بقلم: علي الحداد
في عالم تتلاطم فيه أمواج الأزمات، وتتشابك المصالح على مفترق طرق السياسة الدولية، تبرز الدبلوماسية العُمانية كفنٍ راقٍ يُمارَس بحكمة وحنكة. وفي مقدمة رُوّادها، يسطع اسم معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وزير الخارجية العُماني، كمهندسٍ بارعٍ في بناء الجسور لا بين الدول فحسب، بل بين القلوب والمصائر.
بإرث البوسعيديين، الذين جمعوا بين صلابة الجبل ومرونة البحر، وبفكرٍ يستشرف الغد دون التفريط بأصالة الأمس، نجح معاليه في ترسيخ نهجٍ دبلوماسي يقوم على الاحترام المتبادل، السيادة، وعدم التدخل، وهي قيم تزداد أهمية في منطقة تتغير خرائطها بسرعة الضوء.
وفي هذا الإطار، تأتي العلاقات العُمانية-السعودية كنموذجٍ يُحتذى في التوازن والاحترام، علاقة نسجها التاريخ وباركها الجوار، وتوّجتها القيادتان: جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
زيارة الأمير فيصل: دبلوماسية الأخوّة قبل البروتوكول
خلال زيارة رسمية حملت الكثير من الرمزية، استقبل معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي نظيره السعودي صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، في لقاء لم يكن مجرد تبادل بيانات أو مجاملة سياسية، بل لحظة دبلوماسية صادقة، تنبض بثقة متبادلة ومشروع شراكة استراتيجية واعدة.
في تفاصيل الاستقبال، قرأ المراقبون رسائل دفء تتجاوز الرسمية: ابتسامات صادقة، حوارات صريحة، وأجندة عمل محورها المستقبل. ناقش الوزيران ملفات الطاقة النظيفة، النقل الحديث، الأمن البحري، والتعاون الخليجي، وكلها تؤشر على نضوج العلاقة بين البلدين، وتحولها إلى رافعة لاستقرار الخليج بأسره.
البدر البوسعيدي: مدرسة الحوار وصانع الثقة
معالي السيد بدر البوسعيدي لا يُعرَف بخطاباته المرتفعة، بل بفعل دبلوماسي هادئ يراكم الثقة، ويرسم طريق الحوار حتى في أحلك الظروف. وفي استقباله للأمير فيصل، تجلت هذه المدرسة بأبهى صورها، حين تقدمت روح الأخوّة على نصوص البروتوكول، وحين بدا أن اللقاء يكتب فصلاً جديدًا في كتاب الشراكة الخليجية.
خاتمة: ما بين الحاضر والمستقبل
ليس من المبالغة وصف البوسعيدي بـ”مهندس العلاقات العُمانية-السعودية”، فهو ليس لقبًا بل توصيف لدور محوري يُمارس بعقل الدولة وقلبها، ويُجسِّد فلسفة السلطنة في أن الشراكات تُبنى بالثقة، وأن الخليج لا يكون قويًا إلا حين يكون موحَّدًا .