�نا عدن | متابعات
قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن الخطة الوهمية التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية للسيطرة على غزة هي وصفة لحرب دائمة وتدمير غير إنساني وتنذر بمرحلة جديدة من التصعيد العسكري والسياسي في المنطقة.
وأبرزت الصحيفة أنه رغم التنديدات الدولية ورفض بعض الأصوات داخل دولة الاحتلال نفسها، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تنفيذ هذه الخطة التي تهدد بفرض عبء مالي هائل على الدولة وقد تؤدي إلى زيادة أعداد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، يحذر المنتقدون من أن هذه الخطوة قد تخلق وصفة لحرب دائمة قد لا تنتهي أبدًا.
بحسب الغارديان فإنه لا شك أن خطط دولة الاحتلال العسكرية والسياسية تجاه غزة تثير تساؤلات كثيرة حول نوايا الحكومة الإسرائيلية وتقديراتها بشأن الآثار المستقبلية لتلك الخطة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن عن خطط للتوسع العسكري في قطاع غزة تحت ذريعة "إزالة المقاومة"، وهو هدف تم الترويج له كجزء من رؤية أمنية. لكن في الواقع، هذه الخطوة تشير إلى نية دولة الاحتلال في فرض السيطرة الكاملة على القطاع، ما يُعتبر بمثابة إعادة احتلال كامل.
ورغم أن مكتب نتنياهو لم يُصرح رسميًا بكلمة "احتلال"، إلا أن النوايا الفعلية تبدو واضحة. فالأدوات العسكرية والسياسية التي تستعملها دولة الاحتلال في هذا الصدد تثير القلق من أن تتحول غزة إلى ساحة من الدمار المستمر، في ظل تجاهل واضح للحقوق الإنسانية للسكان الفلسطينيين.
الضغط الداخلي داخل إسرائيل: معارضة ونقد
داخل دولة الاحتلال لا تخلو هذه الخطة من المعارضة. فقد أعرب العديد من السياسيين والعسكريين عن قلقهم من العواقب السلبية لهذه الخطوة.
من بين هؤلاء، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق إيال زامير، الذي عبّر عن مخاوفه من أن الخطة قد تؤدي إلى مزيد من الخسائر في الأرواح سواء من الجانب الإسرائيلي أو الفلسطيني.
كما أشار زامير إلى أن الجيش الإسرائيلي الذي يعاني من الإرهاق نتيجة العمليات العسكرية المتواصلة قد لا يكون قادرًا على تنفيذ خطة معقدة وطويلة الأمد في غزة.
ويُضاف إلى ذلك تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لابيد، الذي وصف الخطة بأنها "كارثة" من شأنها أن تؤدي إلى "مزيد من الكوارث" على المدى البعيد.
لابيد، الذي يُعتبر من الشخصيات المؤثرة في السياسة الإسرائيلية، حذّر من أن الخطة قد تؤدي إلى المزيد من إراقة الدماء، وتدمر العلاقات الدبلوماسية مع الدول الكبرى، بل وربما تُغرق (إسرائيل) في مستنقع الاحتلال غير المجدي.
الجانب المالي: عبء إضافي على إسرائيل
يُضاف إلى هذه الحسابات العسكرية والسياسية، العبء المالي الكبير الذي قد تتحمله دولة الاحتلال نتيجة تنفيذ خطة السيطرة على غزة.
وفقًا لتحليل الخبراء الاقتصاديين، فإن تكلفة السيطرة الكاملة على غزة قد تصل إلى حوالي 6 مليارات دولار في الأشهر المقبلة، مع "تكاليف غير مفهومة" مرتبطة بإدارة مليونين من الفلسطينيين في منطقة مزقتها الحروب.
هذا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها دولة الاحتلال بسبب الإنفاق العسكري المستمر في جبهات أخرى، مثل لبنان وسوريا واليمن، بالإضافة إلى غزة.
وبذلك، فإن الاستمرار في هذه السياسة قد يهدد الاستقرار المالي لإسرائيل، ويزيد من عبء دافعي الضرائب الإسرائيليين الذين سيضطرون لتحمل هذه النفقات الضخمة.
النظرة الإنسانية: تدمير غير إنساني
من الجوانب الأكثر إشكالية في هذه الخطة هو تجاهل الجانب الإنساني. فإسرائيل، التي تتشدق دائمًا بمواقفها الدفاعية، لا تأخذ بعين الاعتبار المأساة الإنسانية المتواصلة في غزة. الفقر، والدمار، والنزوح، والتشرد، لا يعدو أن يكون جزءًا من واقع يومي يعايشه أهل غزة، بينما تغرق المدينة في موجات من العنف والدماء نتيجة للعدوان العسكري المستمر.
القتل الجماعي الذي يحدث في غزة، مثل ما حدث في مواقع توزيع الغذاء من قبل قوات الاحتلال، يبرز صورة مروعة عن التعامل الإسرائيلي مع المدنيين الفلسطينيين.
وقد أدانت منظمات حقوق الإنسان دوليًا هذه التصرفات، التي تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تحظر استهداف المدنيين في مناطق النزاع.
التنديد الدولي: التصعيد الذي لا يؤدي إلى السلام
أما على الصعيد الدولي، فقد أصدرت العديد من الدول الغربية مناشدات لوقف التصعيد في غزة، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، التي دعت دولة الاحتلال إلى إعادة التفكير في خططها العسكرية في القطاع. ولكن هذه التنديدات لا تبدو كافية لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث تواصل إسرائيل نهجها القمعي دون أي اعتبار للضغط الدولي.
في المقابل دولة الاحتلال التي تحظى بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية، لا تبدو مهتمة بالاستماع إلى الدعوات الدولية لوقف الحرب.
بل إن الخطط الأخيرة تكشف عن نية تل أبيب في توسيع نطاق الحرب على غزة، الأمر الذي يهدد بزيادة إراقة الدماء، وتدمير ما تبقى من الأمل في التسوية السلمية.
وختمت الغارديان بأن الخطة الإسرائيلية للسيطرة على غزة لا تعدو أن تكون وصفة لحرب دائمة، مع استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، وزيادة في أعداد الضحايا من المدنيين.
وأكدت أن هذه الخطة تعكس عجزًا واضحًا عن التوصل إلى حل سلمي، وتؤكد أن دولة الاحتلال ما زالت متمسكة بالحلول العسكرية رغم فشلها المستمر في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.
وفي الوقت نفسه، تبقى معاناة غزة في ذروة ما يمكن أن يتحمله إنسان من ألم، وسط صمت عالمي وقصور في الدعم العربي الفعّال.
المصدر | سند للانباء