هنا عدن | متابعات
يسعى دونالد ترامب جاهداً للفوز بجائزة نوبل للسلام، التي من المقرر أن يُعلَن الفائز بها الجمعة 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وسط ضغوط يمارسها حلفاء للرئيس الأمريكي لإعلانه الفائز بجائزة العام الحالي.
وقال الرئيس الأمريكي قبل عدة أيام إن عدم حصوله على جائزة نوبل للسلام إهانة كبيرة لبلاده، خاصة بعد إعلانه عن خطة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي ظل مزاعمه المتتالية بأنه تمكن من وضع حد لسبع حروب.
وتساءل ترامب في خطاب ألقاه أمام كبار القادة العسكريين الأمريكيين:"هل ستحصلون على جائزة نوبل؟ قطعاً لا. سيمنحونها لشخص لم يفعل شيئاً على الإطلاق."
في المقابل، قال أحد أعضاء اللجنة النرويجية المكلفة باختيار الفائز بالجائزة لوكالة رويترز إن اللجنة تفضل العمل بشكل مستقل وبمعزل عن الضغوط الخارجية.
ولا تقتصر تطلعات ترامب للفوز بجائزة نوبل على مساعيه خلال ولايته الثانية التي بدأها في يناير/كانون الثاني 2025، بل تشمل أيضاً محاولاته الحثيثة للفوز بها خلال ولايته الأولى التي امتدت من عام 2016 وحتى 2020.
وبينما رشّح ساسة ونواب جمهوريون ترامب للفوز بجائزة العام الحالي، رجّح خبراء صعوبة فوز الرئيس الأمريكي بجائزة نوبل للسلام التي يتطلع إليها بشدة، لأنه يعمل على تفكيك النظام العالمي الذي يحظى بتقدير اللجنة المانحة للجائزة.
لماذا يسعى ترامب بشدة للفوز بجائزة نوبل للسلام؟
يسعى ترامب للفوز بالجائزة إيماناً منه بقدرته الفريدة على إنهاء بعضٍ من أصعب صراعات العالم، دون مساعدة أي منظمة كالأمم المتحدة أو أي دولة أخرى، وفقاً لتقرير نشرته مجلة بوليتيكو الأمريكية.
يأتي ذلك في وقتٍ لا تزال فيه الحرب الإسرائيلية على غزة مستمرة للعام الثاني على التوالي، وتجري مفاوضات حالياً في محاولة للتوصل إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
كما أن الحرب في أوكرانيا هي الأخرى لا تزال جارية، رغم وعوده بإنهائها سريعاً.
أما ادعاء ترامب، الذي وصفته مجلة ذا ويك بأنه لا أساس له من الصحة، بأنه أنهى سبع حروب، فلم يلقَ قبولاً خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عُقدت مؤخراً، حيث أوضحت الدول الأعضاء أنها لا تزال منخرطة بشدة في نزاعاتٍ ادعى الرئيس الأمريكي حلها.
ورأى محللون أن هناك سبباً آخر لرغبة ترامب في الفوز بجائزة نوبل للسلام، إذ إن تنافسه العلني على الجائزة يعكس تركيزه على التكريم والثناء والقبول، ورغبته الجامحة في التفوق على أسلافه، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
وكان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد حصل على جائزة نوبل للسلام بعد تسعة أشهر من ولايته الأولى، وقد أشار أوباما نفسه إلى أن إنجازاته كانت ضئيلة مقارنةً بإنجازات الفائزين الآخرين.
وقد استشهد ترامب مراراً بجائزة نوبل للسلام التي حصل عليها أوباما، متذمراً من عدم استحقاقه لها.
ما هي الضغوط التي مارسها ترامب وحلفاؤه للفوز بجائزة نوبل للسلام؟
رصدت تقارير حملة الضغط التي يمارسها حلفاء ترامب لإعلانه فائزاً بجائزة نوبل للسلام.
وقالت وكالة رويترز: "ضغط كثيرون للفوز بجائزة نوبل للسلام، ولكن لم يشن أحد حملة ضغط مكثفة أكثر من ترامب.
فقد استغل مركزه كرئيسٍ للولايات المتحدة مراراً ليروج لجدارته بالفوز بالجائزة، بما في ذلك خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة."
وصرّح مبعوث ترامب الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في اجتماعٍ وزاري بواشنطن في أغسطس/آب، بأن لجنة نوبل بحاجة إلى "ترتيب أمورها أخيراً" ومنح الجائزة لرئيسه، وفقاً لوكالة بلومبرغ الأمريكية.
وبعيداً عن الأضواء، أثار ويتكوف مسألة ترشيح ترامب للجائزة في مناقشات خاصة مع نظرائه الأوروبيين، وفقاً لما نقلته بلومبرغ عن مسؤولين مطلعين.
كما ساهم وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في الترويج لفوز ترامب بجائزة نوبل.
وفي يوليو/تموز الماضي، اتصل الرئيس الأمريكي هاتفياً بوزير المالية النرويجي والأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، أثناء سيره في أحد شوارع أوسلو.
وتحدث الرجلان عن الرسوم الجمركية وكذلك عن الجائزة، وفقاً لمسؤولين حكوميين نرويجيين أكدوا وقوع المكالمة.
وأعلن قادة كمبوديا وإسرائيل وباكستان ترشيحهم للرئيس ترامب، وقدموا ترشيحاتهم في ربيع وصيف 2025.
كما رشحت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة ترامب لنيل الجائزة.
ولم تتوقف حملة الضغط عند المسؤولين السياسيين، إذ أشاد ألبرت بورلا، الرئيس التنفيذي لشركة فايزر للأدوية، مؤخراً بترامب لجهوده في تطوير لقاحات كوفيد-19 في الولايات المتحدة، قائلاً إن هذا الجهد "يستحق عادةً جائزة نوبل للسلام."
هل يمكن أن يفوز ترامب؟
قال خبراء إن ترامب قد يفوز فقط إذا غيّر سياساته، مشيرين إلى أنه يفكك حالياً النظام الدولي القائم الذي تحرص لجنة نوبل على دعمه.
ويرجّح خبراء نقلت عنهم وكالة رويترز أن تختار اللجنة منظمة إنسانية أو صحفيين أو مؤسسة تابعة للأمم المتحدة للفوز بالجائزة، ومع ذلك فمن غير المستبعد أن تفاجئ اللجنة الجميع بخيارٍ غير متوقع.
وقال أسلي سفين، المؤرخ المتخصص في الجائزة، لوكالة رويترز: "ليس لديه أي فرصة للحصول على جائزة السلام على الإطلاق"، مشيراً إلى دعم ترامب لإسرائيل في الحرب على قطاع غزة، ومحاولاته للتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين**.
وفي السياق ذاته، قال محللون إن اللجنة تُعطي الأولوية للجهود المستدامة متعددة الأطراف على ما وصفوه بالمكاسب الدبلوماسية السريعة.
ونقل موقع بي بي إس الأسترالي عن ثيو زينو، المؤرخ والباحث في جمعية هنري جاكسون، قوله إن جهود ترامب لم تُثبت بعدُ أنها طويلة الأمد.
وسلّط زينو الضوء أيضاً على موقف ترامب الرافض لتغيّر المناخ، معتبراً أنه خارج نطاق ما يراه الكثيرون، بما في ذلك لجنة نوبل.
وربما تعمل صراحة ترامب بشأن احتمال فوزه بالجائزة ضده.
وقالت نينا جريجر، مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو، إن اللجنة لن ترغب في أن يُنظر إليها على أنها تستسلم للضغوط السياسية.
وأضافت جريجر أن فرص فوز ترامب بالجائزة هذا العام ضعيفة، مؤكدة أن خطابه لا يبشّر بالسلام.
من يقرر الفائز؟
لجنة نوبل النرويجية، التي تتألف من خمسة أفراد يعينهم البرلمان النرويجي، هي الحكم. وغالباً ما يكون الأعضاء من الساسة المتقاعدين، ولكن ليس دائماً.
ويترأس اللجنة الحالية رئيس الفرع النرويجي لمنظمة (بن إنترناشيونال)، وهي مجموعة تدافع عن حرية التعبير. وتضم اللجنة أيضاً أستاذاً جامعياً بين أعضائها.
وتتولى الأحزاب السياسية النرويجية ترشيحهم جميعاً، ويعكس تعيينهم توازن القوى في البرلمان النرويجي.
من المؤهل للفوز؟
من يستوفي المواصفات التي حددها رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل في وصيته عام 1895.
وتنص الوصية على ضرورة منح الجائزة للشخص "الذي بذل أقصى جهد أو أفضله لتعزيز أواصر الإخاء بين الأمم وإلغاء الجيوش النظامية أو تقليص أعدادها وإقامة مؤتمرات للسلام والترويج لها".
وقال كريستيان بيرج هاربفيكن، أمين سر لجنة الجائزة، إن الإجابة الأكثر تعقيداً هي أن الجائزة "يتعين وضعها في سياقها الحالي". ويشارك هاربفيكن في تحضير أعمال لجنة الجائزة وفي المداولات، لكنه لا يدلي بصوته.
وذكر لرويترز: "سيلقون نظرة على العالم ويرون ما يحدث، وما الاتجاهات العالمية، وما الشواغل الرئيسية، وما أكثر العمليات الواعدة التي نراها".
وأضاف: "وقد تعني العمليات هنا أي شيء، من عملية سلام محددة إلى نوع جديد من الاتفاقيات الدولية قيد التطوير أو تم اعتمادها في الآونة الأخيرة".
(عربي بوست)