الرئيسية - أخبار محلية - هيومن رايتس ووتش: الإمارات تسحق أي شكل من المجتمع المدني المستقل

هيومن رايتس ووتش: الإمارات تسحق أي شكل من المجتمع المدني المستقل

الساعة 06:07 صباحاً (هنا عدن/ خاص )

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن الإمارات صعّدت حملتها لسحق أي شكل من أشكال المجتمع المدني المستقل عبر محاكمات جماعية جائرة وأحكام قاسية بالسجن المؤبد طالت عشرات النشطاء والمعارضين السياسيين.

وأوضحت المنظمة أن الأحكام الأخيرة الصادرة بحق 24 متهماً في الإمارات، والتي قضت بسجنهم مدى الحياة، هي دليل جديد على ازدراء السلطات الإماراتية لأبسط معايير العدالة وحقوق الإنسان.



وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أنّ الدائرة الجزائية في المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في 26 يونيو/حزيران 2025 حكماً بنقض قرار سابق يقضي برفض القضايا المرفوعة ضد 24 متهماً، وأعادت إدانتهم لتصدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد.

وكانت السلطات الإماراتية قد أعلنت في عام 2023 عن توجيه تهم تتعلق بالإرهاب إلى هؤلاء الأفراد بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي، الذي وصفته هيومن رايتس ووتش بأنه قانون تشوبه عيوب خطيرة ويستغل في ملاحقة المعارضين السلميين.

عشرات الأحكام بسبب الرأي

بحسب المنظمة يرتفع بهذه الأحكام عدد المدانين في قضية المحاكمة الجماعية من 53 إلى 83 شخصاً، بينهم 67 شخصاً صدر بحقهم حكم بالسجن المؤبد.

وكانت السلطات الإماراتية قد أحالت 84 متهماً إلى المحاكمة في ديسمبر/كانون الأول 2023، ويبدو أن شخصاً واحداً قد بُرّئ، إلا أن المنظمة لم تتمكن من التأكد من هويته أو ظروف تبرئته.

وفي 10 يوليو/تموز 2024، أصدرت محكمة الاستئناف الاتحادية في أبو ظبي أحكاماً بحق 53 متهماً تراوحت بين 10 سنوات والسجن المؤبد، عقب محاكمة وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها كانت “جائرة في جوهرها” وشابتها انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة.

وأوضحت المنظمة أن تلك المحاكمة كانت ثاني أكبر محاكمة جماعية من نوعها في الإمارات، وشهدت انتهاكات منها تقييد الاطلاع على ملفات القضية، وتقليص فرص الدفاع القانوني، وتلقين القضاة للشهود، إضافة إلى جلسات سرية، وادعاءات موثوقة بوجود سوء معاملة وانتهاكات جسيمة.

وكانت المحكمة قد أسقطت حينها القضايا المرفوعة ضد 24 متهماً آخرين، غير أن النيابة العامة الإماراتية طعنت لاحقاً في قرارات الرفض، ما أدى إلى إعادة المحاكمة وإصدار أحكام السجن المؤبد بحقهم في يونيو/حزيران الماضي.

ازدراء لسيادة القانون

قالت جوي شيا، الباحثة المختصة في الشأن الإماراتي لدى هيومن رايتس ووتش: “بُرِّرت ثاني أكبر محاكمة جماعية في الإمارات تحت ستار مكافحة الإرهاب، لكنها في حقيقتها جزء من جهود الحكومة الإماراتية الحثيثة لمنع عودة ظهور أي شكل من المجتمع المدني المستقل. السجن المؤبد رداً على النشاط السلمي يظهر ازدراء أبوظبي المطلق للنقد السلمي ولأبسط مبادئ سيادة القانون”.

وأضافت شيا أن السلطات الإماراتية تستغل قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي الصادر عام 2014، الذي يتضمن أحكاماً فضفاضة تفرض عقوبات قاسية تصل إلى الإعدام، لملاحقة من يمارس حقه في حرية التعبير أو تكوين الجمعيات.

وفي السياق ذاته، لفتت هيومن رايتس ووتش إلى أن السلطات الإماراتية وجهت اتهامات إلى 84 متهماً في ديسمبر/كانون الأول 2023، بالتزامن مع استضافة البلاد لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب28)، وذلك على خلفية مزاعم بتشكيل جماعة مناصرة مستقلة عام 2010 تُعرف باسم “لجنة العدالة والكرامة”.

وأشارت المنظمة إلى أن العديد من هؤلاء النشطاء كانوا يقضون بالفعل أحكاماً بالسجن على خلفية التهم ذاتها أو تهم مشابهة منذ سنوات، في إشارة إلى استمرار القمع الممنهج الذي تمارسه أبوظبي ضد الأصوات المعارضة.

ومن بين أبرز المتهمين في هذه المحاكمة الجماعية لعام 2024 الناشط الحقوقي المعروف أحمد منصور، عضو المجلس الاستشاري لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إضافة إلى الأكاديمي ناصر بن غيث. وقد أصدرت المحكمة حكماً بسجن كل منهما 15 عاماً.

وتؤكد هيومن رايتس ووتش أنه يتعين على السلطات الإماراتية إلغاء كافة الأحكام الصادرة بحق المتهمين والإفراج عنهم فوراً، إذ تستند التهم الموجهة إليهم إلى ممارستهم السلمية لحقوقهم الأساسية، وأن المحاكمات التي أُدينوا فيها جائرة في جوهرها.

وأوضحت المنظمة أن القمع في الإمارات لا يقتصر على إصدار أحكام قاسية فحسب، بل يشمل أيضاً الحرمان من الحقوق الأساسية داخل السجون، إذ ذكرت “مركز الإمارات للدفاع عن المعتقلين” أن غالبية المدانين محرومون من زيارة أسرهم أو التواصل معهم هاتفياً.

ونقل المركز عن أحد أقارب المعتقلين قوله: “بحسب ما سمعنا، فقد نُقلوا من الحبس الانفرادي، لكن لا شيء مؤكد لأنه لا يوجد مصدر حقيقي للمعلومات. لا توجد طريقة حقيقية للحصول على المعلومات. نعتقد أن هذه مجرد محاكمة صورية”.

وأشار المركز الحقوقي إلى أن ما لا يقل عن 60 من المتهمين سبق أن أُدينوا في محاكمة “الإمارات 94” الجائرة عام 2013، والتي أسفرت عن أحكام بالسجن ضد 69 شخصاً من منتقدي الحكومة، بينهم ثمانية غيابياً، بتهم تتعلق بحرية التعبير وتكوين الجمعيات. وقد جاءت تلك المحاكمة عقب حملة اعتقالات تعسفية شهدتها الإمارات عام 2012 في واحدة من أعنف موجات القمع ضد المعارضة السياسية في تاريخ البلاد.

واختتمت شيا تصريحها قائلة: “ينبغي للسلطات الإماراتية إلغاء هذه الإدانات والإفراج عن المتهمين فوراً ودون قيد أو شرط”، مؤكدة أن الإمارات تسعى بكل الوسائل إلى القضاء على أي مساحة للمجتمع المدني أو النشاط المستقل، حتى وإن كان سلمياً تماماً.