**
تُعد منطقة المثلث الحدودي، التي تمتد عبر الحدود المشتركة بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، منطقة شاسعة وقاحلة تواجه تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة. شهدت المنطقة، التي تشمل منطقة ليبتاكو-غورما، تصاعدًا في الصراعات الطائفية بعد توالي الانقلابات العسكرية، مما جعلها بؤرة للإرهاب والجريمة العابرة للحدود. يعاني الوضع الأمني في هذه المنطقة من هشاشة كبيرة، حيث تُعتبر مركزًا لنشاط جماعات إرهابية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم القاعدة. تُعد منطقة أودالان في بوركينا فاسو، المتاخمة لمالي والنيجر، من أكثر المناطق تأثرًا بالعنف في منطقة الساحل، حيث سُجّلت نسبة 65% من أحداث العنف في المقاطعات الحدودية خلال عام 2022. تُسهم الحدود المسامية بين هذه الدول في استغلال الجماعات الإرهابية للمناطق الحدودية التي تعاني من ضعف الوجود الأمني.
**السكان والتحديات الاقتصادية**
يبلغ عدد سكان كونفدرالية دول الساحل 16,678,352 نسمة من إجمالي 38,475,931 نسمة في الدول الأعضاء. يعيش 80% من هؤلاء السكان في المناطق الريفية، ويعتمدون بشكل رئيسي على النشاط الزراعي والثروة الحيوانية كمصدر للعيش. يحتاج حوالي 13.4 مليون شخص، أي ما يعادل خُمس السكان، إلى مساعدات غذائية عاجلة. يمر نهر النيجر عبر المنطقة على مسافة 1400 كيلومتر من موبتي في مالي إلى جايا في النيجر، مما يتيح للسكان ممارسة أنشطة مثل الصيد وغسيل الذهب.
**الثروات الطبيعية وتأثيرها**
تتميز منطقة المثلث الحدودي بثروات طبيعية وفيرة، تشمل احتياطيات من المنغنيز والذهب والحديد. ومع ذلك، فإن هذه الثروات جعلت المنطقة هدفًا للجماعات الإرهابية التي تسعى للسيطرة على الموارد. عبر التاريخ، سيطرت المجتمعات الرعوية، مثل الفولاني والطوارق وغورما، على هذه المنطقة، مما أضفى طابعًا اجتماعيًا مميزًا يعتمد على الرعي والتنقل.
**تشكيل كونفدرالية دول الساحل**
استجابة لهذه التحديات، اجتمعت المجالس العسكرية في الدول الثلاث لتشكيل كونفدرالية دول الساحل، بهدف توحيد الجهود لمواجهة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. يعكس هذا التحالف رغبة مشتركة في التغلب على التحديات الأمنية والاقتصادية من خلال تعزيز التضامن بين المكونات العسكرية والاقتصادية والديموغرافية. تُعتبر الكونفدرالية خطوة ضرورية لتعويض نقاط الضعف في كل دولة على حدة، حيث تعمل على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي.
**التمويل والسيادة**
على عكس مجموعة دول الساحل الخمس التي كانت تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي، تعتمد كونفدرالية دول الساحل على تمويل تضامني تساهم فيه جميع الدول الأعضاء. هذا النموذج يعزز الشعور بالسيادة والانتماء، ويمنح الدول الأعضاء استقلالية أكبر في صناعة القرار.
**التحديات الاقتصادية والفرص**
إلى جانب الجوانب الأمنية، تواجه دول الكونفدرالية تحديات اقتصادية مشتركة، مثل تنمية المناطق الريفية، وإدارة الموارد الطبيعية، ومكافحة الفقر. من خلال التعاون الإقليمي، يمكن لهذه الدول وضع سياسات اقتصادية منسقة، تعزيز التجارة الإقليمية، وجذب الاستثمارات الدولية ككتلة اقتصادية متماسكة.
**الخاتمة**
تُمثل كونفدرالية دول الساحل استجابة استراتيجية للتحديات المعقدة التي تواجهها منطقة المثلث الحدودي. من خلال التعاون الأمني والاقتصادي، تسعى الدول الأعضاء إلى تحقيق الاستقرار، تعزيز السيادة، وتحسين الظروف المعيشية لسكانها. يبقى نجاح هذا التحالف مرهونًا بالتزام الدول الأعضاء بتعزيز التضامن وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات