2025/11/06
"غزة" المحاصرة تحت انظار انظمة العرب.. الشتاء يفاقم الأزمة الإنسانية.. وسط "قيود" الاحتلال الذي يمنع لليوم دخول المساعدات بشكل واسع

 هنا عدن | متابعات
مع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد التحذيرات من كارثة إنسانية وبيئية وشيكة في قطاع غزة، حيث يواجه مئات آلاف النازحين أوضاعاً مأساوية في مخيمات متهالكة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، بينما تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي فرض قيودا مشددة على دخول المساعدات الأساسية ومواد الإيواء إلى القطاع المحاصر.

ويعيش أكثر من 1.9 مليون فلسطيني في العراء أو في خيام ممزقة منذ شهور، بعد أن دمرت الغارات الإسرائيلية المتكررة بيوتهم ومنشآتهم. ومع اشتداد الرياح وهطول الأمطار، تبدو الصورة أكثر قتامة، في ظل شح الخيام الجديدة وغياب الوقود والمستلزمات الصحية.

يقول أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة، إن "معظم الخيام التي يقيم فيها النازحون لا تصلح حتى للحيوانات، فهي مهترئة، لا تقي من المطر ولا توفر الدفء"، مشيراً إلى أن الحاجة الماسة الآن تقدر بنحو 300 ألف خيمة جديدة قبل حلول الشتاء لتفادي "كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة".

إقرأ أيضاً
جثث الشهداء تحت أنقاض غزة: مأساة البحث عن المفقودين واستعادة الهوية
ويضيف الشوا أن "اتفاق وقف إطلاق النار الأخير تضمّن إدخال أكثر من 300 ألف خيمة وبيوت متنقلة لإيواء نحو 288 ألف أسرة نازحة، لكن (إسرائيل) لم تلتزم ببنود الاتفاق، سواء فيما يتعلق بالملاجئ أو الضروريات الأخرى كالأغذية والأدوية والمعدات الثقيلة لإزالة الأنقاض".

قيود خانقة وشلل في الإغاثة

تشير بيانات رسمية إلى أن سلطات الاحتلال سمحت بدخول 3203 شاحنة فقط من أصل 13,200 شاحنة كان من المقرر دخولها خلال الفترة بين بدء وقف إطلاق النار ونهاية أكتوبر/تشرين الأول، أي ما يعادل أقل من ربع الكمية المتفق عليها.

كما أظهر تقرير لمكتب الإعلام الحكومي في غزة أن متوسط عدد الشاحنات التي سمح بدخولها يومياً لا يتجاوز 145 شاحنة، مقارنة بالخطة الأصلية التي نصت على 600 شاحنة يومياً لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان.

ويحذر التقرير من أن هذا البطء المتعمد في تدفق المساعدات يهدد بانهيار شامل للبنية الإنسانية في القطاع، خاصة في ظل نقص حاد في الوقود المستخدم لتشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه والمخابز.

ويقول إسماعيل الثوابتة مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن “القيود الإسرائيلية لا تستهدف فقط المساعدات الإنسانية، بل تشمل كل ما من شأنه أن يعيد إعمار القطاع أو يخفف معاناة سكانه”، مشيراً إلى أن “منع إدخال المواد الخام والمعدات الثقيلة يعرقل إزالة الركام، ويجعل إعادة الإعمار شبه مستحيلة قبل سنوات طويلة”.

بنية تحتية مدمرة بالكامل

على مدى العامين الماضيين، ألقت دولة الاحتلال أكثر من 200 ألف طن من القنابل على القطاع، بحسب مكتب الإعلام الحكومي، ما أدى إلى تدمير أكثر من 90% من البنية التحتية.

ولم تسلم المنازل ولا المدارس ولا الجامعات ولا حتى المساجد والكنائس من القصف، فتحولت غزة إلى مشهدٍ من الدمار الشامل، يصعب على أي منظمة إنسانية التعامل معه دون رفع الحصار.

وتحذر تقارير أممية من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تدهور إضافي في مستويات الجوع والأمراض المعدية، خصوصاً مع بداية موسم الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، حيث يعيش النازحون في مناطق مفتوحة أو ملاجئ غير مجهزة.

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول، دعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى استعادة القدرة على الوصول للمساعدات الإنسانية قبل فوات الأوان، مؤكدة أن الشتاء القادم "سيكون الأقسى على الفلسطينيين منذ عقود".

وجاء في بيان للوكالة نشر على موقعها الإلكتروني: "مع اقتراب فصل الشتاء في غزة، أصبح الناس في حاجة متزايدة إلى المأوى والدفء. آلاف العائلات لا تمتلك سوى أغطية بالية، ولا تستطيع حماية أطفالها من البرد أو المطر".

من جانبه، أكد مسؤول إغاثي في غزة لموقع ميدل إيست آي البريطاني أن “الوضع الإنساني تجاوز حدود الكارثة، إذ بات النازحون يقيمون على ركام بيوتهم، ويستخدمون الأقمشة البلاستيكية بديلاً عن الخيام”، مشيراً إلى أن “أي تأخير إضافي في إدخال مواد الإيواء سيؤدي إلى خسائر بشرية مؤكدة”.

شتاء بلا دفء ولا أمل

في مخيمات خان يونس ودير البلح ورفح، تتكرر المشاهد القاسية: أطفال حفاة يتنقلون في الطين، نساء يحاولن إشعال النار من بقايا الخشب، ومسنون يلفّون أنفسهم ببطانيات ممزقة. هذه ليست مشاهد من فيلمٍ عن الحرب العالمية، بل يوميات غزة التي أنهكها الحصار والقصف.

ومع استمرار التجاهل الإسرائيلي والتقاعس الدولي، يخشى المراقبون أن يتحول الشتاء إلى فصل موتٍ جماعي بطيء، حيث يواجه الفلسطينيون في غزة ثلاثية الجوع والمرض والبرد، دون أن يلوح في الأفق أي مؤشر على تحسن الوضع أو رفع القيود.

وفي ظل هذا الواقع، تبقى غزة شاهدةً على فشل المنظومة الدولية في حماية المدنيين، وعلى كيف يمكن للسياسة أن تقتل ببطء حين تُستخدم كسلاح يمنع عن الناس خيمة تقيهم المطر أو دواءً ينقذ حياتهم.
(وكالة سند للانباء)
 

تم طباعة هذه الخبر من موقع هنا عدن https://huna-aden.com - رابط الخبر: https://huna-aden.com/news87120.html