالحة قامت دون اعتراف ومصارحة بما اقترفه كل طرف وكل شخص تجاه شعبه، وطلب الصفح من هذا الشعب، وهذا ليس عيباً، ولهذا كان من الطبيعي أن يكون مصير هذه المصالحة الفشل.

2. من يطلع على تاريخ الجنوب سيجد أن الاطراف التي حكمت الجنوب منذ الاستقلال أخرجت عدة وثائق نقدية تنتقد فيها تجربة الحكم في الجنوب، ولكنها لم تكشف حقيقة الصراع بأنه كان على السلطة والثروة وصراع مناطقي وجهوي يتم تغليفه بطابع سياسي وشعارات ثورية كاذبة وتحمل الطرف المهزوم كل الاخطاء وتبرئ الطرف المنتصر، لهذا كانت تلك الوثائق مجرد كلمات لا تساوي الورق التي كتبت عليه.. وفي هذه المصالحة التي تم الحديث عنها سارت في الطريق ذاته.

3. نحن شعب لم نتعلم القبول بنقد ومعارضة الطرف الآخر لنا ونعترف بحقه في المشاركة في السلطة والثروة.. ولا نقبل حتى بنقدنا لأنفسنا سراً .. فهل سمعتم عن شخصية جنوبية أعتذرت لشعبها عن خطأ اقترفته بحقه وما أكثر تلك الاقترافات المشينة.. وقد اضحكني تعبير عن وقائع الصراع في أحداث يناير 1986م لأول شخص فاعل فيها، يقول فيه ( ليس المهم من أطلق الرصاصة الاولى) أي أنه يعبر أنه غير نادم على إطلاق أول رصاصة على ابناء شعبه.

4. نستورد مصطلحات خارجية بما فيها مصطلح المصالحة، ونبالغ في مقدرتنا على حجم العمل بها. بل ونزايد في الحديث عن تطبيقها، ولا نعترف بواقعنا القبلي والمناطقي المتخلف جداً والفاسد والذي انعكس بوضوح اليوم في نشاط الأطراف المتنافسة في الجنوب وبشكل جلي فقد أظهروا أبشع أنواع الجشع والسلب والنهب والقتل للانسانية.

5. حاول البعض منا وهروباً من مواجهة حقيقة الصراعات التي شهدها الجنوب بتحميل الجنوبيين الذين تعود أصولهم إلى اليمن الشمالي ولاسيما من محافظتي تعز وإب، ويتعامى عمن هم من محافظة البيضاء لغرض في نفسه.. صحيح هناك دور لتلك العناصر في الصراعات السابقة باعتبارهم مواطنين جنوبيين ولكن الدور الأساسي كان لابناء الجنوب الآخرين.. وترديد مثل هذه الاكذوبة التي أصبح الكثير منا مع الأسف الشديد يعلق كل أخطائنا عليها تثبت أننا شعب غير جدير بوطننا العظيم وليس لدينا القدرة على حكمه وبناءه.

6. ما يدل على اكذوبة أن الشماليين هم سبب صراعات الجنوب السابقة الواقع الذي نعيشه في هذه الحرب بين أن الجنوبيين انقسموا إلى فريقين: الأول، بقيادة عبدربه منصور هادي وزمرته المتآمرة ويدعون أنهم مع الوحدة وهم بعيدون عنها بعد الشمس عن الأرض، لأن بقائها سيكون أكبر ضرر عليهم.. والطرف الثاني، بقيادة عيدروس الزبيدي وزمرته الفاسدة، ويدعون أنهم مع استعادة دولة الجنوب وهم بعيدون عن ذلك بعد الشمس عن الأرض.. هذا الصراع هو اخفاء لنوايا رفض الآخر ومشاركته في الحكم والثروة، ولكننا نقبل بالطرف الخارجي من اليمن الشمالي لتسخيره ضد بعضنا البعض وقبلنا أن نكون عبيد لدى تحالف الاحتلال السعودي الاماراتي الذي عمق الشرخ الجنوبي اكثر وأشعل الحروب بيننا ونقتل أنفسنا في جبهات القتال في سبيل تنفيذ أوامره تحت ذرائع مختلفة حتى نحصل على ألف ريال سعودي والصرفة اليومية، أي اصبحنا شعب مرتزق ليس لديه قضية عادلة.. أليس هذا الأمر يدلل أننا شعب غير جدير بوطن عظيم اسمه الجنوب.

7. أثبتت الصراعات التي شهدها الجنوب أننا نقتل العقول النيرة لأننا نخاف ان تشاركنا في الحكم والثروة، ولكننا نصفح عن العقول الفارغة. بل نبجلها حتى نتمكن من حكمها .. ولهذا في ظل غياب العقول النيرة لن تكون هناك مصالحة حقيقية اطلاقاً.

8. لن تنجح أي مصالحة جنوبية _ جنوبية _ ولاحوار جنوبي _ جنوبي _ في ظل وجود رموز الخلافات السابقة على قيد الحياة.. صحيح أنهم غير موجودون على الأرض ولكن نوابهم موجودون ويقومون بنفس الدور. بل وبصورة أكثر بشاعة.. واسسوا مليشيات مسلحة للحرب القادمة فيما بينهم وحتما ستشتعل ذات يوم قريب.

أخيراً أقول أن دولة الجنوب المنتظرة قادمة لا محالة ولكنها هدف بعيد المنال ومن سيحققونها مازالوا غير معروفيين حتى اللحظة وعليهم الاستعداد لتقديم تضحيات كبيرة وغالية للوصول إليها.

تم طباعة هذه الخبر من موقع هنا عدن https://huna-aden.com - رابط الخبر: https://huna-aden.com/news68766.html