هنا عدن | متابعات
في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف باليمن، تبرز قضية خطيرة تمس جوهر الشرعية الدستورية ومبدأ سيادة القانون، وهي إصدار المجلس الرئاسي اليمني 349 قرارًا خلال عام 2024، بينما لم يتم نشر سوى 12 قرارًا فقط* في الجريدة الرسمية، بحسب الإحصائيات المتداولة.
الأساس القانوني للنشر في الجريدة الرسمية
وفقًا للقانون اليمني، فإن الجريدة الرسمية* هي الوسيلة القانونية الوحيدة لنشر التشريعات والقرارات الصادرة عن السلطات العليا في الدولة. ويستند هذا إلى :
المادة (3) من قانون الجريدة الرسمية رقم 4 لسنة 1990:
"لا تعتبر القوانين والقرارات والتشريعات نافذة إلا من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية، ما لم يُنص على خلاف ذلك."
المادة (51) من الدستور اليمني:
"للمواطن الحق في الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالشؤون العامة، ويجب أن تكون إجراءات الدولة علنية ما لم تقتضِ المصلحة العامة خلاف ذلك."
مبدأ علنية التشريع:
وهو مبدأ دستوري عالمي، يقتضي أن تكون كل قرارات الدولة متاحة للجمهور لضمان الرقابة والمساءلة.
مخالفة دستورية واضحة
إن إصدار مئات القرارات دون نشرها في الجريدة الرسمية يُعد انتهاكًا صارخًا للدستور اليمني ، ويطرح تساؤلات قانونية خطيرة:
-كيف يمكن اعتبار هذه القرارات نافذة وهي لم تُعلن رسميًا؟
ما مدى قانونية التعيينات والإجراءات التي ترتبت على هذه القرارات؟
هل يحق للمواطن أو الجهات القضائية الطعن في هذه القرارات لعدم استيفائها الشكل القانوني؟
تغييب الشفافية وتهميش المؤسسات
بحسب التقارير، فإن معظم هذه القرارات صدرت تحت مسمى "قرارات رئاسية" دون توقيع رئيس الوزراء، ما يعكس "انفراد" المجلس الرئاسي بالسلطة التنفيذية وتهميش دور "الحكومة"، كما أن غياب اللائحة المنظمة لعمل المجلس منذ تشكيله في أبريل 2022 أدى إلى تنازع الصلاحيات بين الأعضاء وصدور قرارات فردية خارج إطار التوافق.
النتائج القانونية والسياسية
عدم نشر القرار يساوي عدم نفاذه قانونًا ، أي إجراء أو تعيين أو تعديل يستند إلى قرار غير منشور يمكن اعتباره باطلًا قانونيًا.
انعدام الثقة الشعبية
تغييب الشفافية يعمّق الفجوة بين المواطن والسلطة، ويعزز الشعور بالإقصاء والاحتكار.
إمكانية الطعن القضائي
يحق لأي مواطن أو جهة متضررة الطعن في هذه القرارات أمام القضاء الإداري، استنادًا إلى مخالفة الشكل القانوني.
خلاصة القول
إن إصدار 349 قرارًا خلال عام واحد دون نشرها رسميًا يُعد مخالفة دستورية وقانونية فادحة ، ويضع شرعية المجلس الرئاسي على المحك. لا يمكن بناء دولة القانون والمؤسسات في ظل تغييب الجريدة الرسمية، وتهميش دور الحكومة، وانفراد جهة واحدة بالقرار السياسي.
الشرعية لا تُبنى بالقرارات السرية، بل بالعلنية والمساءلة.
المصدر | يمن فريدم