في مواصلة للمقالات النوعية التي تناقش الفشل الحكومي في ادارة الملف الاقتصادي نناقش اليوم توصيات دولية تلقتها الحكومة اليمنية في عام 2010، من بيوت خبرة دولية بشأن ضرورة تبني سياسات اقتصادية بديلة تحسبًا لنضوب النفط، إلا أن هذه التوصيات لم تجد طريقها إلى التنفيذ. واليوم، يعيش اليمن تداعيات هذا التجاهل من خلال انهيار اقتصادي غير مسبوق.
في دراسة لمؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، توقع الخبراء نفاد النفط اليمني بحلول عام 2018، وهو ما أكده صندوق النقد الدولي والبنك الدولي و اكدته بيانات الانتاج الحالية.
بين عامي 2002 و2022، تراجع إنتاج النفط بنسبة 95%، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات النفطية من 28% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006 إلى 3% فقط، أي خسارة سنوية تقدر بـ 2% من الناتج المحلي الإجمالي. قد يبدو نضوب النفط عاملًا طبيعيًا، لكنه في الواقع كشف عن عجز الحكومة عن وضع سياسات اقتصادية بديلة، ما أدى إلى انهيار الاقتصاد الوطني (#فضائح_النفط_والغاز)
تداعيات اقتصادية ومالية كارثية
تراجع الإيرادات العامة وعجز مالي متزايد، كان نتاج انخفاض إنتاج النفط مما أدى إلى أزمة سيولة خانقة، إذ فقدت الحكومة أكثر من 70% من مواردها المالية، مما انعكس على قدرتها في تمويل الخدمات الأساسية.
هذا وقد ارتفاع العجز المالي بسبب تباطؤ تدفق القروض والمساعدات الدولية نتيجة انعدام الثقة في الإدارة الحكومية.
وهذا بدورة ادى الى انهيار النمو الاقتصادي وغياب البدائل، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي انكماشًا حادًا بسبب اعتماد الاقتصاد اليمني المفرط على النفط.
و غابت الاستراتيجيات الحكومية لتعويض الفاقد من الإيرادات النفطية، و تراجعت الاستثمارات اذ لم نقل هربت ، بسبب تدهور بيئة الأعمال وضعف الاستقرار الأمني والسياسي.
و كنتيجة حتمية، فقد آلاف العاملين في قطاع النفط وظائفهم، مما رفع معدلات البطالة بشكل كبير.و تراجع الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية، ما فاقم الأوضاع المعيشية. حيث يعيش اليوم أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، وفق تقارير المنظمات الدولية.
الفشل الحكومي يعد هو السبب الحقيقي وراء الانهيار، و الذي كان نتاج غياب التخطيط الاستراتيجي، حيث لم تتخذ الحكومات المتعاقبة أي خطوات جدية لتنويع الاقتصاد، رغم التحذيرات المبكرة من نضوب النفط.
كما أنه لم يتم تطوير قطاع الغاز أو الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كبدائل مستدامة،( يمكن الرجوع إلى التقرير المتكامل حول #كارثية_اتفاقية_الغاز_المسال #توتال).
هذا بالإضافة الى تعزيز الصراعات الداخلية على إيرادات النفط بدلًا من الاستثمار في بدائل اقتصادية طويلة الأمد.
كما ان ضعف الإدارة المالية وغياب الإصلاحات الاقتصادية قد بدت واضحة من خلال سوء إدارة الموارد المالية أدى إلى هدر المليارات دون تحقيق أي نمو اقتصادي حقيقي.
و في حضم كل هذه الصراعات هنالك غياب تام للسياسات المالية والنقدية الفعالة لمواجهة الأزمة، ما تسبب في تضخم مفرط وانهيار قيمة العملة المحلية( يمكنكم الرجوع للتقرير الدوري الاخير الصادر من البنك المركزي عدن).
اما موضوع الفساد فحدث ولا حرج ، حيث اصبح من الجلي استشراء الفساد في مؤسسات الدولة مما أدى إلى ضياع العائدات النفطية في حسابات شخصية ومشاريع غير مجدية، وهنا ما يحدث في #بترومسيلة و قطاع #جنة في #شبوة احد ابرز الادله.
كما ان انعدام الشفافية والمحاسبة أفقد اليمن فرص الحصول على استثمارات دولية أو دعم مالي مستدام، كما هو الحال حول عائدات النفط من #صافر # مأرب، وهذا كان سبب رئيس لفشل احمد بن مبارك في زيارته الاخيرة لحشد تمويلات لدعم الاقتصاد ..
الإصلاح المؤسسي: الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاقتصاد
لمعالجة الأزمة الاقتصادية، والتي نتمنى ان يسعفنا الوقت .. فلا بد من إصلاحات جذرية تتجاوز الحلول الترقيعية، ومن بين أهم الاستراتيجيات:
• تنويع مصادر الدخل عبر دعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والسياحة.
• تطوير قطاع الطاقة المتجددة للحد من الاعتماد على النفط وتعزيز أمن الطاقة.
• تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لضمان الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.
• إعادة هيكلة السياسات المالية لضبط الإنفاق الحكومي وتحفيز الاستثمار.
الفشل الحكومي مسؤول عن الانهيار وليس نضوب النفط
لم يكن نضوب النفط مفاجئًا، بل كان متوقعًا وفق دراسات وتحذيرات دولية، إلا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات استباقية لحماية الاقتصاد.
في دول أخرى، عندما يواجه الاقتصاد تحديات مماثلة، يتم تبني استراتيجيات بديلة، لكن في اليمن، جعل الفشل الحكومي من أزمة النفط كارثة وطنية.
إنقاذ الاقتصاد لا يزال ممكنًا، لكنه يتطلب إرادة سياسية وإصلاحات حقيقية، بالإضافة إلى حوكمة فاعلة، بعيدًا عن الفساد وسوء الإدارة الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع الكارثي.
#منتدى_اليمن_الدولي
#حكومة_الفشل_والفساد #فضائح_النفط_والغاز
#اليمن