هنا عدن | متابعات
وجه الأب مانويل مسَلَّم، راعي كنيسة اللاتين السابق في غزة وعضو الهيئة المسيحية الإسلامية لنصرة المقدسات، رسالة إلى أهل غزة تحثهم على الصمود والثبات مستشهدا باقتباسات قرآنية.
وبكلمات مؤثرة استهل الأب مانويل رسالته التي اعتبرها “رسالة شيخ شارف على الوداع”.
رسالة مودع
وقال “يا أهلنا الأحباء في غزة المتألمة أنا الشيخ الذي عشت بينكم 14 سنة ابنا وخادما لكم أكلمكم اليوم وقد شارفت على وَداعِكم بعد أن بلغتُ من العمر عتيّا والحمد لله.. ما رأيتُ وما عرفتُ في هذه البلاد سلاما ولا كرامة”.
وأضاف “حياتنا كانت دائما مهددة. ما عرفنا استقرارا ولا نعِمْنا بفرح فردي أو أُسَري أو شعبي. لم نشعر أن أعداءنا اهتموا يوما بالسلام؛ لذلك ما توقفوا أبداُ عن قتالنا حتى اليوم”.
وتابع “عدونا كان يعتبره العالم فوق القانون ويحميه بالفيتو والسلاح والإعلام والقوة. وحتى اليوم عدونا يشعر بالأمان من العقاب ويثق بالإفلات منه. بل يتجرّأ ويعاقب المَحاكم الدولية التي تلاحقه والحكّام الدوليين”.
خذلان عربي ودولي
ووجه الأب مانويل انتقادات قوية للمجتمع الدولي وقادته، و”للشعب العربي وقادته”. وقال “سَلَبَنا عدونا كل حقوقنا وعجزت قوانين العالم أن تعطينا حقا واحدا قرَّرَتْه لنا هيئة الأمم. ما حمانا قانون دولي ولا هيئة رسمية. حتى شعبنا العربي وقادته الأشاوس ما حمونا. لذلك تشعرون بضعفكم وتطلبون عبثاً النجاة وإنهاء الحرب عليكم والإبادة والتشريد والشتات”.
وأضاف “العالم يراكم، أطفالا وشيوخا ورجالا ونساء تموتون جوعا وعطشا صارخين باكين. إنه يراكم. يسارع العالم بإيقاع عقوبات صارمة وقاهرة ومؤلمة على روسيا وإيران وكوريا الشمالية واليمن وغيرها لأنها في نظرهم اعتدت على آخرين. لكن على إسرائيل حتى اليوم لم يقع عقاب واحد”.
واستطرد “مِن أجلكم ومن أجل إنسانيتكم وحقوقكم ما ساندكم العالم بقنينة ماء أو رغيف خبز بل ضاقوا بكم ذرعا، عربا ومسلمين ومسيحيين، دُوَلا وشعوبا، كما ضاق بكم بعض شعبنا في الضفة الغربية“.
وتابع “لكننا نرفع القبّعة ونشكر وننحني أمام جميع المتظاهرين من أجلنا في العالم وكل شجعان العالم الذين قالوا لإسرائيل: (لا لحربك على غزة)، ولجميع من ساعدنا عسكريا أو إعلاميا أو إغاثيا”.
تدافعون عن كل المظلومين
ورأى الأب مانويل أن ثبات أهل غزة على موقفهم هو الذي يقاوم الاحتلال ويدافع عن كل المظلومين في العالم، على حد وصفه.
وقال “اعلموا يا إخوتنا المتألمين في غزة أن الظالمين الطغاة المتجبرين الغزاة المحتلّين هم في الأصل ضعفاء لكنهم يستمدون قوتهم وطغيانهم وتفوقهم علينا من ضعفنا إن ضعفنا ومن خوفنا إن خفنا ومن استسلامنا إذا استسلمنا”.
وزاد “حين تقبلون ألَمَكم وشتاتَكم وجراحَكم ودموعَكم وإعاقتَكم وموتَكم وهدْمَ منازلكم وجوعَكم وعطشَكم- وهذا مستحيل- تدافعون عن كل المظلومين في العالم. بشجاعتكم وصبركم وثباتكم تبحثون عن حريتكم وحرية جميع المظلومين والأسرى في العالم. وترسلون تحية خاصة لأسرانا البواسل الصابرين القابضين على جَمْر سَحْقِهم”.
مدرسة غزة
وقال مسلم “لن يتعلم العالم معنى الحرية والديمقراطية والسلام إلا إذا مرّ وتعلّم في مدرسة آلامكم كيف تُكتسب تلك القيم. مَن لديه هدف مثلكم أي النجاة والحياة والكرامة والتحرير فليس لديه طريقة إلا مقاومة آلام الحرب ونار جحيمها”.
وأضاف “أعرف أن كلامي هذا عَوَرَةٌ حقيقية في الظروف غير الإنسانية التي تعيشونها. لذلك أنحني بل أركع أمام آلامكم. وأعترف أني كنتُ شجاعا أنني رغم ذلك كلمتكم وما كان بوسعي ولا من حقي ولا من تضامني الكامل مع آلامكم إلا أن أقول لكم: اصبروا وصابروا. لا تستسلموا ولا تَهِنُوا لأنكم الأعْلَوْن”.
وعُرف الأب مانويل بمقاومته للاحتلال ودفاعه المستميت عن القدس وعن المقاومة الفلسطينية، كما عُرف بمطالباته المتكررة بإنهاء الانقسام والوحدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو صاحب الجملة المشهورة “إن هدموا مساجدكم ارفعوا الأذان من كنائسنا”، إذ قالها أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014.
المصدر: الجزيرة مباشر