�نا عدن | متابعات
عادل الشجاع
سياسي وكاتب|
من المؤسف أن تُختزل قضايا الشعوب في شعارات غوغائية، يرفعها من لا يفقهون من السياسة شيئًا ولا يملكون من الوعي الوطني أدنى مقوماته، هذا هو حال ما يُسمى بـ”الانفصاليين” في اليمن، ممن اختاروا لعب دور المعول الهدام، فوقفوا في وجه الدولة، وعطلوا مؤسساتها، وتمادوا في تدمير كل ما تبقى من أمل لدى المواطن اليمني..
لم يأتِ ما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” بأي مشروع وطني واضح، ولا بأي رؤية تنموية تستحق الاحترام، كل ما قدموه هو الفوضى، ونهب الموارد، وشرعنة الفساد، والسير وراء أوهام الانفصال التي تجاوزها الزمن، فهم يعيشون في وهم “العودة إلى ما قبل 1990”، وكأن عقارب الزمن يمكن أن تعود إلى الوراء ببيان أو رصاصة..
هل هذه حركة سياسية؟ بالتأكيد لا.. إنها مليشيا مناطقية بامتياز، تُتاجر بقضية الجنوب وتستغل معاناة الناس لأهداف شخصية وإقليمية مكشوفة، متناسية أن الوطن لا يُبنى بالتمزيق، ولا تتحقق العدالة عبر فوهات البنادق..
من يزور المحافظات التي يسيطر عليها الانفصاليون، يُدرك سريعًا حجم الكارثة، لا ماء، لا كهرباء، لا طرقات، لا صحة، لا تعليم، المشهد يُشبه المناطق المنكوبة، رغم ما تملكه تلك المناطق من ثروات وموقع استراتيجي، فالتنمية توقفت، والاستثمارات هربت، والموارد تُنهب علنًا، تحت غطاء “الإدارة الذاتية” التي تحولت إلى عصابة تفرض الجبايات، وتزرع الحواجز، وتُمعن في إذلال المواطن..
تدمير المؤسسات.. أول إنجازاتهم!
أول ما فعلته هذه الجماعات هو تدمير مؤسسات الدولة، بدل أن يبنوا، اختاروا أن يهدموا، وبدلاً من أن يدعموا القضاء، قوضوه، وبدلاً من احترام الأمن، حولوه إلى عصابات تتبع الولاء لا الكفاءة، يعبثون بالمؤسسات، يُقصون الكفاءات، يُوظفون الولاءات، ويُحاربون كل صوت يعارضهم، أما الصحافة الحرة، فإما تُغلق أو تُهدد أو تُشترى..
جهل فاضح بالقانون الدولي والعرف السياسي
أكثر ما يثير السخرية في خطاب الانفصاليين هو ترديدهم لمصطلحات لا يفقهون معناها: “حق تقرير المصير”، “الاستقلال”، “السيادة الجنوبية”، وكأنهم دولة قائمة بالفعل، بينما لا يعترفون بهم حتى أولئك الذين يمولونهم.!
القانون الدولي لا يعترف بمليشيات تُمسك بالبندقية وتُقسم الدولة على مزاجها، لا توجد قوة في العالم تمنح الشرعية لمشروع انفصالي لا يحظى بإجماع شعبي، ولا يعترف بالدستور، ولا يمر بأي مسار سياسي واضح، كل ما يفعله الانفصاليون هو اللعب بالنار، دون فهم لتبعات ما يفعلونه..
ليست لديهم برامج اقتصادية، ولا رؤية إدارية، ولا خريطة طريق سياسية، كل ما يملكونه هو خطاب مناطقي مليء بالكراهية، وولاءات خارجية واضحة، وتحركات مسلحة لا تخدم سوى من يسعون لتفكيك اليمن خدمة لأجنداتهم، أما المواطن اليمني الجنوبي، فهو آخر من يفكرون فيه..
ختامًا: عار الانفصال وسُقوط الأقنعة
الانفصاليون في اليمن ليسوا دعاة حرية، ولا ممثلين لقضية الجنوب، بل أدوات تخريب مدفوعة الثمن، تسير بعقلية العصابات، وتجهل متطلبات بناء دولة، وتتعامى عن الخراب الذي خلفوه في كل شبر سيطروا عليه..
سيكتب التاريخ أن من تبنوا مشروع الانفصال لم يقدموا لليمن سوى الفوضى والانقسام، وأنهم كانوا مجرد مرحلة عابرة في مسار شعبٍ يطمح لدولة عادلة، لا مكان فيها للطائفيين ولا لأمراء الحرب .