2025/10/31
عدن.. ازدياد شكاوى المواطنين من ابتزاز وسمسرة يتعرضون لها عند استخراج "البطاقة الذكية" التي تحوّلت لباب فساد كبير عند سلطة غارقة بنهب مواطنيها

 هنا عدن | متابعات
في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، بات استخراج البطاقة الذكية شرطاً إلزامياً للحصول على جواز السفر، لكن هذا الإجراء الذي كان يفترض أن يسهّل حياة المواطنين، تحوّل إلى كابوس إداري يواجهه الآلاف يومياً، خصوصاً القادمين من المحافظات الشمالية الذين يقضون أسابيع بين المكاتب الرسمية بحثاً عن توقيع أو ختم. 

يقول أحد المواطنين لوكالة خبر: "بدأت بإجراءات البطاقة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، وكل مرة يقولون لي: ارجع غداً! وكأننا نستجدي حقّنا." 

فبدلاً من أن تكون خطوة نحو التحديث الإداري، تحولت "البطاقة الشخصية الذكية" في عدن إلى معاناة يومية تُنهك المواطن وتفتح أبواب السمسرة والابتزاز في وجهه.

سماسرة في كل زاوية

مصادر حقوقية أوضحت لوكالة خبر، أن أولى خطوات المعاملة تبدأ من توثيق البيانات لدى عاقل الحارة، وهي مرحلة تتأخر أحياناً لأكثر من يوم، وسط متطلبات معقدة. على سبيل المثال يشترط عاقل الحارة توفير فاتورة كهرباء تثبت أن الفرد يسكن في الحي، وهذا الاشتراط التعجيزي يهدف إلى الابتزاز المادي أو تقديم المواطن فريسة سهلة للسماسرة.

في هذه الأثناء، يظهر السماسرة الذين يعرضون "تسهيل الإجراءات" مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 200 و500 ريال سعودي، بينما لا يتجاوز الراتب الشهري لموظف حكومي في بعض المحافظات 70 دولاراً فقط.

أحد القادمين من محافظة عمران يقول: "السماسرة صاروا مثل الموظفين الرسميين، لا شيء يتحرك من دونهم." 

واقع مرير

رغم أن مشروع البطاقة الذكية يهدف إلى الخروج من تحت رقابة مليشيا الحوثي الإرهابية التي تتحكم مركزياً بإصدار البطاقة الالكترونية السابقة، طُرح أيضاً كخطوة لتنظيم البيانات ومكافحة تزوير الجماعة لهويات قيادات وأفراد وتهريبها إلى الخارج، إلا أن التطبيق كشف عجزاً إدارياً وفنياً واضحاً.

فالمواطنون ينتظرون أسابيع لإصدار البطاقة، دون ضمانات لإنجاز المعاملة أو احترام المواعيد المحددة.

وبحسب متابعين، فإن غياب النظام الإلكتروني المتكامل جعل الإجراءات تعتمد على الأوراق والملفات والانتظار حتى عودة الموافقة من العاصمة السعودية الرياض على الطباعة كون مركز التحكم الرئيسي لديها، ما يفتح الباب أمام التلاعب والتأخير المقصود. 

تكاليف تُرهق الأسر

رحلة البطاقة أو الجواز لا تكلّف الوقت فقط، بل تستنزف الجيوب أيضاً. فالأسر التي تضطر لاستخراج البطاقات لعدة أفراد تواجه أعباء مضاعفة أبرزها: تكاليف السفر، والمواصلات، والسكن، والطعام.

وبحسب المواطنين، قد تصل الكلفة الإجمالية للمواطن الواحد إلى 1500 ريال سعودي (حوالي 640 ألف ريال يمني)، وهو مبلغ يعادل مدخرات أشهر من العمل. 

تقول إحدى السيدات المنتظرات أمام مكتب الأحوال المدنية لوكالة خبر: "جئت من ذمار مع أولادي، أنفقنا كل ما نملك، ولم نحصل حتى الآن على بطاقة واحدة." 

مبررات وفوضى

ورغم إعلان مصلحة الجوازات وصول دفعات جديدة من دفاتر الطباعة، يصف مواطنون ذلك بأنه مجرد "تهدئة إعلامية"، إذ تُخصَّص الكميات غالباً للطلبات القديمة. 

أما من ينتظر حالياً، فيواجه مصيراً مجهولاً دون موعد محدد للإنجاز، حيث يقول أحد المتضررين: "منذ شهرين ونحن نسمع نفس الجملة: الدفاتر خلصت. وكأنها قصة لا نهاية لها."

وتُظهر شكاوى المواطنين أن الإجراءات المعقدة ليست سوى واجهة لممارسات فساد صغيرة تغذي منظومة كبيرة من الابتزاز.

ففي بعض المكاتب، يُطلب من المراجع دفع "رسوم غير رسمية" لتسريع الخدمة أو تجاوز العقبات البيروقراطية، في غياب أي رقابة حقيقية من الجهات العليا.

وترك الانتظار الطويل وفقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية آثاراً نفسية واضحة على المواطنين، حيث يصف أحدهم شعوره قائلاً: "أعيش القهر كل يوم، ليس لأنني فقير، بل لأن الدولة جعلت الحصول على بطاقة هوية أمراً شبه مستحيل."

ويرى خبراء اجتماعيون أن هذه الحالة تغذي الإحباط العام وتضعف الرابط بين المواطن والدولة، وتحول الخدمات العامة إلى معاناة جماعية تمس الكرامة الإنسانية. 

مطالب بالإصلاح

يدعو المواطنون والحقوقيون السلطات إلى تبني إصلاحات عاجلة تتمثل في تسريع إجراءات إصدار البطاقة الذكية عبر أنظمة إلكترونية شفافة، وتوفير دفاتر الجوازات بشكل منتظم، ومحاربة السمسرة والرشوة عبر رقابة فعلية، بالإضافة إلى ذلك إعادة هيكلة مكاتب الأحوال المدنية والجوازات لضمان الكفاءة والشفافية.

ويرى مراقبون أن أي تأخير في هذه الإصلاحات سيعني تعميق الفجوة بين المواطن والدولة، واستمرار فقدان الثقة في المؤسسات الرسمية.
(وكالة خبر للانباء)

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع هنا عدن https://huna-aden.com - رابط الخبر: https://huna-aden.com/news87072.html