الرئيسية - أخبار محلية - تقرير ودراسة هامة يستعرض المليشات المدعومة إماراتيا في اليمن.. دولة داخل الدولة ومشروع تفكيك للبلاد( الدور الاماراتي في اليمن)

تقرير ودراسة هامة يستعرض المليشات المدعومة إماراتيا في اليمن.. دولة داخل الدولة ومشروع تفكيك للبلاد( الدور الاماراتي في اليمن)

الساعة 04:17 صباحاً (هنا عدن/ خاص )


تقرير ودراسة هامة يستعرض المليشات المدعومة إماراتيا في اليمن.. دولة داخل الدولة  ومشروع تفكيك للبلاد( الدور الاماراتي في اليمن) 


اصدر مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية دراسة استقصائية تفصيلية حديثة تحت عنوان ، المليشات المدعومة إماراتيا في اليمن.. دولة داخل الدولة  ومشروع تفكيك للبلاد( الدور الاماراتي في اليمن) 



تركز تقرير الدراسة الاستقصائي باستعراض صورة مفصلة عن الدور الإماراتي في اليمن (2016-2025) عبر المحاور التالية
 1-  المليشيات المحلية التي دعمتها الإمارات وتوزعها الجغرافي، 
2-؛مواجهة الإمارات للحكومة اليمنية الشرعية وإضعافها لمؤسسات الدولة
3- علاقتها بالمجلس الانتقالي الجنوبي ودعم مشروع الانفصال، 
4-شبكات المخبرين والأجهزة الأمنية الموازية التي أنشأتها. 
ويستند التقرير إلى مصادر خاصة ومصادر مفتوحة متنوعة عربية وأجنبية، وتقارير منظمات حقوقية وأممية، ويختتم بجداول زمنية وخرائط توضيحية لأبرز الأحداث وتوزع القوى على الأرض. 
ووضح التقرير انه عمليًا، أصبح الجنوب منطقة نفوذ إماراتية تحت راية الانتقالي. وهذا الوضع يضع تحديًا كبيرًا أمام أي تسوية شاملة للحرب اليمنية، لأنه يضيف تعقيد قضية الجنوب إلى جانب صراع الشرعية مع الحوثيين. يجادل البعض بأن الإمارات لم تعلن صراحة دعم الانفصال تجنبًا لإحراج حليفتها السعودية والتناقض مع قرارات مجلس الأمن. لكن أفعال أبوظبي على الأرض – من تسليح وتدريب الانفصاليين إلى تمكينهم سياسيًا – تؤكد انحيازها لمشروع تفتيت اليمن. ولعل نظرة على واقع الحال في عدن اليوم تظهر أن الإمارات حققت كثيرًا مما أرادته: فعدن التي كانت مقر الحكومة أصبحت عاصمة فعلية للمجلس الانتقالي، وترفرف أعلام الانفصال وصور قادة الانتقالي في شوارعها بدلًا من صور الرئيس اليمني. وبذلك تكون الإمارات قد نجحت في فرض أمر واقع انفصالي ينتظر فقط الغطاء الرسمي إذا ما تم التوصل لاتفاق سلام مع الحوثيين يرضى بترتيبات خاصة للجنوب.

        نص التقرير 

المليشيات في ثمان محافظات يمنية
عملت الإمارات على بناء مليشيات موازية في اليمن، عبر دعم قوات محلية متعددة المسميات انتشرت في ثمان محافظات يمنية  (جنوب البلاد)، وهي عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحضرموت وسقطرى بالإضافة إلى نفوذ غير مباشر في المهرة.
هذه التشكيلات - المعروفة بـ"الأحزمة الأمنية" و"قوات النخبة" وغيرها - تلقت تمويلًا وتدريبًا وتسليحًا من الإمارات، وتعمل بمعزل عن قيادة الجيش اليمني الرسمي، مما جعل الحكومة الشرعية تصفها بأنها "ميليشيات" خارجة عن سيطرة الدولة.
تشكلت قوات "الحزام الأمني" لأول مرة في عدن في مارس 2016 بقرار شكلي من وزارة الداخلية اليمنية، لكن واقعياً تمت بإشراف ودعم كامل من الإمارات. توسع الحزام الأمني لاحقًا إلى لحج وأبين والضالع، ويُقدر قوامه بحوالي 15 ألف مقاتل في تلك القطاعات بحلول 2018.
هذه القوات تضم في صفوفها ضباطًا جنوبيين سابقين وعناصر من الحراك الجنوبي وانتماءات سلفية، وتدين بالولاء للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال.
سيطر الحزام الأمني على مفاصل الأمن في عدن ومحافظات جنوبية، حيث انتشرت حواجزه في المدن ورفعت أعلام  الإنفصال على المقار الحكومية والمعسكرات في تحدٍّ لرموز الشرعية.
ووثقت تقارير حقوقية انتهاكات جسيمة ارتكبها أفراد هذه القوات، من ترحيل قسري لمواطنين شماليين من عدن، إلى تشغيل سجون سرية بإشراف إماراتي تعرض المحتجزون فيها للتعذيب وسوء المعاملة.
بالتوازي، أنشأت الإمارات قوات "النخبة" في المحافظات الشرقية الغنية بالموارد... ففي حضرموت موّلت أبوظبي في أوائل 2016 تشكيل قوات النخبة الحضرمية بقيادة ضباط محليين، وذلك بحجة محاربة تنظيم القاعدة وتثبيت الأمن في ساحل حضرموت غير أن ذلك كان غطاء لتقليص نفوذ الحكومة الشرعية وقد نجحت هذه القوات (بالتعاون مع قوات إماراتية) في تقليص نفوذ الشرعية في مدينة المكلا  وفرضت سيطرتها على مرافقها الحيوية (بما فيها ميناء المكلا ومطار الريان)
وفي أواخر 2016، دعمت الإمارات أيضًا تشكيل "النخبة الشبوانية" في محافظة شبوة الغنية بالنفط حيث وبلغ قوام النخبة الشبوانية نحو 4,000 مقاتل، وانتشرت للسيطرة على منشآت النفط والغاز في شبوة ومطار عتق، وتأتمر بشكل مباشر مع القيادة العسكرية الإماراتية في الجنوب.
 
سيطرت النخبتان (الحضرمية والشبوانية) على أمن محافظتي حضرموت وشبوة، وعززتا نفوذ الإمارات في منابع الطاقة اليمنية..وقد حدث سباق نفوذ بين الإمارات والسعودية في تلك المناطق النفطية؛ حيث بسطت السعودية سيطرتها على محافظة المهرة وأجزاء من وادي حضرموت منذ 2017 وما بعد، فيما أحكمت الإمارات قبضتها على شبوة وساحل حضرموت.
أما في مناطق الساحل الغربي المطلة على البحر الأحمر (أجزاء من تعز ومحافظة الحديدة)، فقد رعت الإمارات تشكيلين رئيسيين هناك: ألوية العمالقة وقوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) الى جانب تشكيل الوية النخبة التهامية
ظهرت ألوية العمالقة كمجموعة قتالية فعّالة خلال حملة الساحل الغربي عام 2017 المعروفة بـ"عملية الرمح الذهبي" بهدف التقدم نحو ميناء الحديدة الاستراتيجي. يتكون مقاتلو العمالقة في الأساس من سلفيين جنوبيين وعناصر من تنظيم القاعدة
وقد تولى قيادتها القائد السلفي عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي (الملقب "أبو زرعة") الذي أصبح لاحقًا عضوًا في مجلس القيادة الرئاسي.
توسعت ألوية العمالقة تدريجيًا حتى بلغت حوالي 12 لواءً بحلول معركة الحديدة في 2018، بعد انضمام مجندين من المقاومة التهامية إليها. ورغم أن هذه الألوية تعمل ظاهريًا ضمن قوام قوات الشرعية، إلا أنها تتلقى دعمها وأوامرها من الإمارات مباشرة.
 

بموازاة ذلك، شكّلت الإمارات في 2018 قوات "حراس الجمهورية" بقيادة العميد طارق صالح (نجل شقيق الرئيس الراحل علي صالح). جاء طارق إلى الساحل الغربي بعد مقتل عمه بصنعاء وانشقاقه عن الحوثيين أواخر 2017. وقد أعادت أبوظبي تجميع المئات من أفراد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة السابقين الموالين لصالح في قوة جديدة موالية لطارق تحت مسمى "المقاومة الوطنية

لجدول 1: توزيع القوات المحلية المدعومة إماراتياً حسب المحافظات
عدن (العاصمة المؤقتة)

قوات الحزام الأمني (لواء الدعم والإسناد الأول وغيره) – تسيطر على أمن عدن ومرافقها.

لحج

قوات الحزام الأمني (قطاع لحج) – تنتشر نقاطها في لحج ضمن قوات المجلس الانتقالي.

أبين

قوات الحزام الأمني (قطاع أبين) – تفرض سيطرتها على عاصمة أبين زنجبار ومحيطها.

الضالع

قوات الحزام الأمني (قطاع الضالع) – تضم مقاتلين من الحراك الجنوبي والتيار السلفي الموالي للانتقالي.

شبوة

قوات النخبة الشبوانية – تأسست أواخر 2016 بدعم إماراتي، قوامها ~4,000 مقاتل وتأتمر بأوامر أبوظبي.

حضرموت (الساحل)

قوات النخبة الحضرمية – تشكّلت مطلع 2016 بتمويل إماراتي لتحرير المكلا من القاعدة، وتسيطر على ساحل حضرموت.

حضرموت (الوادي)

تقع تحت نفوذ المنطقة العسكرية الأولى الموالية للحكومة/السعودية؛ لا وجود لمليشيات إماراتية مباشرة هناك.

سقطرى (الأرخبيل)

قوات محلية موالية للإمارات ضمن النخبة السقطرية – ظهرت لاحقًا لحماية نفوذ أبوظبي في الجزيرة الاستراتيجية.

تعز/الحديدة (الساحل الغربي)

قوات ألوية العمالقة – تشكيل سلفي مدعوم إماراتيًا برز بمعركة الساحل الغربي (2017)؛ وقوات حراس الجمهورية بقيادة طارق صالح (ابن شقيق صالح). كلاهما ينتشر في جنوب الحديدة وغرب تعز تحت إشراف إماراتي مباشر.

المهرة

نفوذ إماراتي محدود مقابل حضور سعودي أقوى (تواجدت قوات سعودية سيطرت على منافذ المهرة منذ 2017، مع وجود شكلي للإمارات).


تولت هذه القوات مسؤولية جبهة الساحل مع العمالقة، وتمركزت في مدينة المخا ومحيطها. وبمرور الوقت أصبحت قوة طارق صالح إحدى أهم الأدوات الإماراتية في غرب اليمن، وتحظى بدعم مالي وعسكري مباشر من أبوظبي.
ساهمت هذه المليشيات المتعددة في تحقيق أهداف الإمارات العسكرية والسياسية في اليمن. 
فمن جهة، عملت على تقليص نفوذ الشرعية في الجنوب بالتنسيق مع القوات الإماراتية (كما في المكلا وأبين وعدن وغيرها )، 
وقد تفاخر مسؤولون إماراتيون في وقت سابق بأن قواتهم المحلية في اليمن تجاوزت 90 ألف مقاتل تم تدريبهم وتجهيزهم بحلول 2019، في إشارة إلى مجمل هذه التشكيلات التي أنشأتها الإمارات. لكن سيطرة أبوظبي عبر هؤلاء الوكلاء المسلحين جاءت على حساب هيبة الدولة اليمنية ووحدة قرارها السيادي؛ إذ أصبحت هذه المليشيات أمر واقع أمني وعسكري لا تستطيع الحكومة الشرعية توجيهه أو دمجه بسهولة.
 


مواجهة المليشيات الإماراتية للشرعية وإضعاف مؤسسات الدولة اليمنية
 
رغم مشاركة الإمارات ظاهريًا في تحالف دعم الشرعية، إلا أن سياستها على الأرض أفضت إلى إضعاف سلطة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بقيادة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي. سعت أبوظبي لتهميش قوات الجيش الوطني والأمن الرسمية في المناطق "المحررة"، وعمدت إلى بناء سلطة موازية موالية لها عبر المجلس الانتقالي الجنوبي ووكلاء آخرين. ومنذ 2016، وقعت سلسلة من المواجهات المفتوحة والخفية بين الإمارات وحلفائها المحليين من جهة، والحكومة الشرعية وقواتها من جهة أخرى:
 في مارس 2016 أقال الرئيس هادي محافظ عدن المدعوم إماراتيًا خالد بحاح (الذي كان أيضًا نائبًا للرئيس) بسبب رفض حكومته دمج المليشيات في الجيش، ما اعتُبر بداية خلاف علني مع الإمارات. منذ ذلك الوقت، تبنت أبوظبي نهجًا أكثر وضوحًا في تقليص نفوذ هادي وحكومته.
 
في فبراير 2017 اندلعت أزمة غير مسبوقة بين هادي والإمارات حول السيطرة على مطار عدن الدولي. حاولت قوات الحماية الرئاسية الموالية للحكومة تنفيذ قرار رئاسي بتغيير قائد أمن المطار الموالي للإمارات، فقوبلت بقصف جوي إماراتي مباشر استهدف تلك القوات في محيط المطار. كشفت هذه الحادثة عن استعداد أبوظبي لاستخدام القوة ضد حلفاءها الاسميين في الشرعية للحفاظ على نفوذها. 
 
 
 
وقد مُنع هادي نفسه من الهبوط في مطار عدن آنذاك واضطر إلى أن يتوجه بطائرته إلى جزيرة سقطرى – في واقعة مهينة أظهرت حجم هيمنة القوات الموالية للإمارات على المنافذ السيادية.
 
 في أبريل 2017 اتخذ هادي خطوة جريئة بتجريد أبرز رجالات الإمارات في الجنوب من مناصبهم؛ حيث أقال المحافظ عيدروس الزبيدي (محافظ عدن) والوزير هاني بن بريك (وزير الدولة) بسبب تجاوزهما لسلطة الحكومة. ردًا على ذلك، وفي مايو 2017 أعلن الزبيدي وبن بريك تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي" بدعم غير معلن من الإمارات.
 منذ تلك اللحظة بدأ نفوذ الشرعية يتلاشى تدريجيًا في عدن لصالح مشروع الانتقالي الانفصالي، واعتبر كثيرون تشكيل المجلس انعكاسًا لرغبة إماراتية في إيجاد سلطة بديلة عن حكومة هادي في الجنوب.
  تصاعد التوتر أكثر في يناير 2018 عندما اندلعت مواجهات دامية في عدن بين قوات المجلس الانتقالي (الحزام الأمني وألوية تابعة له) وقوات الحكومة الشرعية. خلال معارك استمرت ثلاثة أيام، كادت قوات الانتقالي المدعومة
 
إماراتيًا أن تسيطر تمامًا على عدن وتطيح بالحكومة الشرعية التي اتخذتها عاصمة مؤقتة. تدخلت السعودية في اللحظات الأخيرة لفرض وقف إطلاق نار ومنع الانقلاب، وتم احتواء الموقف جزئيًا عبر تفاهمات هشة.
 
 مثّلت أحداث يناير 2018 إنذارًا صريحًا بأن الشرعية باتت مهددة من حليفها المفترض (الإمارات) ووكلائها المحليين وليس فقط من الحوثيين.
 في مايو 2018 قامت الإمارات بخطوة استفزازية أخرى تمثلت بإرسال قوات عسكرية إلى جزيرة سقطرى اليمنية دون تنسيق مع حكومة هادي
 سيطرت قوة إماراتية على مطار سقطرى ومينائها لمدة أسابيع، وقامت بطرد الحماية الأمنية اليمنية هناك. 
أثار هذا التحرك الأحادي أزمة دبلوماسية بين حكومة هادي والإمارات، واعتبره اليمنيون محاولة احتلال فعلية لأرخبيل سقطرى الاستراتيجي. رضخت أبوظبي للضغوط السعودية والدولية واضطرت لسحب قواتها من سقطرى في نفس الشهر، لكن هذه الحادثة كرست الشكوك حول نوايا الإمارات التوسعية في اليمن.
 
بلغ الصدام ذروته في أغسطس 2019 إثر اندلاع معركة فاصلة بين الانتقالي الجنوبي وقوات الشرعية في عدن ثانية. 
فقد استغل المجلس الانتقالي توترًا أمنيًا ليشن انقلابًا مسلحًا سيطر خلاله على كامل مدينة عدن بما فيها القصر الرئاسي ومعسكرات الحكومة خلال أيام
 
 
 

 

 

الجدول 2: جدول زمني لأبرز المحطات المرتبطة بالدور الإماراتي (2016–2025)
مارس 2016

الإمارات تبدأ بتشكيل قوات الحزام الأمني في عدن بدعوى تأمين المحافظات المحررة. هذه القوات تتلقى الأوامر والدعم من أبوظبي وتعمل بمعزل عن الحكومة.

أبريل 2016

بدعم إماراتي، تحرير المكلا (حضرموت) من تنظيم القاعدة بواسطة قوات النخبة الحضرمية والقوات الإماراتية. تعزز الإمارات حضورها العسكري في ساحل حضرموت.

فبراير 2017

اندلاع أزمة مطار عدن: قوات موالية للإمارات ترفض تنفيذ قرار رئاسي بتغيير قائد المطار؛ مواجهات تنتهي بقصف الطيران الإماراتي قوات الحكومة ومنع هبوط طائرة الرئيس هادي في عدن.

مايو 2017

إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي في عدن، بدعم غير مباشر من الإمارات، كمظلة سياسية للحراك الانفصالي الجنوبي.

يناير 2018

معارك عدن: قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا تشتبك مع قوات الحكومة الشرعية وتسيطر على معظم المدينة خلال 3 أيام قبل تدخل السعودية ووقف الانقلاب.

مايو 2018

أزمة سقطرى: الإمارات تنشر قوات ومدرعات في جزيرة سقطرى الاستراتيجية دون تنسيق، وتسيطر على المطار والميناء لبضعة أسابيع قبل انسحابها تحت ضغط حكومي سعودي.

يونيو 2018

تقارير التعذيب: أسوشييتد برس تنشر تحقيقًا يوثق انتهاكات وتعذيب في السجون السرية التي تديرها الإمارات وحلفاؤها بجنوب اليمن؛ منظمات دولية تطالب بتحقيق مستقل.

يوليو 2019

إعلان إماراتي عن بدء سحب جزئي للقوات من اليمن؛ أبوظبي تؤكد أنها دربت نحو 90 ألف مقاتل يمني محلي لملء أي فراغ.

أغسطس 2019

انقلاب الانتقالي في عدن: المجلس الانتقالي يسيطر على عدن ويطرد الحكومة بدعم إماراتي. الإمارات تنفذ غارات جوية ضد قوات الحكومة في أبين وعدن لمنع تقدمها. لاحقًا توقيع اتفاق الرياض (نوفمبر) لتقاسم السلطة بين الشرعية والانتقالي.

أبريل 2020

المجلس الانتقالي يعلن “الإدارة الذاتية” للجنوب وينفذ إجراءات أحادية في عدن بدعم ضمني من الإمارات، مما يزيد التوتر مع الحكومة الشرعية.

يونيو 2020

سقوط سقطرى بيد الانتقالي: قوات موالية للإمارات (الانتقالي) تسيطر على جزيرة سقطرى وترفع علم الجنوب، منهية وجود السلطة الحكومية فيها.

يناير 2022

هجمات حوثية على أبوظبي: جماعة الحوثي تشن ضربات صاروخية ومسيرات على العمق الإماراتي (أبوظبي) للمرة الأولى، كرد على دعم الإمارات لقوات العمالقة في شبوة التي ألحقت هزائم بالحوثيين مطلع 2022.

أبريل 2022

تشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني من 8 أعضاء بضغط سعودي-إماراتي، بينهم 4 شخصيات موالية للإمارات (الزبيدي، طارق، المحرمي، البحسني). المجلس يحل محل الرئيس هادي في كافة الصلاحيات.

أغسطس 2022

أحداث شبوة: اندلاع قتال بين قوات موالية للانتقالي (المدعوم إماراتيًا) والقوات الحكومية (المحسوبة على الإصلاح) في محافظة شبوة الغنية بالنفط. انتهت المواجهات بطرد القوات الحكومية من عتق بفضل دعم جوي إماراتي غير مباشر للانتقالي، ما عزز نفوذ أبوظبي في شبوة.

يناير 2024

الرئيس الرئاسي رشاد العليمي يصدر قرارًا بدمج الأجهزة الاستخباراتية الموازية التابعة للإمارات (استخبارات الانتقالي وطارق والعمالقة) مع جهازي الاستخبارات الحكومية في جهاز موحد، في محاولة لرأب التشظي الأمني. كما تم إنشاء جهاز خاص لمكافحة الإرهاب بقيادة Shalal شائع (قائد أمني انتقالي).

2023-2025

استمرار الجمود السياسي: هدنة هشة مع الحوثيين وصعوبة تنفيذ اتفاق الرياض بالكامل. الإمارات تبقي نفوذها عبر المجلس الانتقالي وقوات طارق صالح في الجنوب والساحل الغربي. الحكومة المعترف بها دوليًا لا تزال تواجه تحدي بسط سلطتها على المناطق المحررة في ظل هيمنة حلفاء الإمارات.

 

فرّت الحكومة اليمنية وأعضاءها من المدينة، وبدا أن الانتقالي (بدعم إماراتي) حسم الأمر عسكريًا في أهم حواضر الجنوب. 
توسعت قوات الانتقالي شمالًا نحو محافظة شبوة وحاولت انتزاعها من يد القوات الحكومية في نهاية أغسطس، مما اضطر الجيش اليمني لشن هجوم مضاد ناجح استعادت به شبوة وأجزاء من أبين.
 وعند اقتراب القوات الحكومية من أبواب عدن لاستعادتها، تدخل الطيران الحربي الإماراتي بشكل مباشر وشنّت مقاتلاته غارات مكثفة يوم 29 أغسطس 2019 استهدفت تجمعات وآليات الجيش اليمني في محيط عدن وأطراف أبين، موقعًة مئات القتلى والجرحى من الجنود. 
بررت الإمارات ضربها لقوات الشرعية باتهامها بأنها "ميليشيات إرهابية"، في موقف صادم اعتبره اليمنيون عدوانًا سافرًا من شريكٍ المفترض أنه جاء لدعم حكومتهم.
 شكّل القصف الإماراتي منعطفًا خطيرًا في المشهد اليمني، وأجبر السعودية على التدخل سريعًا لاحتواء الموقف عبر فرض اتفاق الرياض بين الحكومة والانتقالي في نوفمبر 2019. أقرّ الاتفاق شراكة هشة في حكم الجنوب، لكنه كرّس نفوذ الانتقالي كطرف معترف به على حساب الشرعية.
نتيجة لهذه الأحداث وغيرها، تفككت مؤسسات الدولة اليمنية في مناطق سيطرة التحالف وتعرقلت عودة الحكومة لممارسة صلاحياتها.
 فبعد 2017 لم يتمكن الرئيس هادي من الإقامة بشكل دائم في عدن، وظلت الحكومة "تحت الإقامة الجبرية" فعليًا في الرياض لفترات طويلة.
 الإدارات المحلية والأجهزة الأمنية في الجنوب باتت خاضعة فعليًا لإمرة قيادات موالية للإمارات أو للمجلس الانتقالي، فيما تراجع نفوذ الوزارات والمؤسسات المركزية. حتى الموارد الاقتصادية (كالموانئ وحقول النفط) تم تقاسم السيطرة عليها بين الإمارات والسعودية ووكلائهما بعزل عن الحكومة الشرعية. وتصف تقارير دولية القوات الموالية للإمارات بأنها أصبحت "تهديدًا للسلام والأمن والاستقرار في اليمن" إذا لم يتم إخضاعها لسلطة الدولة. 
وقد حذّر تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في يناير 2018 من أن استمرار عمل هذه التشكيلات خارج هيكلة الحكومة "سيفضي إلى تمزيق اليمن".
 

بلغت مساعي الإمارات لفرض أجندتها ذروتها عند نقل السلطة التنفيذية في اليمن عام 2022. فإثر ضغوط إماراتية تنازل الرئيس هادي عن صلاحياته في 7 أبريل 2022 لمجلس قيادة رئاسي مكوّن من 8 أعضاء.
 لكن تشكيل هذا المجلس عكس اختلال توازنٍ لصالح أبوظبي: فقد ضم المجلس أربعة شخصيات تعتبر عمليًا وكلاء للإمارات، مما ضمن لها نفوذًا حاسمًا في رئاسة الدولة اليمنية الجديدة. أبرز هؤلاء:
1- عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (نائب رئيس المجلس الرئاسي). 
2- طارق صالح قائد قوات حراس الجمهورية (نائب رئيس المجلس الرئاسي).
3-  عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي قائد ألوية العمالقة (عضو المجلس الرئاسي).
4- فرج سالمين البحسني محافظ حضرموت السابق والقائد العسكري (عضو المجلس الرئاسي) – انضم لاحقًا لقيادة الانتقالي كنائب لرئيسه.
وبذلك أصبح نصف المجلس الرئاسي الجديد مكوّنًا من شخصيات تدين بالولاء السياسي والعسكري لأبوظبي. ولم يكن مفاجئًا أن أولويات هذا المجلس انصرفت إلى ترتيب البيت الداخلي بين المكونات الموالية للتحالف 
 ومع أن تشكيل المجلس الرئاسي جاء برعاية سعودية أيضًا، إلا أن الإمارات حافظت عبره على مكاسبها الزبيدي ورفاقه باتوا رسميا قادة اليمن المعترف بهم دوليًا، ما يشرعن سيطرتهم على الجنوب. في المقابل، تلاشت مؤسسة الرئاسة التقليدية وانتهى عهد هادي الذي اعتبرته الإمارات عقبة أمام مشروعها. 
 
 
صحيح أن حكومة جديدة تشكّلت بموجب اتفاق الرياض (ضمت وزراء من الانتقالي)، لكن القرار الأمني والعسكري الفعلي بقي في يد قيادات التشكيلات الموالية للإمارات داخل المجلس الرئاسي.
بالنظر إلى حصيلة تلك السنوات، يتضح أن الإمارات قوّضت مؤسسات الدولة اليمنية من خلال:السيطرة على الموانئ والمطارات (عدن، المخا، بلحاف الغازي، الريان بساحل حضرموت)، التحكم بقرارات الأمن عبر الميليشيات، إضعاف نفوذ البنك المركزي والحكومة في عدن، وحتى تجميد عمل البرلمان اليمني الذي لم يستطع الاجتماع في العاصمة المؤقتة بسبب الوضع الأمني الذي يفرضه الانتقالي. وهكذا نجحت أبوظبي في خلق "دولة داخل الدولة" في جنوب اليمن، تدار بواسطة وكلائها المحليين وتحقق أجندتها بعيدًا عن سلطة الحكومة الشرعية المعترف بها.
 
الإمارات ودعم الانفصال على حساب الوحدة
شكل المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه عام 2017 الأداة السياسية الأبرز للإمارات في اليمن.
 فقد تبنى الانتقالي مطلب انفصال جنوب اليمن وإحياء مايسمى بدولة اليمن الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل وحدة 1990) بدعوى مظالم الجنوبيين وتهميشهم. ورغم أن التحالف (والسعودية تحديدًا) أعلن رسميًا التزامه بوحدة اليمن، إلا أن الإمارات قدّمت دعمًا ماليًا وعسكريًا ولوجستيًا كبيرًا للانتقالي باعتباره حليفًا يحقق رؤيتها في إنشاء منطقة نفوذ موالية لها في جنوب البلاد.
برز دعم أبوظبي للانتقالي عبر عدة مستويات:
1- الدعم العسكري والأمني: قوات المجلس الانتقالي هي بالأساس التشكيلات الممولة إماراتيًا كالحزام الأمني والنخب المذكورة آنفًا. هذه القوات وفرت للانتقالي قوة على الأرض مكنته من فرض أجندته بالقوة.
 على سبيل المثال، رفع علم الانفصال في معسكرات عدن ومنع رفع العلم الجمهوري اليمني كان نهجًا متبعًا من قوات الحزام الأمني. كما قام أمن الانتقالي بطرد الكثير من أبناء المحافظات الشمالية من عدن في ممارسات وصفها وزراء الحكومة بـ"المناطقية". كذلك شهدت عدن بين 2016 و2018 موجة اغتيالات غامضة استهدفت شخصيات دينية وسياسية مناوئة للانتقالي (خصوصًا خطباء ودعاة محسوبين على حزب الإصلاح)، وترجّح مصادر غربية وقوف عناصر تابعة للانتقالي بأوامر اماراتية حيث وفرت أبوظبي للانتقالي الغطاء استخباراتي والدعم العملياتي في مواجهة خصومه.
2- الدعم السياسي والدبلوماسي: لم يكن الانتقالي ليحظى بالاعتراف الدولي لولا الجهود الإماراتية في الكواليس. فرغم أن حكومة هادي اتهمت الانتقالي بالتمرد، ضغطت الإمارات لتضمين الانتقالي في اتفاق الرياض 2019 كشريك رسمي. ثم ضغطت ليكون لقياداته نصيب في المجلس الرئاسي والحكومة المشكلة في 2022. وهكذا تمكن عيدروس الزبيدي من الحصول على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي، وأُسندت حقيبة وزارة الدولة لهاني بن بريك ثم لقيادات أخرى موالية. 
عمليًا، شرعنت الإمارات المجلس الانتقالي دوليًا كطرف لا يمكن تجاوز دوره، برغم شعاره المعلن المتعارض مع المرجعيات الدولية (قرار مجلس الأمن يؤكد التزام وحدة اليمن). وعلى الصعيد الإقليمي، سوّقت الإمارات الانتقالي في المحافل على أنه ممثل لقضية الجنوب، واستقبلت قادته مرارًا في أبوظبي وعقدت معهم اتفاقيات (غير معلنة) لتنظيم العلاقة وإدارة المناطق الخاضعة لهم. 
3- تمكين مشروع الانفصال: شجعت الإمارات قيادات الانتقالي على المضي قدمًا في مشروعهم الانفصالي بخطوات متدرجة. تجلى ذلك في إعلان الانتقالي "الإدارة الذاتية" للجنوب في أبريل 2020 – وهي خطوة أحادية لإدارة المحافظات الجنوبية أمنيًا وماليًا بعيدًا عن حكومة معين عبد الملك آنذاك.
 وعلى الرغم من أن هذه الخطوة أثارت استياء السعودية وأعلنت الحكومة رفضها، إلا أن الانتقالي (بدعم إماراتي ضمني) استمر في تعزيز وجوده المحلي: وتحكم بإيرادات الموانئ والمطارات في عدن والمكلا، وأنشأ إدارات موازية للمرافق الحكومية.
 
 
 
 وفي يونيو 2020 أقدم الانتقالي على السيطرة عسكريًا على جزيرة سقطرى وطرد القوات الموالية للحكومة منها، لتسقط الجزيرة الحيوية تمامًا في قبضته – وهي خطوة يُعتقد أن الإمارات خططت لها للحصول على موطئ قدم استراتيجي في المحيط الهندي. وبرر الانتقالي ذلك بأنه تحرك لـ"حماية أهالي سقطرى" وتطبيق الإدارة الذاتية.
سياسيًا، يتبنى المجلس الانتقالي خطابًا يعتبر وحدة اليمن فاشلة وأن العودة إلى وضع الدولتين باتت ضرورة. هذا الخطاب يتماهى تمامًا مع الرؤية الإماراتية التي لم تخفِ تذمرها من هيمنة الشرعية على الحكومة المركزية، بل إن مسؤولين إماراتيين صرّحوا علنًا بأن الجنوب اليمني له حق تقرير المصير. 
 
على سبيل المثال، قال وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش في 2019 إن بلاده "تتفهم تطلعات الجنوبيين" معتبرًا اتفاق الرياض خطوة لمنحهم دورًا في مستقبل اليمن. في المقابل، ترفض شريحة واسعة من اليمنيين (شمالًا وجنوبًا) مشروع الانفصال وتعتبره وصفة لحرب أهلية جديدة وتقسيم البلاد.
 وقد أصدرت قوى جنوبية أخرى غير موالية للانتقالي بيانات تندد بتحركاته الأحادية. كذلك أعلنت الحكومة الشرعية مرارًا تمسكها بـالمرجعيات الثلاث (منها قرار 2216) التي تنص على وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
مع ذلك، النفوذ الإماراتي رجّح كفة الانتقالي على الأرض. فاليوم يسيطر المجلس (عبر قواته) على معظم المحافظات الجنوبية بما فيها عدن بكاملها ولحج والضالع وأجزاء واسعة من أبين وسقطرى. وفي شبوة وحضرموت، للانتقالي تواجد ونفوذ لكنه منافس بقوى موالية للسعودية هناك. 
عمليًا، أصبح الجنوب منطقة نفوذ إماراتية تحت راية الانتقالي. وهذا الوضع يضع تحديًا كبيرًا أمام أي تسوية شاملة للحرب اليمنية، لأنه يضيف تعقيد قضية الجنوب إلى جانب صراع الشرعية مع الحوثيين.
يجادل البعض بأن الإمارات لم تعلن صراحة دعم الانفصال تجنبًا لإحراج حليفتها السعودية والتناقض مع قرارات مجلس الأمن. لكن أفعال أبوظبي على الأرض – من تسليح وتدريب الانفصاليين إلى تمكينهم سياسيًا – تؤكد انحيازها لمشروع تفتيت اليمن. ولعل نظرة على واقع الحال في عدن اليوم تظهر أن الإمارات حققت كثيرًا مما أرادته: فعدن التي كانت مقر الحكومة أصبحت عاصمة فعلية للمجلس الانتقالي، وترفرف أعلام الانفصال وصور قادة الانتقالي في شوارعها بدلًا من صور الرئيس اليمني. وبذلك تكون الإمارات قد نجحت في فرض أمر واقع انفصالي ينتظر فقط الغطاء الرسمي إذا ما تم التوصل لاتفاق سلام مع الحوثيين يرضى بترتيبات خاصة للجنوب.
 
الأجهزة المخابراتية الموالية للإمارات
 
منذ دخولها الحرب اليمنية ضمن التحالف الذي تقوده السعودية، وسّعت دولة الإمارات العربية المتحدة من نطاق نفوذها العسكري والسياسي والاستخباراتي، خصوصًا في المناطق الجنوبية والساحلية من اليمن. وفي حين بدا دور "الهلال الأحمر الإماراتي" إنسانيًا في ظاهره، تشير معلومات ميدانية وتقارير محلية إلى أن هذه المنظمة قد تحوّلت إلى ذراع استخباراتية تخدم الأجندة الأمنية لأبوظبي، عبر تنفيذ عمليات مسح ميداني وجمع معلومات سكانية وأمنية وتوثيقية، يتم رفعها ضمن تقارير دورية إلى غرف استخباراتية إماراتية تعمل من خلف الستار.
 

الهلال الأحمر الإماراتي كثّف حضوره في مناطق الساحل الغربي (المخا، الخوخة، ذو باب)، وكذلك في مناطق جنوبية مثل عدن، لحج، أبين، وشبوة. وقد اتخذ من مشروعات الإغاثة وإعادة الإعمار والتعليم والصحة بوابة لاختراق المجتمعات المحلية، حيث ينتشر العشرات من فرق الهلال الميدانية، لكن مهامها الحقيقية تتجاوز توزيع المساعدات إلى:
 

إجراء مسوح ديموغرافية دقيقة تشمل معلومات سكانية مفصلة (عدد السكان، الانتماء القبلي، التركيبة العمرية، الحالة الاقتصادية، المزاج السياسي...).

وتوثيق البنية التحتية والمنشآت الحيوية (موانئ، طرق، مدارس، مراكز صحية، شبكات المياه والكهرباء)

 

واستقصاء العلاقات الاجتماعية والتأثيرات المحلية، خاصة فيما يتعلق بالقبائل والمكونات الدينية والسياسية.

 

واستغلال الحاجة الاقتصادية لجمع معلومات أمنية من السكان والكوادر المحلية، وتجنيد متعاونين في مناطق التوزيع الإغاثي.

 

 

ووفقا لمصادر أمنية جنوبية، فإن فرق الهلال الأحمر لا تعمل بشكل عشوائي، بل يتم تدريب كوادرها على تقنيات جمع المعلومات، بما يشمل:التوثيق المصوّر للمنشآت والمواقع الحساسة عبر طائرات درون أو أدوات تصوير ميدانية متقدمة وتدوين بيانات رقمية دقيقة تُجمّع في أجهزة محمولة متصلة بشبكات محمية تُرسل مباشرة إلى غرف عمليات في معسكرات إماراتية في عدن والمخا وبلحاف.

وإجراء مقابلات مموّهة مع قيادات محلية تحت غطاء “الدعم التنموي” بهدف تقييم ولاءاتهم السياسية ومدى قابليتهم للتعاون.

 

وتؤكد شواهد ميدانية أن بعض مشاريع الهلال الأحمر الإماراتي تسبق عمليات أمنية أو عسكرية تنفذها قوات إماراتية أو حليفة لها، ما يثير تساؤلات عن الدور الاستخباراتي المتكامل:

 

قبل تنفيذ عمليات انتشار عسكري أو تغيير في قيادة محلية، تكون فرق الهلال قد أجرت مسحًا ميدانيًا يشمل التربة الجغرافية، المزاج الاجتماعي، ومواقع النفوذ.

 

تم رصد قيام بعض الفرق بترقيم منازل وتوثيق أسماء قاطنيها وتصوير المواقع الحيوية دون وجود أي مبرر إغاثي لذلك.

 

تقارير محلية تشير إلى أن بعض العاملين ضمن الهلال في الميدان هم عناصر استخباراتية إماراتية يحملون جنسيات مزدوجة، يعملون بتكليف مباشر من أجهزة الأمن الإماراتي.

 

يأتي هذا النشاط الاستخباراتي ضمن هيكلية أوسع من السيطرة الإماراتية، حيث يعمل الهلال الأحمر في تنسيق مباشر مع أجهزة أمنية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ووحدات النخبة الشبوانية والحزام الأمني التي أنشأتها ودعمتها أبوظبي وغرف عمليات مشتركة تربط بين فرق الهلال وقواعد عسكرية إماراتية مثل قاعدة مطار الريان في حضرموت، وقاعدة بلحاف في شبوة، وقاعدة المخا.

يتضح من خلال المعطيات الميدانية والوثائق المجمّعة أن الهلال الأحمر الإماراتي لا يعمل فقط كجهة إنسانية، بل يُعد جزءًا من منظومة استخباراتية متكاملة تقودها أبوظبي في اليمن، بهدف تعزيز سيطرتها على الموانئ والمواقع الاستراتيجية، وتشكيل واقع سياسي واجتماعي يخدم أجندتها طويلة المدى.

أثار الدور الأمني للإمارات في اليمن كثيرًا من الجدل، خصوصًا ما يتعلق بإنشاء أبوظبي شبكات استخباراتية وسجون سرية وهيكليات أمنية موازية خارج سلطة الحكومة..خلال سنوات وجودها في جنوب اليمن، عملت الإمارات عبر قواتها المحلية على بناء قدرات استخبارية لجمع المعلومات وملاحقة خصومها (من إسلاميين ونشطاء معارضين بعيدًا عن أي رقابة قضائية أو حقوقية.
أخطر ما وثقته المنظمات الحقوقية هو إدارة الإمارات لشبكة سجون سرية في المحافظات الجنوبية. فاعتبارًا من 2016، بدأت عمليات اعتقال تعسفي واختفاء قسري طالت المئات من اليمنيين، وأُقيمت مراكز احتجاز غير رسمية داخل قواعد عسكرية تديرها الإمارات أو حلفاؤها.
 في يونيو 2017، كشفت وكالة أسوشييتد برس تحقيقًا صادمًا عن وجود ما لا يقل عن 18 معتقلًا سريًا في جنوب اليمن تديرها بالكامل قوات إماراتية أو قوات يمنية موالية لها. أبلغ محتجزون سابقون عن تعرضهم لأبشع صنوف التعذيب في تلك السجون، بما في ذلك الصعق الكهربائي والاعتداء الجنسي والحبس في حاويات مغلقة تحت الشمس.
 كما أكدت منظمة العفو الدولية هذه الانتهاكات، ودعت إلى تحقيق أممي في "شبكة التعذيب" التي تشرف عليها الإمارات جنوب اليمن. وذكرت العفو الدولية أن آلاف اليمنيين تعرضوا للاختفاء القسري في تلك المعتقلات حيث حُرموا من أبسط حقوقهم القانونية. 
من أشهر مواقع الاحتجاز السرية التي أشير إليها: سجن بئر أحمد في عدن (داخل معسكر تشرف عليه الإمارات)، وسجون في منشآت عسكرية إماراتية بمدينة المكلا (حضرموت) وفي قاعدة العند (لحج) وغيرها. 
وكانت القوات الأمريكية تشارك أحيانًا في استجواب بعض المحتجزين المشتبه بانتمائهم للقاعدة داخل هذه السجون، وفق تحقيقات صحفية، ما أثار ضجة حول تورط محتمل للولايات المتحدة في انتهاكات الإمارات. دفع هذا بالحكومة اليمنية نفسها إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر في 2018، إلا أن نتائج ملموسة لم تظهر وظل الملف يلفه الغموض بسبب هيمنة القوى الموالية للإمارات على زمام الأمور أمنيًا.
إلى جانب السجون، أنشأت الإمارات عبر حلفائها أجهزة استخبارية موازية تنافس جهاز المخابرات اليمني الرسمي. فعلى سبيل المثال، كوّن المجلس الانتقالي الجنوبي جهاز أمن داخلي خاص به يعتمد على شبكة واسعة من المخبرين في الأحياء لتعقب معارضي الانتقالي أو المشتبه بولائهم للحكومة كما استعانت الإمارات بخبراء أجانب (بعضهم ضباط سابقون في أجهزة غربية وشركات أمنية خاصة) لتدريب عناصر المخابرات التابعة لها في عدن والمكلا.
 وكشفت تقارير ووثائق عن تعاون استخباراتي وثيق بين الإمارات وإسرائيل في جزيرة سقطرى مؤخرًا، حيث تم إنشاء محطات تنصت لجمع معلومات إقليمية، مستغلين الموقع الاستراتيجي للجزيرة لمراقبة حركة الملاحة في بحر العرب وخليج عدن.
لاحقًا، بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، جرى إضفاء طابع رسمي على بعض الأجهزة الموازية ضمن جهود توحيد المؤسسات الأمنية.
 ففي يناير 2024 أصدر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي قرارًا بدمج جميع أجهزة المخابرات، بما في ذلك جهازي الأمن السياسي والأمن القومي (الاستخبارات اليمنية الرسمية)، مع الأجهزة المماثلة التي كانت تتبع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق صالح (حراس الجمهورية) وألوية العمالقة، في جهاز مركزي موحّد يسمى "جهاز الأمن الداخلي للدولة". كما تم استحداث كيان جديد لمكافحة الإرهاب برئاسة قائد أمني انتقالي (شلال شائع). هدف هذا القرار نظريًا إلى إنهاء الازدواجية في عمل الاستخبارات بالمناطق المحررة بعد دمج السلطة تحت المجلس الرئاسي. 
لكن عمليًا، هذا الإجراء أتى متأخرًا وبعد أن رسخت الإمارات شبكاتها لعوامل السنوات. فكثير من كوادر أجهزة المخابرات الجنوبية هم أنفسهم عناصر دربتهم وأهلتهم الإمارات خلال فترة حربها في اليمن.
لقد أدى نشاط شبكات التجسس الإماراتية في اليمن إلى تقويض الثقة بين مكونات الشرعية. فقد اتُهمت القوات الموالية لأبوظبي بالتجسس على مسؤولي الحكومة ورصد تحركاتهم لصالح الإمارات. وصرح مسؤولون يمنيون في أكثر من مناسبة أن الإمارات تستمع لاتصالات المسؤولين وتجمع معلومات تفصيلية عنهم عبر أدوات تقنية متقدمة نشرتها في الجنوب. ومما يذكر في هذا السياق، تقرير يتحدث عن ضابط استخبارات إماراتي يُدعى أبو سلامة يشرف على ملف الاغتيالات في عدن، حيث يُتهم بتجنيد عملاء محليين لرصد واستهداف شخصيات معارضة للانتقالي أو متشددة دينيًا، ضمن ما سمي بـ"الحرب على الإرهاب" التي اتخذتها أبوظبي غطاءً لتصفية خصومها.
باختصار، نجحت الإمارات في تأسيس منظومة أمنية موازية في اليمن تخدم مصالحها. هذه المنظومة شملت سجونًا سرية وشبكات مخبرين وأجهزة اتصالات حديثة ومراكز استخبارات متقدمة (بما فيها تعاون مع حلفاء دوليين ). وقد همّشت هذه الأنشطة أجهزة الأمن اليمنية الرسمية، وخلقت بيئة من الخوف والترهيب في مناطق الجنوب.
 فعشرات العائلات لا تزال تجهل مصير أبنائها الذين اختطفوا إلى سجون سرية منذ سنوات، والكثير من الناشطين والصحفيين غادروا عدن خشية على حياتهم بعد تعرض بعض زملائهم للاعتقال التعسفي. 
ومع أن اتفاق الرياض نص على "إخضاع الأجهزة الأمنية لسيطرة وزارة الداخلية"، إلا أن الواقع بقي بعيدًا عن ذلك حتى الآن.
 في المحصلة، الدور الأمني والاستخباراتي الإماراتي عمّق من الانقسامات المحلية وساهم في تآكل سيادة القانون باليمن.وجاء بانتهاكات جسيمة طالت الأبرياء وخلقت أحقادًا مجتمعية. وقد دعت منظمات ـهيومن رايتس ووتش والعفو الدولية مرارًا إلى إغلاق السجون السرية ومحاسبة المتورطين الإماراتيين واليمنيين في التعذيب. لكن أي تحقيق دولي مستقل لم يُجرَ حتى اليوم، وسط صمت من الحكومة اليمنية التي تجد نفسها مكبلة بالتزاماتها للتحالف وعدم قدرتها على مواجهة نفوذ الإمارات
على مدار الفترة من 2015 إلى 2025، تكشف المعطيات الميدانية والسياسية أن الدور الإماراتي في اليمن تجاوز بكثير شعار استعادة الشرعية الذي رفعه التحالف. فقد استخدمت أبوظبي تدخلها لترسيخ نفوذ جيواستراتيجي في جنوب اليمن ومناطقه الساحلية، عبر إنشاء مليشيات محلية تدين لها بالولاء وتهميش مؤسسات الدولة. واصطدمت الإمارات مرارًا بالحكومة اليمنية المعترف بها، سواء مباشرة – كما في أحداث عدن وسقطرى – أو عبر دعم أطراف محلية انفصالية على حساب وحدة البلاد.
أسهمت الإمارات في إضعاف سلطة القانون وأوجدت واقعًا مجزأً في "المناطق المحررة". 
فاليمن اليوم منقسم بشكل حاد: الشمال تحت حكم الحوثيين، والجنوب مقسم بين المجلس الانتقالي وحلفاء الإمارات وبين نفوذ سعودي في بعض المناطق الشرقية. 
وأضحى تحقيق سلام شامل وإعادة توحيد مؤسسات الدولة مرهونًا بتفاهمات إقليمية تراعي مصالح أبوظبي والرياض معًا. لقد تمكنت الإمارات من زرع "دولة موازية" في الجنوب عبر المجلس الانتقالي ووكلائها، ولن يكون اقتلاع هذا الواقع بالأمر السهل بعد أن تجذّر لخمس سنوات أو أكثر. 
واليوم تقف البلاد أمام مفترق طرق دقيق: إما المضي نحو تسوية شاملة تُنهي الحرب وتؤسس لحوار حول شكل الدولة (اتحادية أم كونفدرالية أم دولتين)، أو استمرار الأمر الواقع الذي كرسته الإمارات في الجنوب والساحل الغربي، بما يحمله من بذور صراع مستقبلي بين الشمال والجنوب وبين الجنوبيين أنفسهم.