يتعلم الطلاب في الصفوف الدراسية الأولى أن الخط المستقيم هو أقرب مسافة بين نقطتين.
والطرق الموصلة إلى الأهداف هي طرق وخطوط مستقيمة، ومهما كانت هناك طرق ملتوية فإنها في المحصلة النهائية طرق مكلفة وشاقة ونتائجها فاشلة.
هذه الطرق التي تتجنب وتتحاشى سلوك الخط المستقيم فإنها لا تصل إلى غايتها ولا تحقق أهدافها، وإن بدا لها من المعطيات الأولية أنها أدركت بعض أمانيها، لكن الزمن القريب يكشف لها أنها لم تكن سوى نتائج سطحية وساذجة، تقود إلى فشل بل كارثة.
فاللف و الدوران، والمناكفات والمكايدات، ليس أكثر من كيد ضعيف، وانتقام نزق، يكون وباله مضر بالجميع.
ولأن الخط المستقيم هو أقرب مسافة بين نقطتين، فهو مفهوم موضوعي وعلمي يوضح اختصار المسافة واختصار الزمن أيضا.
فالفريق الرياضي مثلا؛ ليس بالضرورة أن يعتمد على أسلوب الاستعراض باللياقة البدنية التي يتفوق بها على خصمه، فيعتقد تبعا لها أن خير طريق لإحراز النصر هو استنزاف قوته والاستمرار في إنهاكه، قبل أن يبدأ بمهاجمة المرمى، والتركيز بالتهديف.
هذا الفريق قد يخسر؛ لأنه عمل على عكس نظرية الخط المستقيم، وقد تباغته هجمة مرتدة تسلك خطا مستقيما تصل به إلى المرمى و تحقق له ضربة خاطفة ونصرا غير مستحق أو غير جدير، ولكن خصمه هو من أعطاه فرصة اقتنصها.
العاطفة والرغبة و(التخور) ليس خطا مستقيما، فالفريق الرياضي الذي يكون مدربه محكوم بعواطف تجاه لاعب ويريد أن يحقق الفوز بإشراك هذا اللاعب أو ذاك واستبعاد من هو أكثر مهارة وقدرة فهو يسلك خطا معوجا يفيد الخصم و يهديه الفوز مجانا.
فالزمن متقلب، والمستجدات كثيرة، والمتغيرات -في حين يطول الزمن- تأتي بالمفاجآت، و تجارب الحياة جعلت الشاعر يصيغ حكمة شعرية بالغة الحجة والوضوح:
إذا هبت رياحك فاغتنمها
فإن لكل خفاقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها
فلا تدري السكون متى يكون
الخط المستقيم توظيف المتاح الموجود، وعدم انتظار المراد المفقود.
ولست أدري هل أعجب من نفسي أم من هذه المقالة التي اختارت عنوان الخط المستقيم، وإذا هي تسلك خطا غير مستقيم !؟
غير أن العرب جعلوا لمثل هذا المقام والمقال: رب إشارة أوضح من عبارة. وقالوا: قد يكون التلميح أقوى من التصريح!