الرئيسية - أخبار محلية - كيف تحولت عدن إلى شركة "خاصة"!؟.. في كل دول العالم تُدفع الضرائب "مقابل" خدمات كهرباء ماء تعليم صحة طرق امان.. ماعدا "عدن": المواطن يدفع ولا يحصل على شيء !

كيف تحولت عدن إلى شركة "خاصة"!؟.. في كل دول العالم تُدفع الضرائب "مقابل" خدمات كهرباء ماء تعليم صحة طرق امان.. ماعدا "عدن": المواطن يدفع ولا يحصل على شيء !

الساعة 03:46 مساءً



�نا عدن | مقالات
 محمد السقاف
كاتب سياسي |
 
 مقدمة:
في دول العالم، تُدفع الضرائب مقابل خدمات: كهرباء، تعليم، صحة، أمن، طرق..
أما في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، فالمعادلة معكوسة تمامًا: المواطن يدفع، ولا يحصل على شيء. 
الجبايات تُفرض بلا قانون، وتُحصَّل بأختام الجمهورية، لكنها تُورَّد لحسابات فصائل سياسية تتصرف وكأنها مالكة للأرض والناس.

المجالس المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي، اللذان يفترض أن يكونا جهتين خادمتين للمواطن، أصبحا اليوم شركاء في منظومة فساد ممنهج. 
لا رقابة، لا مساءلة، لا ميزانيات معلنة، فقط آلة جباية ضخمة تبتلع كل ما يمر على الطرقات أو يُباع في الأسواق.

 أولاً: المشهد السياسي – من سلطة محلية إلى دولة موازية، في غياب الدولة اليمنية المركزية، استغل المجلس الانتقالي والمجالس المحلية الفراغ ليؤسسوا "إدارات مالية موازية". 
لا أحد يعلم من يصادق على الجبايات.
 لا وجود لمجلس رقابي، لا برلمان منتخب، لا شفافية مالية.

تحوّل المجلس الانتقالي من كيان سياسي إلى سلطة أمر واقع تفرض الإتاوات وتُصدر التوجيهات، بينما المجالس المحلية تعمل كأدوات تنفيذ، تتلقى التعليمات وتنفذها حرفياً، دون أي اعتبار للقانون أو مصالح الناس.

 ثانيًا: المنظومة الاقتصادية – الجباية بدل الإيراد العام
دعونا نأخذ مثالًا بسيطًا: مقطورة غاز تمر من أربع محافظات (شبوة، أبين، عدن، لحج). في كل محافظة، تدفع 200 ألف ريال كرسوم عبور، أي ما يقارب 800 ألف ريال لكل مقطورة. هذه الأموال لا تدخل خزينة وزارة المالية، بل تذهب لحسابات خاصة "تابعة للانتقالي".

المفارقة؟ المواطن يدفع السعر النهائي الأعلى، رغم أن الغاز منتج محلي من مأرب أو شبوة.

وماذا عن محطات الغاز؟ تدفع رسومًا على الترخيص، على التحميل، على البيع، على المولد الكهربائي، وعلى الأرض التي تقوم عليها. والنتيجة؟ غاز أغلى، دخل أقل، خدمات معدومة.

إذا كانت هذه فقط إيرادات قطاع الغاز، فكم يجمع الانتقالي من:
رسوم المشتقات النفطية؟
ضرائب المحلات والأسواق؟
تصاريح النقل الثقيل؟
جمارك الموانئ والمعابر؟
رسوم البناء والتراخيص التجارية؟
ضرائب القات والمطاعم والصناعات المحلية؟
رسوم الميازين في المعابر وغرامة على كل طن زائد؟
رسوم تصاريح الدعم والاسناد لجنة فحص ؟
رسوم ضرائب البضائع المهربة من راس العارة ؟
رسوم الاسواق المركزية للماشيه ؟
رسوم ركن السيارة وعربة حمل الامتعة في المطارات ؟
رسوم سياحة ٣٪ على المطاعم ؟
رسوم الجمارك بجميع انواعها ؟
وووو الى الخ...
كلها بلا ميزانية منشورة، ولا تقارير مالية، ولا موازنة سنوية تُعرض على الشعب.

 ثالثًا: من زاوية القانون – هل هذا نظام شرعي؟
ما يحدث هو تجاوز صريح للدستور اليمني وللقوانين المالية والإدارية. الجبايات لا تُفرض إلا بقانون، ولا تُحصَّل إلا عبر وزارة المالية والبنك المركزي. أما ما يجري اليوم، فهو أشبه بـ"جباية قبائلية" تُمارَس بقوة السلاح والنفوذ.

لا يوجد قرار جمهوري يُشرعن هذه الرسوم.
لا يوجد قانون محلي صادر عن مجلس منتخب.
لا توجد جهة رقابية مستقلة تراجع الإيرادات والنفقات.
هذا ليس نظام حكم، بل نظام نهب منظم برعاية رسمية.

 رابعًا: المواطن... الضحية الوحيدة
الضحية الأولى والأخيرة هو المواطن. موظف الدولة يُصرف له راتب كل 3 أشهر، ناقص ضرائب غير قانونية. التاجر يُجبر على رفع الأسعار. البسطاء يُعاقبون على حاجتهم للغاز أو الماء أو القوت اليومي. لا كهرباء، لا صحة، لا تعليم، ولا أي مقابل يُذكر.

 خامسًا: الرسالة للمواطن
يا أيها المواطن:
لا تصدق أن من يحكمك اليوم يعمل لمصلحتك. من ينهبك عند كل نقطة تفتيش، من يفرض عليك جبايات بغير وجه حق، من يُغني نفسه ويُفقر شعبه... ليس قائداً بل متسلط.

تذكر:
الدولة تُبنى بالمحاسبة، لا بالولاءات.
الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع.
الصمت على الفساد مشاركة فيه.

الخاتمة :
المجلس الانتقالي والمجالس المحلية لم يبنوا دولة، بل أقاموا شركة استثمارية خاصة. عدن أصبحت رأس مالهم، والمواطن مجرد زبون دائم الدفع.
لكن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنام طويلاً.