2025/11/12
اموالها باتت لعنة تلاحق الشعوب المسلمة.. إجرام الإمارات في "تنزانيا".. تهجير شعب "الماساي" لإرضاء نزوات شيوخ ابوظبي ودبي الاثرياء

 هنا عدن | متابعات
لم تتوقف أيادي الإمارات التخريبية عند حدود السودان أو الصومال أو جيبوتي، بل امتدت إلى عمق القارة الإفريقية حيث تتكرر الصورة ذاتها من الاستغلال والفساد، وهذه المرة في تنزانيا، التي تحولت إلى مسرح جديد لجريمة تهجير قسري تطال أحد أقدم الشعوب الأصلية في إفريقيا: شعب الماساي.
بالتواطؤ مع إدارة الرئيسة سامية سولوهو حسن، تُنفذ الإمارات عبر شركة Otterlo Business Corporation (OBC) حملة تهجير منظمة ضد عشرات الآلاف من السكان الأصليين، لإفساح المجال أمام رحلات الصيد الترفيهي التي تُنظم خصيصًا لأفراد العائلة الحاكمة الإماراتية والأثرياء من رجالها.

أرض الأجداد تتحول إلى منتجع للأمراء
تُعد قبائل الماساي من أقدم الشعوب الرعوية في شرق إفريقيا، وتستوطن منذ قرون أراضي إقليم نجورونجورو ولوليوندو في شمال تنزانيا، حيث تمتزج حياتهم بهوية الأرض التي عاشوا عليها جيلًا بعد جيل.

لكن منذ عام 2022، بدأت السلطات التنزانية بإخلاء هذه المناطق بالقوة، بحجة تحويلها إلى “محمية طبيعية”، بينما الحقيقة أن أكثر من 500 كيلومتر مربع من الأراضي الأجدادية تم تسليمها إلى شركة OBC، وهي شركة إماراتية تمتلكها شخصيات مقربة من حكام أبوظبي، وتُستخدم منذ التسعينيات لتنظيم رحلات الصيد الفاخر لأمراء إماراتيين.

تحت ستار السياحة البيئية، يجري تهجير الماساي قسرًا، وتُحرق منازلهم ومواشيهم، في واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي البيئي في القارة الإفريقية خلال العقد الأخير. وقد أكدت منظمات حقوقية أن العملية جرت بعنف مفرط، وجرى خلالها إطلاق الرصاص الحي على السكان، وإصابة عشرات الرجال والنساء الذين حاولوا الدفاع عن أراضيهم.

الدم مقابل الرفاهية.. كيف تعمل “شركة الصيد الإماراتية”؟
يعود تأسيس Otterlo Business Corporation إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما بدأت الإمارات تسعى وراء مناطق نائية لصيد الطرائد الإفريقية النادرة كالغزلان والفهود والأسود.

ووفقًا لتقارير استقصائية دولية، فإن الشركة حصلت على امتيازات صيد حصرية في تنزانيا، تشمل مناطق شاسعة من شمال البلاد، مقابل “استثمارات بيئية” وهمية، بينما تُستخدم فعليًا كغطاء لأنشطة ترفيهية مغلقة على النخبة الإماراتية.

في كل موسم صيد، تهبط طائرات خاصة تقل أمراء من أبوظبي ودبي إلى محمية لوليوندو، حيث تُنصب المخيمات الفاخرة وتُحشد الحيوانات المستهدفة مسبقًا عبر فرق محلية تعمل لصالح الشركة.

وتشير منظمات حقوق الإنسان إلى أن عشرات الحيوانات المهددة بالانقراض قُتلت في هذه الرحلات، وأن الأرباح الناتجة عن الشركة لا تعود بأي فائدة على المجتمعات المحلية، بل تُستخدم لشراء صمت السلطات.

صمت تنزاني وتواطؤ سياسي
من جانبها، تواجه إدارة الرئيسة سامية سولوهو حسن اتهامات متزايدة بالتواطؤ مع المصالح الإماراتية. فبدلًا من حماية حقوق السكان الأصليين، تبنت الحكومة رواية “الحفاظ على البيئة”، مدعية أن الماساي يهددون التوازن البيئي، وهو تبرير اعتبرته منظمات دولية “أداة عنصرية” لتبرير الإخلاء القسري.

وتفيد تقارير محلية أن الإمارات قدمت وعودًا باستثمارات بمليارات الدولارات في مجالات السياحة والبنية التحتية مقابل تسهيل نشاط OBC في البلاد، ما يفسر الدعم السياسي غير المحدود الذي تحظى به الشركة رغم الاعتراضات الدولية.

بل إن الحكومة التنزانية منعت في العام الماضي منظمات محلية من دخول مناطق الإخلاء لتوثيق الانتهاكات، كما قامت باعتقال ناشطين من الماساي بتهم “نشر معلومات كاذبة”، في مسعى لإسكات أي صوت معارض.

جريمة بيئية وإنسانية مكتملة الأركان
منظمة العفو الدولية، و”هيومن رايتس ووتش”، و”Survival International” وثقت جميعها حالات طرد جماعي وعمليات عنف منظمة ضد الماساي.

وذكرت التقارير أن ما لا يقل عن 70 ألف شخص تأثروا مباشرة بالإخلاءات القسرية منذ عام 2022، وأن كثيرًا منهم يعيشون اليوم في مخيمات بدائية تفتقر إلى المياه والغذاء والرعاية الصحية.

ويصف ناشطون من المنطقة ما يجري بأنه “تطهير بيئي”، يجمع بين نهب الأرض والتدمير الثقافي، إذ يحرم الماساي من نمط حياتهم الرعوي الذي يشكل جوهر هويتهم.

الأدهى من ذلك أن الإمارات –التي تروّج لنفسها كـ”عاصمة للتسامح” و”الاستدامة”– تموّل واحدة من أبشع عمليات التهجير بحق شعب إفريقي مسالم، فقط لإرضاء نزوات الصيد الترفيهي لأثريائها.

الإمارات.. مشروع استعماري بنكهة اقتصادية
تأتي جريمة تنزانيا ضمن سلسلة طويلة من التدخلات الإماراتية في القارة الإفريقية، حيث تُستخدم الشركات “الاستثمارية” كواجهة لمشاريع توسعية ذات طابع أمني واقتصادي واستعماري في آن واحد.

من السودان إلى الصومال مرورًا بليبيا وتشاد، ثم إلى تنزانيا ومدغشقر، يتضح أن أبوظبي تبني شبكة نفوذ تمتد من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، تُدار عبر المال والسلاح والعلاقات السياسية الفاسدة.

الهدف من كل ذلك ليس التنمية، بل التحكم في الموارد الطبيعية، وخلق أنظمة تابعة تضمن حماية مصالح الإمارات على حساب الشعوب المحلية.

وتحوّل نموذج الماساي إلى دليل جديد على أن “الاستثمار الإماراتي” في إفريقيا ليس سوى غطاءٍ لنهب الأرض وإذلال الإنسان.

خاتمة: صيد الإمارات في إفريقيا ليس بريئًا
ما يحدث في تنزانيا اليوم يعكس الوجه الحقيقي للمشاريع الإماراتية في إفريقيا: الدم مقابل الترفيه.

في كل مرة ترفع أبوظبي شعار “الشراكة التنموية”، تُخفي وراءه جريمة جديدة ضد شعب فقير أو أرض منهوبة.

أما الماساي، الذين عاشوا قرونًا في وئام مع الطبيعة، فيجدون أنفسهم اليوم مشردين بسبب شهوة صيد أمراء الرمال.

فإذا كنت تظن أن الإمارات تكتفي بتخريب السودان أو تمويل الحروب في دارفور، فتذكّر أن رصاصها هذه المرة لم يُطلق على إنسان، بل على ثقافة بأكملها كانت تنعم بالسلام قبل أن تصلها “الاستثمارات القاتلة” من أبوظبي.
(العدسة)
 

تم طباعة هذه الخبر من موقع هنا عدن https://huna-aden.com - رابط الخبر: https://huna-aden.com/news87161.html