في وقت تشهد فيه اليمن واحدة من أصعب الفترات الاقتصادية في تاريخها، تتفاقم الأزمات نتيجة الفساد المستشري في بعض الجهات المحلية، وفي مقدمتها محافظة شبوة تحت إدارة محافظها، عوض ابن الوزير. بدلاً من أن يكون هذا المحافظ سندًا لتطوير المحافظة وتنمية ثرواتها النفطية بما يخدم الاقتصاد الوطني، تحولت المحافظة إلى ساحة للفوضى واستغلال السلطات، حيث يسعى المحافظ لتحقيق مصالح شخصية على حساب مقدرات البلاد وثرواتها.
في خطوة تُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين والاتفاقيات الموقعة مع الشركات النفطية العالمية، قام محافظ شبوة بإغلاق أبواب الشركات الأجنبية العاملة في القطاعات النفطية بالمحافظة، ومنعها من ممارسة أعمال الصيانة والتطوير، ليذهب إلى أبعد من ذلك بإعلان بيع ممتلكات تلك الشركات عبر مزادات علنية. المزاد الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا يشمل بيع رؤوس حفارات، وحديد وهزارات نفط كانت مملوكة لشركة OMV العاملة في قطاع S2، وهي خطوة تُظهر مدى الاستهتار بالقوانين والاتفاقيات الدولية.
القانون اليمني، وتحديدًا اتفاقية المشاركة في الإنتاج الصادرة بموجب قانون من مجلس النواب ومصادق عليه بقرار جمهوري، يمنح الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط الحماية القانونية لتمارس أعمالها وفقًا للشروط واللوائح المحددة في تلك الاتفاقيات. ويُعهد إلى وزارة النفط والمعادن، بالإضافة إلى الجهات الرقابية التابعة لها، بالإشراف الكامل على عمليات الشركات، بما في ذلك أعمال الاستكشاف والإنتاج والتطوير. ووفقًا لهذه الاتفاقية، لا يحق لأي سلطة محلية، بما في ذلك محافظ محافظة شبوة، التدخل في شؤون الشركات أو منعها من ممارسة أعمالها.
لكن، في ظل هذا الوضع، يبدو أن وزارة النفط والمعادن، وكذلك الحكومة ورئاسة الجمهورية، يقفون مكتوفي الأيدي أمام ما يقوم به المحافظ من بيع علني لممتلكات الشركات وتدمير البنية التحتية للقطاعات النفطية. غياب الرقابة الحكومية يجعل من محافظة شبوة ساحة للفوضى، حيث يتم العبث بمقدرات الشركات وممتلكاتها دون أدنى احترام للاتفاقيات الموقعة أو للسلطات المخولة بموجب القانون.
أين هي وزارة النفط والمعادن مما يجري؟ وكيف تسمح ببيع ممتلكات الشركات التي تعمل تحت غطاء قانوني؟ وهل يُعقل أن تقف الجهات الرقابية مكتوفة الأيدي في وقت تتعرض فيه شركات عالمية للطرد والإقصاء؟ إن هذه التصرفات لا تنعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني فحسب، بل تهدد مستقبل الاستثمار الأجنبي في البلاد بأكملها. كيف يمكن لليمن أن تجذب شركات جديدة إذا كانت ممتلكات الشركات الحالية تُباع في مزادات علنية؟ وأين هو دور الحكومة ورئاسة الجمهورية في حماية ثروات البلاد؟
المطلوب الآن هو تحرك فوري من وزارة النفط والمعادن، والجهات الحكومية المسؤولة، لوقف هذه التجاوزات. لا يمكن السماح لمحافظ محلي بالتعدي على الاتفاقيات القانونية الموقعة مع الشركات الدولية، والتي تمت المصادقة عليها بقرار جمهوري. ولا يحق للسلطات المحلية بيع ممتلكات الشركات الأجنبية أو منعها من ممارسة أعمالها التطويرية والصيانة في القطاعات التي تعمل بها.
*نناشد الجهات المعنية، بدءًا من وزارة النفط والمعادن ورئاسة الحكومة، وصولًا إلى رئاسة الجمهورية، باتخاذ خطوات فورية لوقف هذا العبث الذي يهدد ليس فقط الاقتصاد المحلي في محافظة شبوة، بل يعصف بثقة المستثمرين الأجانب في اليمن بشكل عام. إن استمرار هذا الوضع لا يخدم سوى مصالح ضيقة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، ويجب أن يتم التحرك العاجل لحماية مصالح البلاد وضمان استمرار الاستثمارات الأجنبية بما يعزز من الاستقرار الاقتصادي*