
هنا عدن | متابعات
قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، اتخاذ قرارات شخصية وقيادية في أعقاب فشل الجيش قبل وأثناء هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
والقرار الذي سيتم تنفيذه في سلسلة من الاجتماعات التي ستعقد في الساعات المقبلة يوم الأحد، يسبب بالفعل عاصفة وجدلا حادا بين أولئك المطلعين عليه ومن المقرر أن يؤدي إلى هزة في الجيش الإسرائيلي.
ووفق موقع "يديعوت أحرونوت" العبري أمر المقدم إيال زامير الليلة الماضية باستدعاء عدد كبير من الضباط الذين شغلوا مناصب قيادية في هيئة الأركان العامة، خلال الفترة التي سبقت هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر، على وجه السرعة، خلال الساعات القادمة، عقب نتائج لجنة ترجمان.
ووُجّه الاستدعاء لكل ضابط على حدة، وبذل مكتب رئيس الأركان جهودا حثيثة يوم السبت وصباح الأحد لإنهاء جميع الاجتماعات بحلول الساعة الثامنة مساء، ربما قبل موعد البث التلفزيوني المسائي.
وكان من بين الذين تم استدعاؤهم للمحادثة رئيس المخابرات العسكرية شلومي بيندر، وقائد القوات الجوية اللواء تومر بار، وقائد البحرية اللواء ديفيد سلامة، ورئيس قسم العمليات وقت الهجوم اللواء عوديد بيوك، ورئيس المخابرات العسكرية وقت الهجوم أهارون هاليفا، وقائد فرقة غزة في 7 أكتوبر العميد آفي روزنفيلد، والقائد السابق لـ 8200 يوسي شارييل، والرئيس السابق لقسم العمليات في المخابرات العسكرية العميد ج، ورؤساء قسم الاستخبارات وقادة وحداته المركزية واللواء يارون فينكلمان الذي شغل منصب رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان العامة حتى بضعة أشهر قبل الهجوم، واللواء في القيادة الجنوبية خلالها.
وقد بقي فينكلمان في منصبه رغم بلوغه سن التقاعد، ولكن اتضح أنه لم يتقاعد من الجيش الإسرائيلي، ويواصل العمل على دراسة الحرب.
وسيلتقي بعض المدعوين برئيس الأركان، وبعضهم الآخر بنائبه، اللواء تامر ياداي، وجميعهم ضباط سُرّحوا من الخدمة في هذه الأثناء.
كما استدعي هاليفا غير المتواجد في البلاد، ومن المرجح وصوله لاحقا.
وإضافة إلى هؤلاء، استُدعي عدد من المقدمين العاملين في الخدمة الدائمة في مديرية الاستخبارات العسكرية للمثول أمام رئيس شعبة الاستخبارات، اللواء بيندر، الذي كان من المفترض أن يطلعهم على استنتاجاته الشخصية، ويُطلعهم على الإجراءات القيادية التي اتخذت ضدهم، إن وُجدت.
وأثار القرار جدلا واسعا بين كبار ضباط الجيش، الحاليين والسابقين، وعلى سبيل المثال في ما يتعلق بالاجتماعات مع اللواء بيندر، الذي شغل منصب قائد لواء العمليات في هيئة الأركان العامة، ورفض لجنة ترجمان للتحقيق المُعدّ عنه وعن رجاله، مع توجيه انتقادات لاذعة للواء والفرقة وقائدها.
ومن بين الانتقادات الموجهة إلى دور اللواء بيندر كقائد للعمليات في ذلك اليوم والتي تُثير الدهشة وفق الصحيفة، أفيد بـ"أن من المستحيل أن يكون هذا الرجل الذي يُمثل القلب النابض للقيادة العسكرية في اللحظات الحاسمة، وهي قيادة تفشل لساعات طويلة وشاقة في تكوين صورة للوضع، ناهيك عن تغييره، هو من سيُعاتب الآخرين الذين فشلوا في ذلك اليوم".
وادعى الجيش الإسرائيلي أن هذا كان "خطأ في الاستدعاء" وأن الاجتماعات مع ضباط الاستخبارات العسكرية سوف يديرها نائب رئيس الأركان يداي.
ويرى البعض أن قرار رئيس الأركان تمييز محظور، يحمّل المسؤولية لبعض المذنبين فقط، ويحاول إنقاذ آخرين قرر رئيس الأركان ترقيتهم، مُنسجما مع محاولة الحكومة وقائدها الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) يتحملان مسؤولية كل ما حدث.
إضافة إلى ذلك، لا يثق كبار المسؤولين القانونيين في الجيش بإمكانية صمود قرار زامير أمام المراجعة القضائية من قِبَل محكمة العدل العليا، إذ قدّم الدفاع العسكري التماسا ضد مراقب الدولة لإعلانه نيته صياغة استنتاجات شخصية ضد المسؤولين عن الكارثة، وهي سلطة تعتبر شبه قضائية، دون منحهم حق المراجعة والتشاور.
وبرزت مزاعم إضافية مفادها بأن قضية جدار أريحا لم يتم بحثها، على الرغم من أن لجنة ترجمان أشارت إلى أن القضية لم يتم بحثها بعمق، بعد أن كشفت قناة "كيشت نيوز" أن زامير نفسه، بصفته جنرال القيادة الجنوبية، تلقى إحدى نسخ الأمر التي حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية، وليس من الواضح على الإطلاق ما الذي فعله بها وماذا قال عنها لبديله في المنصب، هرتسي هاليفي.
وبالفعل، ووفقا لتلك المصادر، يُعتبر أي بحث في قضية 10 يوليو في الجيش الإسرائيلي تحقيقات عملياتية، ولا تخضع هذه التحقيقات للقوانين أو الالتزامات القضائية، وذلك حفاظا على حداثة العمل وسرعة صياغة الوثائق.
إلا أن الجيش الإسرائيلي هو من ادعى أنه في قضية بالغة الأهمية، تاريخيا وحاضرا، وعندما يتعلق الأمر بمسؤولية أو ذنب كبار المسؤولين، يجب معاملتهم كما لو كانوا يمثلون أمام لجنة تحقيق رسمية، وهي لجنة لم تُشكل بعد.
ونظرت اللجنة برئاسة اللواء احتياط سامي ترجمان الذي كان من بين أمور أخرى قائد القيادة الجنوبية وقائد لواء العمليات، في التحقيقات التي أجراها الجيش في كل ما يتعلق بالسلوك قبل 7 أكتوبر.
ولم تتلق اللجنة تفويضا من رئيس الأركان زامير بالتوصية بالفصل، ولكن وفقا لترجمان، كان يجب أن يفضي تقريره إلى استنتاجات شخصية.
ويوم تقديم تقرير لجنة ترجمان، أعرب رئيس الأركان عن اعتقاده بضرورة إنشاء لجنة تحقيق "خارجية، منهجية، متعددة التخصصات، ومتكاملة" وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، لم يذكر مصطلح "دولة".
وحتى أشهر قليلة مضت، دعا رئيس الأركان زامير على غرار سلفه هرتسي هاليفي، إلى إنشاء لجنة تحقيق رسمية، تصدر قانونا، ويعين رئيس المحكمة العليا أعضائها، ولها صلاحية تقديم استنتاجات شخصية، مثل إقالة جميع المسؤولين، حسبما تراه مناسبا.
لكن الحكومة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ترفض بشدة فكرة تشكيل لجنة حكومية، مدعية أن "نصف الشعب يعارضها"، رغم مرور أكثر من عامين على أحداث السابع من أكتوبر.
وفي الأسبوع الماضي، أقرت الحكومة قرارا بتشكيل "لجنة تحقيق وطنية" ثم عينت لجنة وزارية برئاسة وزير العدل ياريف ليفين لتحديد صلاحيات التحقيق في أحداث السابع من أكتوبر.
ولجنة ترجمان هي الهيئة الرابعة المُعيّنة للتحقيق مع الجيش الإسرائيلي في جميع المسائل المتعلقة بهجوم 23 أكتوبر.
وفي أوائل يناير 2024، أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب، قرر رئيس الأركان آنذاك، اللواء هرتسي هاليفي، بدء عملية تحقيق عملياتي واستخباراتي في أحداث 7 أكتوبر.
ولم يكن هدف الفريق استبدال لجنة تحقيق حكومية مستقبلية، بل تزويد الجيش برؤى عملياتية فورية لاستمرار القتال، وفهم الإخفاقات المنهجية في القيادة الجنوبية ومديرية الاستخبارات العسكرية.
( ار تي الروسية بالعربي)