هنا عدن | خاص
ميتشغان|
في مشهدٍ يُجسِّدُ انتكاسةً مروعةً لقيم الإنسانية وتفككًا مخيفًا في منظومة القانون، تابع المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) الجريمة المروعة التي عاشها اليمنيين أمس، حين جابت مدرعة عسكرية شوارع مدينة جعار بمحافظة أبين، وهي تجرُّ على مقدمتها جثة المواطن "همّام اليافعي".
بحسب متابعة (ACJ) فإن "اليافعي" والذي كان يعمل بمحلٍ لإصلاح الهواتف في محافظة شبوة، تم التمثيل به يوم الأحد 13 أبريل 2025، بعد أن قُتل في عملية نفذتها قوات مكافحة الإرهاب التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، ليتم التمثيل بجثته ونقلها عبر عدة محافظات في مشهد دموي لا يمت للعدالة أو القانون بأي صلة، ويُحوِّل جثمان الضحية إلى أداة ترهيب جماعي، تنكأ جراح المجتمع وتستبيح ما تبقى من كرامة الإنسان.
يُشير "ACJ" إلى إن تحويل جثة إنسان إلى “رسالة أمنية” تحت ذريعة الانتماء لتنظيم داعش، هو انعكاس لانهيار خطير في المعايير القانونية والأخلاقية، ويكشف عن نهج انتقامي يُمارَس خارج مظلة القضاء، وتحت مبررات فضفاضة يُستخدم فيها الإرهاب ذريعة لتصفية الحسابات وتبرير الانتهاكات.
يؤكد المركز الأمريكي للعدالة على أن هذه الجريمة تمثل انتهاكًا سافرًا لقانون الجرائم والعقوبات اليمني، الذي يُجرِّم التمثيل بالجثث في مادته (226)، كما تُخالف المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف، التي تُصنف المعاملة المهينة لجثث القتلى ضمن الجرائم التي تستوجب المساءلة، وتُدرَج – في ظروف كهذه – ضمن جرائم الحرب، منوّهًا إلى أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة بالتحقيق في الجرائم، وتوجيه الاتهام، وإنزال العقوبات، ولا يجوز لأي جهة أمنية – مهما كانت الذريعة – أن تتجاوز هذا الاختصاص، أو أن تُحوّل الضحية إلى أداة دعائية أو أداة قمع نفسي تُمارَس ضد المجتمع بأسره.
وأضاف (ACJ) بأن اتهام الضحايا بالانتماء لتنظيمات إرهابية، وعلى رأسها داعش، بمثابة “الرخصة المفتوحة” لتبرير الانتهاكات والقتل خارج القانون، إن مكافحة الإرهاب لا تُبرر انتهاك القانون، ولا تتيح العبث بجثث الموتى، أو استخدامهم لترويع الأهالي.
إن مثل هذه الممارسات لا تحمي الأمن، بل تهدم أساسه وتحوّل أدوات مكافحته إلى أدوات قهر وعنف ممنهج.
لا بد من الإشارة إلى أن مشاهد تمزيق كرامة الإنسان حتى بعد وفاته، تُمثل تحريضًا مكشوفًا على الكراهية، وتُقوّض السكينة العامة، وتُضعف الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
كما تفتح الباب أمام مزيد من دوامات العنف والانتقام، وتُشعل الانقسامات المجتمعية على نحو لا يمكن احتواؤه مستقبلاً.
يطالب المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) بفتح تحقيق قضائي عاجل ومستقل في جريمة قتل وتشويه جثة “همام اليافعي”، بإشراف النيابة العامة، وبمشاركة قضاة مستقلين، مع نشر نتائج التحقيق للرأي العام، ومحاسبة جميع المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن هذه الجريمة، وفقاً للمعايير القانونية المحلية والدولية.
كما يطالب بوقف التذرّع بتهم الإرهاب لتبرير الانتهاكات، والتحقيق في جميع الحالات السابقة التي استُخدم فيها هذا الاتهام كغطاء لجرائم تصفية أو انتقام سياسي أو مناطقي، ويدعو المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل، وخاصة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للضغط من أجل مساءلة الجناة ومنع تكرار هذه الانتهاكات التي تُشكّل جرائم ضد الكرامة الإنسانية.
ختاماً نؤكد على أن العدالة التي تُداس تحت عجلات المدرعات، لا تُقيم دولة، ولا تُنهي إرهاباً، بل تُعيد المجتمع إلى غياهب الانتقام والفوضى، وإن صمت الجهات الرسمية والدولية على مثل هذه الانتهاكات، لا يُعدّ حياداً، بل تواطؤاً يخدم منطق القوة على حساب القانون، ويشرعن جرائم لا يسقطها الزمن.