الرئيسية - أخبار محلية - طريق عدن – تعز.. جبايات الانتقالي "نزيف" يومي يُثقل كاهل السائقين ويشعل الأسعار ويدفع ثمنها المواطن "المطحون"

طريق عدن – تعز.. جبايات الانتقالي "نزيف" يومي يُثقل كاهل السائقين ويشعل الأسعار ويدفع ثمنها المواطن "المطحون"

الساعة 03:58 مساءً



�نا عدن | متابعات
 وسط صمت رسمي وتجاهل حقوقي تفرض القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات جبايات مالية باهظة على سائقي الشاحنات وحافلات النقل والمسافرين تحت ذرائع تأمين الطريق ومكافحة التهريب، هذه الممارسات التي تتم في عشرات النقاط الأمنية على الطرق الممتدة من عدن إلى تعز تحولت إلى عبء ثقيل على كاهل السائقين، وانعكست بشكل مباشر على أسعار السلع الأساسية مما زاد من معاناة المواطنين في مناطق تشهد تدهوراً اقتصادياً متسارعا.

شهادات عدّة جمعها "المصدر أونلاين" من سائقي حافلات وشاحنات كشفت عن نمط ممنهج من الجبايات تحت التهديد والابتزاز، حيث يُجبر السائقون على التوقف لساعات طويلة، وتُفرض عليهم مبالغ مالية باهظة لا يُسمح لهم بمواصلة السير إلا بعد دفعها.

يقول عدنان مقبل، وهو سائق حافلة نقل: "منذ أن نغادر مدينة عدن وحتى آخر نقطة أمنية تابعة للمجلس الانتقالي في منطقة طور الباحة بمحافظة لحج، يتم تحصيل مبالغ مالية كبيرة منّا دون أي إيصالات رسمية."


ويضيف في حديثه لـ"المصدر أونلاين": "أدفع في كل رحلة ما يقارب أربعين ألف ريال للنقاط الأمنية التابعة لقوات الانتقالي، حيث تتراوح المبالغ المفروضة في كل نقطة بين ألف وأربعة آلاف ريال، على امتداد الطريق."

ويتابع: "كلما حاولنا الاستفسار عن سبب هذه المبالغ، نتعرض للاحتجاز لساعات طويلة، ويتم تجاهلنا دون أي اعتبار لوضعنا أو الاستماع إلى مطالبنا. وفي نهاية المطاف، نُجبر على الدفع، وأحيانًا تُضاعف المبالغ تحت التهديد باحتجازنا مع الركاب إذا لم ندفع."

من جانبه، يقول بدر غالب، سائق حافلة، لـ"المصدر أونلاين": "نُجبر بشكل يومي على دفع مبالغ مالية في النقاط العسكرية التابعة للانتقالي المنتشرة على الطريق."


ويضيف: "أنا ومئات السائقين الآخرين نعمل على نقل الركاب من تعز إلى عدن، وأحيانًا نحمل بضائع خفيفة في طريق العودة، لكننا ننفق في كل رحلة ما بين 30 إلى 45 ألف ريال في نقاط الانتقالي، دون أن نعرف لماذا ندفع هذه المبالغ، سوى التصرفات التي تُمارس ضدنا وتجبرنا على الدفع دون اعتراض."

سائقو الشاحنات على خط عدن – لحج أيضاً تحول واقعهم إلى كابوس يومي، حيث يُجبرون على دفع مبالغ باهظة مقابل لا شيء، في ظل وضع اقتصادي صعب وسوء حال منذ الحرب الطاحنة التي أشعلتها جماعة الحوثي، لتأتي بعدها جبايات قوات المجلس الانتقالي كعبء إضافي أثقل كاهلهم، وجعلهم أسرى لواقع مرير تمارس فيه السلطات المحلية كافة أشكال القيود والابتزاز.

يقول بندر الجمالي، وهو سائق شاحنة، في حديث لـ"المصدر أونلاين": "ننفق عشرات الآلاف من الريالات فقط لعبور نقاط الانتقالي. يتعاملون معنا كما لو كنا مهرّبين، رغم أننا ننقل بضائع من عدن إلى تعز."

ويتابع: "يفرضون علينا شراء ما يسمى بـ"الخبطة"، وهي بطاقة تُربط بالبضائع داخل الشاحنة وتكلفنا 25 ألف ريال في كل حمولة، بزعم مكافحة التهريب ومنع تحميل أي بضائع إضافية على الطريق، وتظل الخبطة مرافقة للبضائع حتى آخر نقطة أمنية تابعة لهم."



ويُوضح الجمالي أن عدد النقاط الأمنية التي يتم فيها فرض هذه الجبايات يتجاوز تسع نقاط، تتراوح فيها المبالغ بين 4 آلاف و30 ألف ريال. أما رسوم التفتيش فتبلغ 25 ألف ريال للشاحنة الصغيرة، و50 ألفًا للكبيرة.

ويذكر من هذه النقاط: نقطة الحديد، ونقطة أخرى تقوم بإصدار سندات، بالإضافة إلى نقطتين على خط الرباط، ونقطتين على خط الوهط، وثلاث نقاط على امتداد خط طور الباحة.

من جانبهم، قال عدد من سائقي شاحنات النقل في رسالة جماعية لـ"المصدر أونلاين" إن الجبايات المفروضة من قبل نقاط التفتيش التابعة للمجلس الانتقالي تسهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار السلع، مما يثقل كاهل المواطنين ويزيد من عجزهم أمام القدرة الشرائية، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في المحافظات التي تُنقل إليها البضائع.

وأوضح سفيان عمر، وهو سائق شاحنة نقل، أن المبالغ التي يدفعها في نقاط التفتيش تختلف حسب نوعية البضائع التي يحملها، مشيرًا إلى أنه ينفق ما يصل إلى 170 ألف ريال في الرحلة الواحدة إذا كانت الشاحنة محملة بالبلاط أو الرخام، بينما ترتفع التكلفة إلى 250 ألف ريال عند نقل أنواع أخرى من البضائع.

وأضاف السفياني في حديثه لـ "المصدر أونلاين" أن الجبايات تتضاعف عند نقل المواد النفطية، وأنه يدفع في كل نقطة تفتيش ما بين 30 إلى 45 ألف ريال، مع وجود 12 نقطة عسكرية على الطريق.


وأشار إلى أن هذه المبالغ لا تختلف كثيرًا عما يدفعه في مدينة المخا، حيث يدفع 20 ريالاً، على كل لتر من المواد النفطية هناك، بينما تصل تكلفة التحصيل في بقية النقاط إلى 80 ألف ريال.

وذكر السفياني أنه في إحدى رحلاته الأخيرة، أثناء نقل مادة الديزل من المخا، اضطر إلى دفع 750 ألف ريال في إحدى نقاط التفتيش، لافتا إلى أن مسؤول الرقابة في النقطة قام بقياس حمولة الشاحنة باستخدام أسلوب "التمتير"، حيث زاد الكمية بمقدار 4000 لتر إضافية لتحصيل المزيد من المبالغ، دون تحسين أو تسوية، وأن رسوم التحسين الرسمية تبلغ 70 ألف ريال، يدفعها في كل نقطة دون استثناء.

تعميق الانهيار وتضعيف الاقتصاد

اعتبر الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي نجيب العدوفي أن ظاهرة فرض الجبايات من قبل الجماعات المسلحة في اليمن تُعد أحد أبرز مظاهر التشوه في الاقتصاد الوطني الناتجة عن غياب الدولة وتفكك مؤسساتها، لصالح سلطات أمر واقع تفرض نفسها بقوة السلاح.



وأوضح العدوفي في تصريح خاص لـ "المصدر أونلاين" أن هذه الجبايات التي تُفرض خارج الإطار القانوني لا تدخل ضمن الدورة الرسمية للاقتصاد بل تُحوّل لصالح الجماعات المسلحة التي تستفيد منها في تمويل أنشطتها وهو ما يؤدي إلى نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأضاف عندما نتحدث عن نقاط تفتيش تفرض إتاوات أو جمارك داخل الدولة نفسها فنحن أمام تجسيد واضح للفساد وغياب الدولة وهذه التكاليف الإضافية لا تُستهلك عند مستوى التحصيل فقط بل تُرحّل على أسعار السلع، ليتكبدها المواطن الذي يعاني أصلاً من فقدان الدخل وغياب القدرة الشرائية بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب واستنزاف موارد الدولة.

وأشار العدوفي إلى أن جماعة الحوثي تستحوذ على مقدرات الدولة في مناطق سيطرتها وتمنع المواطنين من حقوقهم الأساسية في الرواتب والخدمات، في حين تُستخدم الموارد العامة في تمويل العمليات العسكرية وإثراء قيادات الجماعة، مضيفًا أن مناطق سيطرة الحكومة ليست أفضل حالاً، حيث ظهرت جماعات مسلحة تنازع الدولة سلطتها وتفرض جبايات خاصة بها في سلوك مشابه تماما لما تمارسه جماعة الحوثي.


وأكد العدوفي أن استمرار هذا العبث يُنذر بمزيد من الانهيار للاقتصاد الوطني، ويقوّض أي فرصة لتعافيه، مشدداً على أن الحل يكمن في استعادة الدولة لدورها السيادي ووضع يدها على كافة الموارد وتوحيد القنوات المالية لضمان توجيهها نحو التنمية وتوفير الخدمات الأساسية.

واختتم العدوفي حديثه نطالب الحكومة بتحمّل مسؤولياتها التاريخية والعمل على وقف هذه الظواهر التي تعمّق الانقسام السياسي والاقتصادي وتُفقد المواطنين ما تبقى من أمل في مستقبل مستقر واقتصاد قابل للحياة.

المصدر اونلاين