في إستمرار التصعيد الخطير الذي يمس جوهر المؤسسات التعليمية، دشنت مليشيا الحوثي في كلية الصيدلة بجامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء، المرحلة الثانية من الدورات القتالية التي تفرضها على الأكاديميين والموظفين الإداريين في الجامعات الواقعة تحت سيطرتها.
وأفادت مصادر أكاديمية مطلعة أن المليشيا بدأت بتنفيذ هذه المرحلة ضمن ما تسميه بـ"التعبئة العامة"، مستهدفة الكوادر التي خضعت للمرحلة الأولى من هذه الدورات، والتي تشمل جامعات خاصة وحكومية، أبرزها: جامعة العلوم والتكنولوجيا، جامعة الناصر، جامعة أزال، الجامعة الإماراتية، جامعة صنعاء، إضافة إلى إداريين وأطباء من مستشفى العلوم والتكنولوجيا ومستشفيات أخرى، ومعلمين من مدارس خاصة مثل مدارس الإشراق والنهضة الحديثة.
تشمل هذه الدورات التي تُقام تحت تهديدات مباشرة جانبا نظريا يستمر عادة لأسبوع، يتبعه جانب عملي في معسكرات تابعة للجماعة، أبرزها معسكر الصباحة الواقع في جبل عصر غرب صنعاء، حيث يتلقى المشاركون تدريبات عسكرية مكثفة تشمل استخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة مثل الكلاشينكوف وقذائف الـRPG والمدفعية 12.7، إلى جانب تدريبات على القنص، اقتحام المواقع، اجتياز الحواجز، والزحف على الأرض.
وأكدت المصادر أن الأكاديميين والإداريين يُجبرون على التصوير أثناء التدريبات، وتمنع أي محاولات انسحاب، وسط رقابة صارمة من مشرفي الجماعة.
كما أرسلت وزارة الدفاع التابعة للحوثيين مؤخرا لجنة ميدانية لتسجيل المشاركين في هذه الدورات العسكرية ومنحهم أرقاما عسكرية تمهيدا لاستدعائهم عند الحاجة.
ووفقا للمصادر، فإن نهاية هذه الدورات لا تكتمل دون زيارة إجبارية لضريح مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي في جبال مران بمحافظة صعدة، حيث يطلب من المشاركين أداء طقوس "التحية" والولاء.
وتعد هذه الممارسات امتدادا لنهج الجماعة في عسكرة التعليم، وتحويل الجامعات من منابر علمية إلى ساحات تجنيد، ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تفريغ المؤسسات التعليمية من مضمونها الأكاديمي وتحويلها إلى أذرع خادمة للمشروع الطائفي والمسلح.
وتزايدت المخاوف في الأوساط الأكاديمية من اتساع نطاق هذه الدورات، في ظل صمت رسمي واختفاء أي صوت مؤسسي يعارض هذه الانتهاكات الخطيرة، التي تمثل انتهاكا صارخا لحرمة التعليم وتحويلا ممنهجا للكادر الأكاديمي إلى وقود حربي في مشروع جماعة لا تؤمن إلا بالعنف كأداة للسيطرة.