هنا عدن | مقالات
محمد العتواني
كاتب|
خمسة أشهر والموظف اليمني ينتظر راتباً هو حقه، لا منّة فيه ولا فضل. خمسة أشهر والأسرة تحصي أنفاسها مع كل يوم جديد، بينما الغلاء يطحنها، والوعود تتبخر في الهواء.
فاسمحوا لنا أن نتساءل: هل ما زال فيكم ولو مثقال ذرة من ضمير؟ هل ما زلتم متمسكون بالأخلاق التي أقسمتم عليها حين قبلتم مسؤولية الحكم؟ كيف يطيب لكم المقام في الفنادق المرفهة، والموظف في الداخل يتضور جوعاً ويكاد يفقد قدرته على الصمود؟
إن الشرعية التي تُعَرَّف بأنها الممثل الرسمي للشعب، لا يكفيها اعتراف الخارج، بل تحتاج أن تُثبت حضورها في الداخل أولاً، في لقمة الخبز، في الدواء،وو.... إلخ. فالشعب لا يعيش بالخطابات، بل بالعطاء الذي يؤكد أن دولته لم تنسَه، ولم تتركه رهينة الحاجة.
ولعل سؤال الواقع: أي شرعية تبقى إن جاع موظفوها؟ وأي دولة تظل إن كان صبر الناس هو المورد الوحيد الذي يُستنزف بلا مقابل؟
ندرك حجم التحديات التي تعصف بالبلاد، وندرك ثقل الحرب وأعباءها، لكننا ندرك أيضاً أن حياة الموظف أمانة، وأن كرامته لا تقبل التأجيل. لذلك فإن صرف الرواتب ليس مجرد إجراء مالي، بل خطوة ضرورية لإعادة بناء الثقة بين الدولة وأبنائها، وتجديد العقد الأخلاقي الذي يربطهما. الشرعية التي تقاوم الانقلاب لا بد أن تُثبت أنها أكثر رحمة وعدلاً من خصمها، وأنها قادرة على أن تواسي موظفيها بالوفاء لا بالوعود.
إننا لا ننازعكم، بل نطالب:
أعيدوا إلى الناس حقهم في الرواتب، وأعيدوا معهم الثقة التي تتآكل يوماً بعد يوم. لأن الدولة لا تُقاس بترف ممثليها، بل بقدرتها على أن تضع رغيف الخبز في يد مواطنها بكرامة.