الرئيسية - اقتصاد - تجارة الذهب في اليمن.. ميزان حساس

تجارة الذهب في اليمن.. ميزان حساس

الساعة 11:08 مساءً

بدأ عوفان من الصفر في مهن مختلفة، ثم عاملاً في محل ذهب، يمتلك الآن عدداً من محلات الذهب داخل سوق الملح بصنعاء القديمة، ويعمل معه أبناؤه.

 



يجهل الزبون كما يقول عوفان فارق المشغل أي المُصنع، حيث يتم بيع الذهب بسعر، وعند الشراء يتم خصم مبلغ غير محدد، فيتهم أصحاب الذهب بالتلاعب الأسعار.

 

يعاني عوفان وغيره من تجار الذهب في صنعاء القديمة من مشكلة وجود الأمن القومي على بوابة المدينة وتشديده الرقابة في الدخول والخروج إلى السوق، الأمر الذي أدلى إلى تشتيت الناس وإضعاف حركة السوق، بالرغم من رفعهم هذه المشكلة إلى أمين العاصمة دون جدوى.

 

وعلى عكس ما هو متوقع، فإن تجار الذهب يفرحون كما قال عوفان وغيره لـ الإعلام الاقتصادي، عندما ينخفض سعر الذهب وتنتعش حركة الأسواق ويسارع الناس في الشراء بشكل كبير جداً.

 

لا توجد طريقة محددة ولا جهة رسمية تحدد سعر الذهب كما يقول، بل يتم التعرف على الأسعار من خلال البورصة العالمية.

 

لا يمانع عوفان من عمل المرأة في محلات الذهب، إذا ما أصبح الأمر مقبولاً لدى المجتمع، مبتسماً قال "إن المجتمع وحكم العادات والتقاليد وبحكم إننا في سوق شعبي يمنع عمل المرأة، بالرغم من كونها قادرة على عمل أي شيء في هذا الزمان".

 

وقبل أن يصبح "سيلان هادي السيخيني" صاحب محل، كان يعمل موزعاً للذهب  حتى توسع دخله، وأصبح أولاده يعملون معه، مع فارق أنه دفع بهم للتعليم الجامعي وخاصة التجارة.

 

يعمم السيخيني تجربته بأنه لا بد من امتلاك "كيلو ذهب" لكي تفتح محلاً في البداية، ثم بمساعدة الموزع يتم تزويد المحل بكمية من الذهب مقابل ضمان تجاري وهو المحل، إلى أن يتم التسديد..

 

لا تقتصر تجارة الذهب على من تعدى سن الأربعين أو الخمسين، فإبراهيم الثلايا شاب جامعي في السنة الأولى من كلية التجارة ويعمل في مجال بيع الذهب في سوق الملح، ويطمح إلى امتلاك محل كبير خاص به، رغم الواقع المرير ووجود من يشجع على الظلم والكذب وعدم احترام القانون وعدم الشعور بالمسئولية، حسب تعبيره.

 

صَغَر محل الثلايا، بسبب موقعه في سوق شعبي كسوق الملح، حال دون توسعه، كما أن قلة الأرباح مقارنة بالمهن الأخرى (2000 ريال في اليوم) تعد من أبرز المشاكل التي يعاني منها، إضافة إلى الضرائب (150 ألف ريال وتزيد بإضافة 10% سنويا) والواجبات الزكوية.

 

 

يتابع الثلايا الشاب البورصة لتحديد سعر الذهب كغيره من زملاء المهنة، من خلال قناة cnbc العربية، نافياً أن وجود جهة تمثل مرجعاً أساسياً في ذلك، وأنه يتم تحديد الفارق في سعر البيع والشراء بطريقة ارتجالية ومختلفة من شارع لآخر، موضحاً "الذهب يتم بيعه مثلاً بـ9 آلاف ريال عيار 21 جرام، وبعد خصم حق المشغل أي المصنع الذي يعيد صياغته (700 أو 800 ريال) ونظراً لعدم وعي الناس بتلك الأمور تحدث المشاكل.

 

"إبراهيم المهيوب" جمع في غربته مبلغاً من المال، وعند عودته عمل في محل لبيع الذهب ثم فتح محلاً خاصاً به في منطقة شعوب بصنعاء.

 

في السوق اليمنية توجد أنواع كثيرة جداً من الذهب، التركي، الإيطالي، السنغافوري، الهندي، الإماراتي، البحريني، الكويتي، السعودي، والمحلي وغيرها، ويقول المهيوب خلال خبرته، إن المتوفر في اليمن والخليج أربعة عيارات للذهب، هي 18، 21، 22، 24.. مضيفاً "عيار 24 معروف عالمياً أنه ذهب صافي، أما عيار 18 فهو مخلوط فضة أو نحاس أو زنك (الذهب 75%) ولكن الموجود في اليمن هو عيار 18 وعيار 21 فقط"، يؤكد إبراهيم أن الناس يفضلون الذهب الخليجي مع أن الذهب هو ذهب، مرجعاً ذلك إلى عامل السمعة، والدقة في التصنيع، وبالرغم من عدم نفيه لوجود مصانع في اليمن لصناعة الذهب، إلا أنه تحفظ على ذكر أي منها.

 

"عيون الناس يا أخي على أصحاب الذهب والصرافين بشكل كبير، مع أن هناك أصحاب شركات كبيرة لا أحدج يقترب منهم ولا يدفعوا لا ضرائب ولا زكاة" يقول إبراهيم متحدثاً عن أهم المشاكل التي يعاني منها مضيفاً "كذلك عدم  استقرار سعر الذهب، والسرقات التي تحصل داخل المحل وخارجه".

 

تتراوح رواتب العاملين في محلات الذهب بين 60-70 ألف ريال، وبالرغم من ذلك فقد عمل "المشرقي" قبل ذلك في مجال الكهرباء في السعودية ثم عاد إلى اليمن وبدأ بالعمل في مجال الذهب، نال المشرقي حظه من التعليم حتى الإعدادية، ومن أولاده من يعمل معه، وآخرون يدرسون الطب والصيدلة، أصبح لدى المشرقي معرفة كبيرة بهذه المهنة وبورش صناعة الذهب مثل "الحضار وشملان ويمن جولد، والمشرقي في تعز وأبو الذهب وغيرها نافياً وجود مصانع متخصصة.

 

يتساءل المشرقي "لماذا يفرضون علينا ضريبة وزكاة في وقت واحد، يكفي دفع الزكاة فقط، الضريبة كانت تفرض من قبل كجزية لغير المسلم ونحن الآن ندفع ضريبة وزكاة معاً".

 

ومثله حصل "سلطان علي النقيب" على الثانوية ولم يكن غنياً حين اغترب ثم عاد ليعمل في مهنة الذهب، حتى صار لديه محلاً خاصاً به، يوضح سلطان بأن الجنية عبارة عن عملة سعرها ثابت، أما بالنسبة للجرام فهو عبارة عن أي شكل من أشكال الذهب، يقوم صاحب المحل بشراء الذهب في البداية مكسراً قبل التصنيع، وسعر الذهب المكسر يتم شراؤه مثلاً بسعر 8400 ريال، (أي 8400 مضروب الجرام 8 – 67200) هذا سعر الشراء وهو مكسر أما سعر البيع فهو 8500 مضروب في الجرام (8) الناتج حيث يلاحظ زيادة 100 ريال لكل جرام وبهذه الطريقة يتم احتساب سعر البيع عن سعر الشراء.

 

يشير سلطان بأن أكثر المواسم تدفقاً للمستهلكين وللمشترين هو فصل الصيف لأن فيه تكثر مناسبات الأفراح في جميع أنحاء البلاد، ويكثر الطلب على أنواع مختلفة من الذهب كالعقد والطواقم والهدايا الصغيرة وغيرها.. وبالتالي تزيد حركة سوق الذهب، مضيفاً "دائماً الناس عند انخفاض سعر الذهب  يميلون إلى الاحتفاظ بالعملة بدلاً من الذهب و العكس صحيح". وتعتبر الهند هي أكبر الدول المستهلكة للذهب، وانخفاض استهلاكه هناك يؤدي إلى انخفاض سعر الذهب.

 

في شارع آخر وسط العاصمة يعتبر المجيدي "متعلم وحريص على تعليم كل شخص يعمل لديه".

 

يعمل محل المجيدي بمتوسط 60 ألف ريال، من 9 صباحاً إلى 10 ليلاً، وتمثل ارتفاع الإيجارات في شارع هائل من أهم الصعوبات كما يقول المجيدي (130 ألف ريال) بالإضافة إلى انطفاء الكهرباء والتي "سببت مشاكل للميزان حق الذهب الذي يعمل بالكهرباء وكذا حدوث سرقات، وإزعاج البساطين بشارع هائل".

 

ومما لا يعلمه كثير من الناس أن شركات التأمين لا تؤمن على محلات الذهب في الغالب وذلك لأنها دائماً معرضة للسرقات.

 

جدل الأسعار

من خلال خبرته يقول سلطان النقيب "صاحب محل ذهب" إن الإعلام يسبب مشكلة مع الزبائن، فالمشتري يتهم بائع الذهب بأنه سارق، لأنه قرأ أو سمع أو جاءته رسالة جوال، بأن سعر الذهب اليوم كذا، وعند وصوله إلى محل الذهب يجد الأمر مختلفاً، فتحدث المشكلة بسبب أن المواقع أو القنوات تقوم بإنزال سعر الذهب خام  دون حساب حق المشغل وربح صاحب المحل، مضيفاً بأنه يتم ربط سعر الذهب بالدولار، سعر الأوقية مضروباً بسعر الدولار – الناتج، وبما أن السعر العالمي متغير (1364) فيتم قسمته على الوزن الثابت وهو 35,4) ناتج القسمة مضروباً بسعر الدولار ثم يضاف إليه 150 زيادة في سعر الصرافين المتحكمين في سعر الذهب، مردفاً "أسواق الذهب في اليمن مرتبطة بأسواق الذهب في دبي لأنها منطقة حرة".

 

* نقلاً عن مجلة الإعلام الاقتصادي.