صفعةٌ على جبينِ الوطنِ:

2025/04/27 الساعة 08:47 صباحاً


ينشغلُ أبناءُ الوطنِ بالتنابزِ فيما بينهم، مدحا لِمَنْ ينتمون إليه سياسيا ومناطِقيا وعسكَرِيا وأمنِيا، وذما لِمَنْ خَالفَهُم، ويُحَمِّلُ بعضُهم بعضا ما آلَ إليه حالُهم من القهرِ. وهُمْ في ذلك الخصامِ يعَانُون جميعا من تدني الخدماتِ وانعدامِ الأمنِ. فكيف سَلِمَ مَنْ يَنْخَرُ حُقُوقَهُم ويَنحَرُ وَطَنَهم منهم؟. إنَّ مجلِسَ قيادَتِنَا وحُكُومتَنَا (شرعيةً وانتقاليةً) مجردُ كومبارس ودوبلير، لا سيادةَ ولا قيادةَ فاعلةً لهم، قراراتُهُم حبرٌ على ورقٍ ما لم يُجِيزُها الكفيلُ. هُمْ يُنَفِذُون ما رُسِمَ لهم على رقعةِ الوطنِ، بيادقُ تُحَقِقُ التمكينَ لِمُبَرمِجِي اللُعبَةِ وتحمي مصَالِحَهُم. اليومَ يُدرِكُ كلُّ مواطنٍ أنَّ ألويةَ جيشِهم وأحزِمَةَ أمنِهم لن تتقدمَ شبرا للأمام إلا بموافقةِ التحَالُفِ. وإنْ أَخذَهُمُ الحماسُ فتعدوا ما رُسِمَ على جدارِ غرفةِ عملياتِ التحالفِ لتَمَّ قصفُهُم. ومَنْ يَظنُ أنَّي غيرُ مُصيبٍ في ذلك، فليتمَعَن جيدا في تلك الحقائق. ألَمْ يُلهِبُ الحِرَاكُ حماسةَ أبناءِ الجنوبِِ في الميدانِ؟. فاخترقَ صفَهُ المؤتمرُ باسم المجلسِ الانتقالي، فأطفَأَ لهيبَه!، فصار مجلسا ثوريا مُعَطلا. أهذا وليدُ صدفةٍ؟! أم هو نتَاجُ تدبيرٍ مُحْكَمٍ؟. ألَمْ يَحُزْ شَبابُ الثورةِ -الإصلاحَ- زمامَ الأمرِ؟. والتفَ حولَهُ الشعبُ، وضَمَّ إليه رموزا سياسيةً وعسكريةً وشعبيةً، ثم فرَّطَ في اصطفائِه وشَرَعَ يرجو الحريةَ والحلَ بمبادراتٍ ضبابيةٍ ووعودٍ سرابيةٍ. هل كان ذلك اجتهادا محضا؟ أم سَيرا إجباريا مع القافلةِ وِفْقَ قراءةٍ لا تحتملُ إلا الطأطأةَ ولملمةَ خيامِ الثوارِ حتى إشعارٍ آخرَ؟. هل تظنُ أنَّ الحوثيَ دخلَ صنعاءَ بقوةِ السلاحِ؟. لا.. لقد كان أمرا مُمَنهجا، أن تُسَلَّمَ له صنعاءُ، ومن قَاوَمَ فالمُحْقُ لاحقٌ بها ومَنْ يَسْكُنُها ويدافعُ عنها. أم نسيتم كيف مهدوا له سقوطَ محافظةِ عَمْرَانَ وبخيانةٍ من النظام؟. أم لم يصلْكُم بعدها نباءُ ضَمِّ قواتِ الحرسِ الجمهوري والأمنِ لعتادِ الأنصارِ؟. ولو كانتِ المواجهةُ مجردةً من الخيانةِ، لما تجاوزوا عَمْرانَ، وإن فعلوا لتصدى لهم طلابُ الإيمانِ وَحْدُهُم، كما فعلَ بهم شبابُ دماجَ سابقا. لكنَّ هناك أيادٍ خبيثةً كانت تُمَهِدُ لمستجداتٍ قادمةٍ قد بانَ منها الكثيرُ اليومَ. وقل لي مَنْ أخرجَ البكريَ من عدنَ وأبعدَ أبطالَ المقاومةِ عن المشهدِ؟. ولماذا كان قرارُ الإماراتِ صارما في وجوبِ إبعَادِهِم، واستبدالِهِم بقادةِ أمنٍ وسياسَةٍ لا مانعَ لديهم بأن يكونوا عصا يَدٍ لا تُعْصَى. ألم يُغتَالَ الأدريسيُ وأبو اليمامةِ والراوي والعدني وحُلَيسُ وكثيرٌ غيرُهُم، لأنَّهم صُنِّفُوا عائقا أمامَ خُطَطِ اليَهْوَدَةِ والشَرِ؟. ومِنْ أَجلِ ذلك أُخرِجَ منصورُ والميسريُ مِنْ عدنَ وحَلَّها طارقُ ومعينُ. ومَنْ قَصَفَ الشرعيةَ في مدخلِ عدنَ ووسطَ عتقَ، وحجزَ قواتِ الانتقالي عن الزحفِ نحو سيئونَ والعَبْرِ؟. ومَنْ منعَ قواتِ الساحلِ من تحرِيرِ الحديدةِ؟. إنَّ قادتَنا سياسيا وعسكريا وقبليا لا يملكون من أمرِهِم شيئا، حتى حريتَهُم لا يملِكُونَها، يتملَكُها مَنْ يملأُ أرصِدَتَهُم مالا. وبالمقابلِ فالشرعيةُ تُبِيحُ لهم خيرَ وطنِنَا وثروتَه، وحدودَ بلدِنَا وسيادتَه. والانتقاليُ شَرَّعَ لهم تمَلُكَ جُزُرِنا وتَعطيلَ موانينَا وتدميرَ بُنيَتِنَا، والحوثيُ مُنْطَوٍ تحتَ منهجِ تَشَيُعٍ يَبُثُهُ بين أهلِنا، ومنحَ إيرانَ صَكا لقيادةِ أُمَّتِنا. أما زالَ بعد ذلك فيكم مَنْ يظنُ أنَّهم أهلُ قرارٍ سيادي، وأنَّهم قوةٌ وطنيةٌ مخلَصَةٌ؟. أمَا آنَ لنا كشعبٍ بكلِّ أطيافِنا أن ندعَ التنابزَ والتعصبَ ونتحدَ ضدَ المفسدين، لننتزعَ منهم حقَنا في حياةٍ حُرَّةٍ كريمةٍ وعِيشَةٍ راقيةٍ هَنِيَّةٍ. فَلْنَفِقْ مِنْ الغفلةِ.. ونُصلِحُ ذاتَ بينِنا على كلمةٍ سواءٍ تحققُ لنا رَخَاءً وإخَاءً. وطوبى لشهداءِ الثورةِ والمقاومةِ والتحريرِ، مَنْ سارعَ بهم صِدقُ نيَتِهِم إلى جنةِ الرحمنِ. لا يضرُهُم أن كانوا ضحايا تحالُفٍ خَدَّاعٍ خذلَهُم، ورعايا نظامٍ مَصَّ دَمَّهُم على موائدِ الملوكِ، ونهشَ لحمَهُم في دواوينِ الشيوخِ.. وقد رُفِعَ أمرُهُم للجبارِ بختمِ "حسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ". وحتى يأتيَ اللهُ بقومٍ يُحِبُهُم ويُحِبُونَهُ، ويأذنَ للأُمَّةِ بالفتحِ والتمكينِ على يد رجالٍ صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه.. سيظلُ الذكورُ من أصلِ العَرْبَنةِ، يهزون رؤوسَهُم! لِأَنَّ هَزَّ الرؤوسِ عندهم من تَمَامِ الخِيَانةِ.
أبو الحسنين محسن معيض