هنا عدن | متابعات
ضداً على ما جرت عليه العادة من خطابات طويلة للزعماء السياسيين وخصوصاً في المنطقة العربية ذهب الرئيس السوري أحمد الشرع إلى اختصار كلمته في أقل من دقيقة جمعت بين إدانة العدوان والتضامن مع الدوحة، ووجد من المناسب لتكثيف المعنى استحضار بيت شعري لشاعر يمني قديم، وهو ما جعل كلمته محل تفاعل ونقاش واسع في أوساط رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
"متى تجمع القلب الذكي وصارماً وأنفاً حمياً تجتنبك المظالمُ" استدعاء هذا البيت في القمة العربية الإسلامية التي جاءت تالية لعدوان إسرائيلي على بلد عربي جديد ومجزرة إبادة مستمرة تنفذها في غزة من حوالي عامين، أعاد إلى الواجهة سيرة شاعر مخضرم ظل اسمه غائباً عن التداول، وتبارى ناشطون في نشر سيرته وأشعاره، معتبرين أن استحضار الشرع له يمثل إنصافاً متأخراً لـ"فارس همدان"، الذي جمع بين السيف والقلم، وبين الفروسية والصعلكة والشعر.
فمن هو صاحب هذا البيت الشعري الذي استشهد به الرئيس السوري أحمد الشرع؟
هو الشاعر اليمني عمرو بن برَّاقة الهمداني عاش في الجاهلية وأدرك صدر الإسلام، وينتمي عمرو بن براقة إلى بطن نَهْم من قبيلة همدان، وعُرف بشجاعته ومهارته في المعارك، ومنها يوم الرِّزم ضد قبيلة مراد، حيث خلد بطولاته شعراً، كما عاش مرحلة الصعلكة في شبابه، قبل أن يدرك الإسلام ويفد على الخليفة عمر بن الخطاب منشداً أبياتاً في مدحه.
ومن أبرز ما تداوله اليمنيون اليوم من شعره: "وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم فهل أنا في ذا يا لَهمدانُ ظالم؟".
لم يقتصر التفاعل على الجمهور العام، بل امتد إلى صحفيين وكتاب وشعراء وإعلاميين. الصحفي يحيى الثلايا كتب على صفحته: "بهذا البيت الشعري الهمداني استشهد اليوم الأستاذ أحمد الشرع في قمة الدوحة.. صح لسانك بو حسين ورحم الله قايلها".
الشاعر عامر السعيدي علق قائلاً: "أقسم بيقين لا شك فيه، أن أغلب أبناء اليمن الذين تناقلوا البيت الشعري بعد سماعهم له من الرئيس السوري، لم يكونوا يعلموا من قبل من هو ابن براقة، فضلاً عن كونه يمنياً، رغم شهرة قصيدته في الشعر العربي. وهذه مشكلة قديمة أشار إليها الشوكاني بتهكم وهو يترجم للأعلام، إذ لم يجد أثراً ليمني عن يمني".
أما الإعلامي محمد الشيخ من نواكشوط فكتب: "كلمة الرئيس السوري لخصها في قول عمرو ابن براقة: متى تجمع القلب الذكي وصارماً... وأنفاً حميّاً تجتنبك المظالمُ". ليته أكمل حتى قول الشاعر: فلا صلح حتى تقرع الخيل بالقنا.. وتضرب بالبيض الرقاق الجماجمُ، لأن ذلك إعلان حرب.. بينما المجتمعون لم يعلنوا الحرب للأسف".
وبينما انشغل كثيرون بتفسير البيت الشعري كرسالة سياسية عن الجمع بين الحكمة والحزم في الحكم، وجد آخرون في الموقف فرصة لتذكير الأجيال الجديدة بتراث يمني عريق مهمش في الذاكرة العربية لقرون طويلة
المصدر اونلاين