تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للأراضي الرطبة، يبرز مجددًا العبث الإماراتي في محمية ديطوح الطبيعية الواقعة في جزيرة سقطرى، التي تُعد من أهم المحميات البيئية في العالم وأحد مواقع التراث العالمي.
وتتسارع الأنباء حول التدخلات الإماراتية في المحمية التي تتمتع بتنوع بيئي فريد وموارد طبيعية، حيث تُنذر هذه الأنشطة بتدمير النظام البيئي في المنطقة، ما يهدد الحياة البرية والأنواع النادرة التي تعيش فيها.
وتقع المحمية في الجزء الجنوبي من جزيرة سقطرى، وهي من أشهر المحميات الطبيعية في العالم نظرًا لتنوعها البيولوجي. تتضمن المحمية أنواعًا نادرة من النباتات والحيوانات، حيث تمثل موطنًا لمجموعة من الأنواع الفريدة التي لا توجد في أي مكان آخر على وجه الأرض، ما يجعلها أحد كنوز اليمن الطبيعية.
ومع ذلك، فقد أصبحت المحمية الطبيعية تحت تهديد شديد من الأنشطة غير القانونية التي تنفذها الإمارات في سقطرى. فقد ذكرت تقارير محلية ودولية أن الإمارات قد شرعت في إنشاء قواعد عسكرية داخل المحمية، فضلاً عن قطع الأشجار والتأثير على البيئة بشكل عام. هذه الأنشطة تسببت في تدمير أجزاء كبيرة من المحمية، مما يعرض الأنواع النباتية والحيوانية النادرة لخطر الانقراض.
ويشكل العبث بمحمية ديطوح الطبيعية واحدة من أبرز القضايا التي تهدد التنوع البيولوجي في الجزيرة. وبينما تدعي الإمارات حرصها على تنمية المنطقة، فإن تلك الأنشطة تمثل في الواقع انتهاكًا صارخًا للحقوق البيئية و الموارد الطبيعية التي تعتبر جزءًا من التراث العالمي. يبقى الأمل في أن يتم الضغط الدولي والمحلي على الإمارات لوقف هذه الأنشطة والالتزام بالقوانين البيئية الدولية لضمان حماية سقطرى وأراضيها من المزيد من العبث
أنشطة إماراتية جديدة
وتواصل الإمارات الإنتهاكات والعبث بالبيئة والمحميات الطبيعية السقطرية، حيث تقوم باستحداثات إنشائية في السواحل والمرتفعات والمحميات وكل المناطق البيئية المحظورة من أي استحداثات بشرية فيها.
مؤخراً، كشفت مصادر إخبارية، عن أنشطة إماراتية جديدة تتمثل في استحداث مبانٍ في "محمية ديطوح" الطبيعية الواقعة في مديرية قلنسية بسقطرى.
وذكرت المصادر، أن تلك المنشآت، تتضمن بوابات حراسة عند مدخل المحمية، بالإضافة إلى أربع بنايات كبيرة داخلها يُعتقد أنها ستُستخدم كمطاعم وملاهٍ تجارية.
وحسب المصادر، فإن شخصًا يدعى مبارك سالم عبدهن، وهو من أبناء مديرية قلنسية، يعمل جاسوس مع الإماراتيين ويشرف على بناء هذه المنشآت، بعد أن قام برشوة الجمعية المدنية المشرفة على المحمية.
وأشارت المنصة إلى أن عبدهن يعمل كمقاول لصالح الضابط الإماراتي خلفان المزروعي المسؤول على الأنشطة في الجزيرة تحت غطاء "مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية"، حيث تشمل المباني الجديدة بوابات حراسة، إلى جانب نية الإماراتيين إقامة سياج حول المحمية وتركيب كاميرات مراقبة لمنع دخول المواطنين إلا بإذن مسبق.
وأفادت المنصة أن المنشآت الأخرى تتضمن ملاهٍ ومطاعم وغرفًا خاصة، وهو ما أثار مخاوف واسعة بين سكان سقطرى بشأن تغيير هوية الجزيرة وإدخال ثقافات تتعارض مع عاداتهم وتقاليدهم الإسلامية، مؤكدة أن هذه التطورات تأتي في ظل صمت وتجاهل السلطات المحلية والشرعية اليمنية.
الأنشطة العسكرية والإعمارية
منذ أن بدأت الإمارات في تعزيز وجودها العسكري في سقطرى، تزايدت الأنشطة غير المشروعة في المحمية. حيث قام المسؤولون الإماراتيون بإنشاء منشآت عسكرية في مناطق محمية، وهو ما يثير القلق البيئي بشأن تأثير تلك القواعد على النظام البيئي الفريد في الجزيرة. إضافة إلى ذلك، تم رصد تحركات للبناء على أراضٍ تابعة للمحمية بهدف إنشاء مشاريع سياحية أو مرافق اقتصادية، مما يتسبب في تدمير الموائل الطبيعية.
وتتعرض سقطرى لتدخلات خارجية على الرغم من أنها مدرجة ضمن مواقع التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو. تلك الأنشطة الإماراتية تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي تحظر تدمير أو التلاعب بالموارد الطبيعية في المناطق المحمية، ما يضعها في مواجهة مع القوانين البيئية الدولية.
وقد أثارت الأنشطة الإماراتية غضبًا واسعًا لدى المجتمع السقطري، حيث طالب السقطريون من السلطات اليمنية والمنظمات البيئية العالمية بضرورة إيقاف العبث الإماراتي في المحميات الطبيعية بسقطرى.
كذلك، شددت منظمات حقوق الإنسان على ضرورة احترام سيادة اليمن على أراضيه وحمايتها من التدخلات الأجنبية التي تؤثر بشكل سلبي على البيئة والمجتمع المحلي.
وأعرب سكان سقطرى عن قلقهم الشديد إزاء التوسع الإماراتي في الجزيرة، معتبرين أن ذلك يشكل تهديدًا لمستقبلهم الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل استمرار الاستثمارات العسكرية الإماراتية في الجزيرة.
ماذا تعرف عن محمية “ديطوح”؟
تقع هذه المحمية الجميلة تحديدا في مديرية قلنسية شمال غربي أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي.وقد جرى إدراج خور هذه المحمية كموقع هام للأراضي الرطبة حسب اتفاقية رامسار الدولية في 10 أغسطس 2007.
وتحيط اليابسة بالمحمية من الجنوب، والجنوب الغربي، والجنوب الشرقي، بالإضافة إلى المناطق الرملية المحيطة بها شمالا وفي الشمال الغربي باتجاه البحر. ويعتبر الخور أهم ما يميز محمية ديطوح.
وتشكل المحمية نموذجاً لبيئات بحرية في مياه أقل عمقا من تلك الموجودة في البحار، ما يزيد من حساسية هذه البيئات.
وينفرد الخور بتنوع بحري فريد من نوعه، غير منتشر بشكل كبير في مناطق الأرخبيل الأخرى، والبعض منها غير موجود أي في مكان غير المحمية، وتعمل بالتالي تلك البيئات على دعم العديد من الأحياء البحرية.
ولا يوجد ارتباط بيئي للبيئات الأخرى مع المحمية وذلك نتيجة لبعدها، ولكن يمكن الإشارة هنا إلى إمكانية وجود ارتباط بيئات الخور بالبيئات الرملية والقريبة من المحمية.
ويصنف السكان محمية ديطوح إلى عدد من المناطق؛ اعتماداً على نوع الموائل، والتي توثر على توزيع المجاميع الحية، وهي: “الرمال الصافية” وتعرف بأنها رمال خشنة صافية في مياه ضحلة تقع مباشرة إلى الخلف من الرمال الفاصلة بين البحر والخور، يصل عمقها إلى مترين وتوجد فيها أسماك السفن، وبشكل خاص يوجد سمك “لما” (Taeniura lymma) بالإضافة إلى النوع “ورنك” واسمها العلمي (Himantura uarnak) ويعتبر هذا النوع من الأسماك النادرة في “سقطرى”، ومحمية “ديطوح” تمثل الموقع الوحيد لتواجده.
وتتميز المحمية بأنها صغيرة الحجم، ما يسهل إدارتها، بالإضافة إلى التنوع الكبير في الموائل من طحالب وحشائش بحرية والرخويات والقشريات والاسفنج والأسماك شوكية الجلد.
وتعد محمية ديطوح المثال الوحيد في جزيرة سقطرى لتطور “حيد مرجاني” حقيقي (الحيد المرجاني هو مجموعة شعاب مرجانية تعيش في مكان واحد على شكل مجموعة واحدة).