كشف تقرير استقصائي لمنظمة "سام" للحقوق والحريات عن تطوّر آليات ومنهجية مليشيا الحوثي لنهب ومصادرة أموال خصومها ومعارضيها، منها الطرق القسرية إلى عمليات النّهب المنظمة عبر شبكات شملت القضاء والبنك المركزي والأمن والمخابرات التابعة للمليشيا، إضافة لما يسمى "الحارس القضائي".
و"الحارس القضائي"- بحسب تقرير منظمة "سام"- استولى على أكثر من مليار و700 مليون دولار من قيمة واردات الأموال والشركات والمؤسسات والجمعيات.
تقرير المنظمة أشار إلى أن وسائل النّهب على الممتلكات تتطابق مع اقتصاد الحرب وغسيل الأموال، فحتى منتصف العام الماضي صادرت المليشيا الحوثية المليارات من الأموال المحجوزة في حسابات مصرفية، وممتلكات خاصة يملكها أو يديرها أكثر من 1250 شخصاً في العاصمة صنعاء، جميعهم من المعارضين للحوثي.
وفي هذا السياق، يقول رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، توفيق الحميدي: "إن ما ورد في التقرير يعد بمثابة رأس جبل الثلج".
وأضاف الحميدي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أن "الكثير من الضحايا، الذين وقعوا تحت مقصلة "الحارس القضائي" للحوثيين، يخشون من الإدلاء بشهاداتهم أو أية معلومات تفصيلية كذلك".
ويفيد أن "تقرير المنظمة شمل خمس محافظات يمنية تقع تحت سيطرة الحوثيين، وهي صنعاء وتعز وإب، وكذلك مأرب وصعدة".
ويوضح الحميدي أن "التقرير اعتمد على منهجية قائمة على ثلاثة مستويات، حيث إن المستوى الأول يمثل الضحايا الذين أجبروا على مغادرة اليمن والسفر خارجها، وهم الذين تمت مقابلتهم، وتوثيق شهاداتهم".
ويتابع: "المستوى الثاني هم الذين بقوا في اليمن، وربما انتقلوا من محافظة إلى أخرى، وهؤلاء تم التواصل معهم بصورة مباشرة والجلوس معهم، وتوثيق شهاداتهم عبر الفيديوهات والاستمارات، فيما المستوى الثالث هم الذين تم توثيقهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ويلفت الحميدي إلى أن "التقرير سلط الضوء على الحارس القضائي باعتباره الجهة الأولى في هذه الممارسات، والذي أصبح مؤسسة أقوى من المؤسسات الاقتصادية الأخرى، كما أنه أصبح اقتصاد موازٍ للاقتصاد اليمني أيضا".
ويشير الحميدي إلى أن "مصطلح الحارس القضائي في القانون اليمني له شروطه وتعريفه، كما أن له آليات محددة قانونا من أجل إصداره أيضا".
ويرى الحميدي أن الحوثيين "يحاكون أفعال النظام الإيراني بعد الثورة الإيرانية، والتي تتمثل بالاستيلاء على الأموال وضخها باقتصاد موازٍ يراد تنميتها أو غسيلها بصورة أو أخرى".
ويعتقد الحميدي أن "هناك أدوات ساعدت هذا الحارس تتمثل بالجهاز الإعلامي والقضائي، وكذلك البنك المركزي اليمني في صنعاء أيضا".
بدوره، يقول الناشط الحقوقي موسى النمراني: "إن ما يقوم به الحوثيون من خلال الحارس القضائي هو امتداد للسلوك الامامي، الذي كان يمارس إذلال الناس من الناحية الاقتصادية وحرمانهم من حقوقهم وأملاكهم كذلك".
ويضيف النمراني أن "هذه الممارسات من قِبل مليشيا الحوثي تهدف إلى إرهاب الناس، وإسكات الأصوات الحرة، والتي يمكن أن تشكل خطرا على نظام المليشيا المتخلف الرجعي".
ويوضح النمراني أن "رؤوس الأموال والميسورين في المجتمع يشكلون بارقة أمل في تمويل المحاولات للتخلص من هذه الجماعة، وهذا هو الذي يُرعب الحوثيين".
ويلفت النمراني إلى أن الحوثيين "لا يقتصر نهبهم للأموال فقط، بل تعدوا ذلك إلى سلب اللقمة من أفواه الناس، وذلك من خلال حرمان الموظفين من المرتبات، وإرغاهم على العمل دون مقابل".
وبخصوص وجود مصطلح "الحارس القضائي" في القضاء سابقا، يوضح النمراني أن "هذا المصطلح كان يتواجد سابقا، ويعني بذلك بتعين شخص في حالة معينة كفساد شركة أو اختلاف ورثة على إرث، ولم يكن كمؤسسة كما هو عليه الحال عند الحوثيين الآن".
ويفيد النمراني أن "القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين يعد أداة من أدوات المليشيا، كما أن القضاة يأتمرون بأمر الحارس القضائي، ويخضعون له كذلك".
ويضيف النمراني أن "القضاة لا يصدرون الأحكام إلا بأمر الحارس القضائي كأوامر إطلاق السجناء أو أي قضية أخرى أيضا".