أعلنت الحكومة رفضها أي تطبيع، وأكدت وقوفها إلى جانب فلسطين وقضيتها.
ما الموقف الشعبي اليمني من التطبيع؟
خرجت تظاهرات رافضة للتطبيع في عدة مدن يمنية.
من هو الطرف اليمني الذي أعلن ترحيبه بالتطبيع؟
المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات.
يُعرف اليمن، حكومةً وشعباً، بعدائه التاريخي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتجسَّد ذلك من خلال الوقوف الرسمي إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته، واستقباله خلال عشرات السنوات الماضية، آلافاً من الفلسطينيين على أراضيها.
ومع تغيُّر الأوضاع في المنطقة، وإعلان الإمارات والبحرين اتفاقهما مع "إسرائيل"، كانت الحكومة اليمنية من أوائل الحكومات العربية التي سارعت لإعلان رفضها أي تطبيع مع دولة الاحتلال، وتأكيدها أنه "لا سلام قبل إقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس المحتلة".
لكن ومع التقارب الخليجي مع "إسرائيل" وفي مقدمته الموقف السعودي تجاه التطبيع، يطرح كثيرون تساؤلات عن إمكانية استمرار حكومة اليمن في موقفها الرافض لأي تطبيع، خصوصاً مع سيطرة السعودية على قرارات الحكومة اليمنية، التي تقبع داخل الرياض منذ أكثر من 5 أعوام، وما إذا كان تلك المواقف قد تسببت في خلاف مع الجانب السعودي.
مع إعلان الإمارات في الـ13 من أغسطس 2020، تطبيعها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، تباينت ردود الفعل في اليمن بشأن الإعلان، ففي حين اعتبرته قيادات في "المجلس الانتقالي" المدعوم إماراتياً ونشطاء آخرون "قراراً شجاعاً"، يرى مسؤولون يمنيون أنه خروج على كل ثوابت الأمتين العربية والإسلامية وقيمهما ومصالحهما.
وقال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي: إن "موقفنا في الجمهورية اليمنية سيظل ثابتاً ولن يتغير، تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق -غير القابلة للتصرف- وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
من جانبه قال عبد الملك المخلافي مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي: إن "التطبيع الإماراتي مع العدو الإسرائيلي غير مبرر ومُدان من كل الشعوب العربية، وهو تنكُّر للعروبة ولقيم الأمة وثوابتها ومواثيقها واتفاقاتها ومصالحها، ويشكل تفريطاً في حقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وخدمة للمشروع الصهيوني والمشاريع الأخرى كافةً التي تستهدف الأمة".
فيما قال النائب البرلماني علي عشال: إن "فلسطين هي الضمير والذاكرة، وهي الأمانة الملقاة على عاتق الإنسانية جمعاء في الانتصار لمظلوميتها، ومن ينسها من العرب فقد أصيبت هويته وانتماؤه بالخرَف، ومن يضيعها فقد الكرامة والشرف، وصدِّقوني كلما انهارت أنظمة الجور والطغيان اقتربنا من فلسطين أكثر".
وجدد اليمن رفضه أي تطبيع، حيث قال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، عقب إعلان البحرين في 11 سبتمبر 2020، تطبيعها مع "إسرائيل": إن بلاده "ستظل دائماً إلى جانب أشقائنا في دولة فلسطين حتى نيل حقوقهم غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
يعتبر المحلل السياسي اليمني كمال السلامي موقف الحكومة اليمنية من التطبيع "امتداداً لموقف اليمن التاريخي المساند للقضية الفلسطينية"، موضحاً بقوله: إن "اليمن كان تاريخياً سباقاً إلى دعم النضال الفلسطيني، ولم يسبق أن خذل فلسطين في كل المحافل الدولية".
وأضاف السلامي: "لأن اليمنيين تربوا على حب فلسطين، والاعتقاد الراسخ بعدالة قضيتها، فإن أي حكومة ستحاول تجاوز ذلك ستفقد ما تبقى لها من احترام، وحينها سيكون هناك إجماع شعبي على رفضها"، مشيراً إلى أنَّ "رفض التطبيع ورقة رابحة للحكومة اليمنية للحفاظ على الدعم الشعبي في مناطق سيطرتها".
ويؤكد لـ"الخليج أونلاين"، أنه رغم الضغوط التي قد تتعرض لها الحكومة اليمنية، من قِبل السعودية والإمارات؛ لإجبارها على تخفيف نبرة عدائها لـ"إسرائيل"، "فإني لا أعتقد أنها قد تصل إلى درجة التطبيع".
ويرى أنه في حال أقدمت السعودية على تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل"، فإن "اليمن سيظل بعيداً عن هذا المنحدر الخطر، تماماً كما هو حال المجلس العسكري في السودان، الذي أبلغ الأمريكيين أنه لا يمتلك تفويضاً شعبياً للإقدام على هذه الخطوة".
ويأتي الرفض الذي أصدرته الحكومة اليمنية مقروناً بالرفض الشعبي، سواءً على مواقع التواصل الاجتماعي، أو التظاهرات المستمرة في عدة مدن يمنية، مستنكرةً "التطبيع مع إسرائيل".
وشهدت عدة مدن يمنية مظاهرات حاشدة احتجاجاً على إعلان الإمارات إقامة علاقات رسمية مع "إسرائيل".
وخرجت تظاهرات لأكثر من مرة في مدينة تعز، إضافة إلى مظاهرات شبيهة في عدن وأبين وشبوة وسقطرى والعاصمة اليمنية صنعاء.
وكان لافتاً خروج تظاهرات في مناطق سيطرة "الانتقالي" في عدن وسقطرى، عقب ترحيب قيادات "الانتقالي" الموالي للإمارات بإعلان التطبيع.
ودعت البيانات الصادرة عن تلك المظاهرات الشعوب العربية والإسلامية إلى "الوقوف في وجه المواقف الخيانية في اعترافها بالكيان الصهيوني، أو تلك التي تساق إلى التطبيع مع هذا المحتل الدخيل".
من جانبه يرى المحلل السياسي اليمني أنيس منصور، أن موقف حكومة بلاده "إيجابي بشأن التطبيع مع إسرائيل، خصوصاً أن الحكومة اليمنية الشرعية الحالية فيها كثير من الشرفاء والوطنيون والغيورون على وطنهم ويحملون همَّ القضية الفلسطينية".
لكنه يعتقد أنه مع مرور الوقت "وفي ظل الهيمنة السعودية على القرار السياسي اليمني، هناك عديد من الاحتمالات في ظل الموقف السعودي المخزي والقابل والفاعل مع التطبيع".
وأوضح منصور في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن أهم هذه الاحتمالات هو "تشكيل حكومة جديدة بإزاحة كل وزير له موقف وطني وقومي وعروبي بوزراء جدد وفق أهواء وأجندة السعودية، بمنزلة جنود شرطة وليس وزراء يمثلون الشعب".
وتابع: "أعتقد أن الحكومة الجديدة، وضمنها رئيسها المنبطح للسعودية، وكذلك وزراء المجلس الانتقالي الإماراتي الذين ظهر موقفهم جلياً مع التطبيع، ربما تغيّر قرارات هذه الحكومة".
ويؤكد أن ما يهم حالياً هو "في حال وجدنا أن القرارات سيتخذها مذلولون واتفاقيات سيوقعونها فإنها لا تمثل الشرفاء، وإذا كان هناك من يخذل فلسطين ويطعنها في ظهرها فمقابله يوجد شعب يمني رافض لهذا العار، لديه خيار المقاومة ضد التطبيع وبوجه الظالم بكلمة الحق ولو كره الكارهون".
وترتبط الحكومة اليمنية بالقرار السعودي بشكل كبير، خصوصاً منذ تدخل التحالف العربي الذي تقوده المملكة في اليمن منذ مارس 2015.
وبدا لافتاً انصياع حكومة اليمن للتوجهات السعودية في كثير من القرارات، وفي مقدمتها خفض التصعيد اليمني ضد الإمارات في المحافل الدولية عقب القصف الإماراتي لقوات الحكومة باليمن في أغسطس 2019.
كما دفعت السعودية الحكومة اليمنية إلى إصدار تصريحات ضد تركيا في أكتوبر 2019، بعدما وصفت مقارنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين التدخل في سوريا وتدخُّل التحالف العربي في اليمن، في تصريحات له، بـ"الاستفزازية".
وأصدرت الحكومة اليمنية بياناً آخر، عقب بيان مماثل للسعودية، نددت فيه بما سمته "الهجوم التركي الذي يستهدف شمالي سوريا، مؤكدةً وقوفها إلى جانب الشعب السوري وتطلعاته المشروعة في نيل الأمن والاستقرار وممارسة حقه في الحكم والسيادة على أراضيه بالكامل".
ويوجد الرئيس اليمني وحكومته ومعظم المسؤولين الحكوميين في المملكة، وسط معلومات تتحدث عن رفض الرياض عودة المسؤولين اليمنيين إلى بلادهم.