مونديال قطر وفضائح أدعياء التَّحضر

2022/11/25 الساعة 04:56 مساءً

ما خلفية إصرار بعض المنتخبات الغربية على الترويج للشذوذ الجنسي ولماذا علقت وزيرة الداخلية الألمانية شعار الشاذين على عضدها؟

إن الشذوذ الجنسي والمثلية المقننة وليدة الديمقراطية الغربية:

تقوم الديمقراطية على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الإلهية وهي الحاكمية، إنها تسند الحاكمية إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أرباباً، في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع، بمعزل عن منهج الله للحياة، وفيما لم يأذن به الله، فنشأ عن هذا الاعتداء على سلطان الله اعتداء على عباده، وما مهانة الإنسان وظلمه وتدمير إنسانيته إلا أثر من آثار الاعتداء على سلطان الله، وإنكار الكرامة التي قررها الله للإنسان.

إنَّ الاعتداء على سلطان الله نشأ عنه اعتداء على العباد من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها؛ فالديمقراطية المعتدية على سلطان الله لكي تبقى كان عليها أن تبدأ بإخراج الناس من عبادة الله، وتدمير القيم والفضائل كلها؛ لأنها لا تستطيع العيش في المجتمعات التي تدين لله بالوحدانية، ولا في مجتمعات الفضيلة والطهر والعفاف.

إن الديمقراطية تعني علمنة الدولة والمجتمع على كافة المستويات، وبناء عليه فقد مثلت الديمقراطية المناخ الملائم لكل الموبقات، والبيئة الحاضنة لكل المنكرات، والثقافة المبيحة لكل الشبهات والشهوات، والمنتجة لكل الضلالات والانحرافات، بل إن الديمقراطية الغربية هي أخطر مذهب ونحلة ونظام يقوم اليوم في الأرض، فهي أم الخبائث كلها، والحاضنة الأم لكل أنواع الكفر, فكل اعتقاد فاسد، وكل كفرٍ في ميزان الديمقراطية هو حريةٌ شخصية، بحيث لا يمكن للإسلام ولا غيره من الأديان الأخرى أن يعيش في ظلها، فكل من يمارس شعائر دينية في ظلها إنما يمارسها كحريات شخصية، لا كعقائد ملزمة، مثلها مثل حرية الرأي والتعبير، وحرية الرقص وممارسة الجنس وغيرها من الحريات الشخصية، وكل ذلك في ميزان الديمقراطية حريات وآراء محترمة يُسمع لها، ولها الحق في مزاولة أفكارها وعقائدها ونشرها بكل وسيلة من غير إلزام لأحد.

وفي ظل الديمقراطية وباسم الحرية الشخصية ارتد أناس عن الإسلام، وتطاولوا على الحرمات: سباً لله تعالى وشتماً لرسوله صلى الله عليه وسلم، وتكذيباً للقرآن ورداً للسنة، وانتشر الزنا واللواط، والإباحية بكل صورها، وتعرت النساء واختلطن بالرجال، وأنشئت مواخير الدعارة والبغاء، وبارات الخمور، وأصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وكل ذلك حقوق وحريات ديمقراطية.

إن المثلية والشذوذ الجنسي أثرٌ من الآثار المدمرة والحصاد المر للديمقراطية.

الديمقراطية الغربية معول هدمٍ وتدميرٍ لمنظومة القيم

إن إطلاق الديمقراطية للحريات الشخصية بلا حدود ولا قيود أدى إلى تدمير القيم، وتحويل الحرية إلى إباحية، وإشاعة ثقافة الانحلال، وتحويل الناس إلى عبيد للشهوات.

في ظل الديمقراطية تحول الناس إلى قطيعٍ من عبيد الهوى والشهوات، لا هَم لهم في التغيير أو البناء، وصارت الشهوة والانحلال والإباحية تشكل هوية الجيل، فهي حياتهم وأدبهم وثقافتهم وهمهم وغايتهم، ووجد الكتاب والشعراء والفارغون والفارغات الذين يشيعون هذه الإباحية ويزينونها ويتنافسون فيها، ويعملون على تفريغ المجتمع من المثل العليا، ثم يملأون هذا الفراغ بالإسفاف والرذيلة، ويزينون للناس الراحة من الكفاح والاطمئنان إلى الدعَة والإخلاد إلى حياة الفراغ والترهل.

إن فضائح الديمقراطية تملأ الصحف ووسائل التواصل سيلاً من الجريمة، وظلاماً من العذاب، وأمواجاً من الشهوة، وطغياناً من الرغبة؛ حتى لم تعد تجد من يكبح الجماح، أو يلجم الهوى.

إن فضائح الحياة الديمقراطية تمتد إلى جميع ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والخلقية والاقتصادية .. إلخ.

إنها لم تعد موضع حديث خصومها.. إنها حديث أربابها وصانعيها، حديث جلاديها وضحاياها.. إنها لا تقل عن فضائح الشيوعية.. إن المنافسة بين الديمقراطية والشيوعية هي في ميدان الفضائح والجريمة، لا في ميدان الإصلاح والأعمال الكريمة.

إن الجرائم تمتد اليوم في عالم الديمقراطية على صورة أفزعت الوليد والشيخ الفاني، جرائم جنسية، جرائم قتل، مخدرات، سرقات، خيانات، مكائد، مؤامرات...

إن المجتمعات الديمقراطية اليوم تقف حائرة وهي تجابه شدة ضغط الجريمة، وهول أثر المخدرات، وضياع الشباب، وتجريد الإنسان عن إنسانيته.

إنه أشبه بانهيار شامل، أو طوفانٍ طاغٍ يقف فيه الغرب الديمقراطي حائراً بين زهوة رقيّه العلمي والفني، وزهوة السلاح والبطش، وبين الفزع من التحلل الذي يظهر أثره ويتسع خطره.

ومهما بحث الغرب عن مخرج لمآسيه فلن يجدها في الديمقراطية؛ فالديمقراطية بحاجة إلى من ينقذها من نفسها.

وأخطر من هذا كله أن الديمقراطية تزن بميزان المصالح المادية، لتزن به وحده جميع الأمور والحقوق والواجبات والأحداث، فدمرت القيم واعتبرت المصلحة المادية هي أساس العلاقات والأخلاق والقيم والمبادئ، فاشتعلت الحروب العدوانية وامتدت المظالم.

لذلك لم تكن تجد من فارق حقيقي بين الإلحاد الاشتراكي والإلحاد الرأسمالي، فكلاهما عزل الدين عن المجتمع، وكلاهما أباح الزنا واللواط والخمر، والغزو الظالم والعدوان والفتك الوحشي بالشعوب، حتى لم يعد الفرق بينهما إلا في حدة السباق في ميدان الظلم والقهر والفتنة والفساد.

أيها الغرب الديمقراطي أنقذوا أنفسكم من أنفسكم.

 

بقلم: عارف بن أحمد الصبر.

عضو هيئة علماء اليمن