2025/04/26
مركز حقوقي: المعتقلون السياسيون في الإمارات رهائن رأي

أكد مركز مناصرة معتقلي الإمارات أن المعتقلين السياسيين ونشطاء الرأي في الإمارات ليسوا سوى رهائن رأي اختُطفت حرياتهم على يد منظومة أمنية تخشى الكلمة وتُجرّم النقد.

وقال المركز في بيان له اطلعت عليه “إمارات ليكس”، إنه بينما تسعى الإمارات لتقديم نفسها كواحة للتسامح والانفتاح، تستمر في احتجاز عشرات المواطنين الذين لم يرتكبوا أي جرم سوى التعبير عن آرائهم أو المطالبة بإصلاحات سلمية.

وأبرز المركز أن هؤلاء المعتقلون السياسيون، ومن بينهم أكاديميون ومحامون وناشطون، لم يحملوا سلاحًا ولم يدعوا إلى عنف، بل مارسوا حقهم المشروع في التعبير والمطالبة بالإصلاح عبر قنوات سلمية، بعضها كان حتى في إطار الحوار مع الدولة نفسها.

ونبه إلى أنه رغم أن الإمارات طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أن ممارساتها اليومية تخالف جوهر هذه الالتزامات.

فمنذ حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت عشرات الإصلاحيين والمثقفين عام 2012، وحتى اليوم، تتوالى التقارير الحقوقية التي توثق محاكمات تفتقر إلى معايير العدالة، واحتجازًا تعسفيًا طويل الأمد، وتعذيبًا نفسيًا وجسديًا، وحرمانًا للمعتقلين من أبسط حقوقهم كالتواصل مع العائلة أو اللقاء بمحامٍ مستقل.

وأكد المركز أن ما يحدث في الإمارات لم يعد يُفسر على أنه تطبيق صارم للقانون، بل هو في حقيقته استخدام انتقائي ومسيّس للنصوص القانونية من أجل خنق أي صوت مستقل أو ناقد.

وقد تحولت بعض القوانين، وعلى رأسها قانون مكافحة الإرهاب وقانون أمن الدولة، إلى أدوات فضفاضة بيد السلطة، تُستخدم في محاكمة أصحاب الرأي لمجرد أنهم عبّروا عن تطلعاتهم أو رفضهم لانتهاك كرامتهم.

وسبق أن لخّص الدكتور محمد الركن، أحد أبرز معتقلي الرأي في الإمارات، هذا الواقع بكلمات واضحة وجارحة قالها لرئيس النيابة: “نشعر في سجن الرزين بأننا رهائن ولسنا مساجين، السجين يحكمه قانون، أما الرهينة فهو تحت رحمة الخاطف”.

وعلق المركز بأن هذه العبارة ليست تعبيرًا مجازيًا، بل وصف دقيق لحالة عدد من المعتقلين الذين انتهت محكومياتهم منذ سنوات، ولكنهم لا يزالون محتجزين بحجة “المناصحة” أو يُعاد محاكمتهم في قضايا جديدة، كما حدث في “قضية العدالة والكرامة”.

وشدد على أن الواقع على الأرض يفضح التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي للدولة والممارسات الفعلية داخل سجونها. فهؤلاء المعتقلون ليسوا مجرد أرقام أو ملفات، بل هم آباء وأبناء وأساتذة وحقوقيون، لكلٍّ منهم قصة موجعة وواقع إنساني يزداد قسوة.

من بين هؤلاء: الشيخ محمد عبد الرزاق الصديق، العالم المتخصص في العقيدة، والدكتور ناصر بن غيث، الخبير الاقتصادي المعروف، وعبد السلام درويش، القاضي السابق، وأحمد منصور، أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الخليج. كلٌّ منهم سُجن لأنه عبّر، لا لأنه خان.

وتشير التقارير الميدانية إلى أن سجن الرزين، حيث يُحتجز أغلب هؤلاء، يُعد من أسوأ أماكن الاحتجاز في المنطقة من حيث المعاملة القاسية والحرمان المتعمد من الاحتياجات الأساسية.

أما عبد الله الهاجري، فهو مثال آخر على العبث القضائي، إذ أنهى محكوميته كاملة، ثم بقي في سجن “المناصحة” لست سنوات دون سند قانوني، قبل أن يُعاد تقديمه للمحاكمة ضمن قضية جماعية جديدة.

رغم هذه الانتهاكات المتكررة، ما زالت الإمارات تحظى بصمت دولي مريب. فالعديد من الدول تغلّب المصالح الاقتصادية على القيم الحقوقية، وتغض الطرف عن أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات مقابل صفقات السلاح والاستثمار.

ومع ذلك، تواصل منظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وفرونت لاين ديفندرز، المطالبة العلنية بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وفتح تحقيقات مستقلة في ظروف احتجازهم ومحاكماتهم.

وختم المركز بأن وصف هؤلاء الأحرار بـ”المجرمين” هو تشويه متعمد للواقع، ومصادرة للكرامة الإنسانية. فالجريمة الحقيقية ليست ما فعلوه، بل ما فُعل بهم. الجريمة هي هذا التواطؤ الرسمي مع الظلم، وهذه المنظومة التي تحتجز الإنسان لأنه فكر، وتعاقبه لأنه كتب، وتكتم أنفاسه لأنه طالب بالكرامة.

وشدد على أن المعتقلين السياسيين في الإمارات ليسوا سوى رهائن رأي، اختُطفت حرياتهم على يد منظومة أمنية تخشى الكلمة وتُجرّم النقد. هم ضمير حي في زمن صامت، وصرخة حرة خلف جدار الصمت الرسمي. ومن واجبنا، كحقوقيين ومواطنين وأحرار، أن لا نصمت. فحرية التعبير لا تُجزّأ، والكرامة لا تُؤجَّل، والحق لا يسقط بالتقادم.

تم طباعة هذه الخبر من موقع هنا عدن https://huna-aden.com - رابط الخبر: https://huna-aden.com/news85107.html