بقلم : عثمان الأهدل …
لفت انتباهي في إحدى ساحات تويتر عنوانٌ عن العنصرية، وكان بالذات عن الطبقية في اليمن والتي تشكل البعد الاجتماعي السيء، في بلد عُرف عنه بالحكمة، لا شك أن العنصرية آفة مدمرة لحقوق الإنسان راح ضحيتها الكثير، كانوا يسعون خلف أبسط حقوقهم ليحيوا ضمن المجتمع، ولكن العنصرية والطبقية كانت الجدار المنيع أمامهم، جدار تكون من تراكمات أجيال لا نعلم منبعها الأساسي من أين، إلَّا أن أصابع الاتهام اُشهرت مباشرة إلى هاشميّ حضرموت وبالذات على أحمد بن عيسى المهاجر وهو جد الباعلوي، وهذا الاتهام يجب أن يفند حتى لا يُؤخذ الشيخ الجليل بطلانًا بجريرة من جاءوا بعده واعتقدوا أنها حق من حقوقهم.
وقد وظفت العائلة السلالية بيت حميد الدين تلك الظاهرة طوال عشرة عقود أيما توظيف، استغفلت بها عقول البسطاء وسرقوا حريتهم وكرامتهم تحت ذريعة حقوق آل البيت باسلوب فج لا يمت للإسلام بصلة، والحوثي هو امتدادًا لتلك الحقبة مستخدمًا الحق الإلهي لهذه السلالة السياسية زعمًا وتدليسًا، رغم أن ديننا الحنيف يحارب هذه الظاهرة، ويمايز مكانة الناس بتقواهم وخشيتهم من الله عملًا بقوله سبحانه {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وهو مقياس عادل لِما يحمل بين ثناياه من معانٍ كثيرة يحتوي على جل القيم والمبادىء، وخصوصا أن رسالة الله في أساسها بعد التوحيد جاءت لإتمام مكارم الأخلاق، إذ قال من لا نبي بعده صلوات الله عليه {بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق}.
وأول من حمل تلك النعرات هم اليهود الذين يرون أنفسهم بأنهم أبناء الله. وقريش والعرب لم يكونوا ببعيدٍ عن ذلك، فهي كانت رمزًا يتفاخرون بها ويتمايزون فيما بينهم. وهذا لا يعطي ذريعة لمن حباه الله بنسب عريق أن يتعالى على غيره، فتلك نعمة من الله تُوجب الشكر، ولا سيما أن هذا النسب لم يتم اختياره ذاتيًا وبجهدٍ شخصي، بل أن ذلك قدرًا من الله قد يكون امتحانًا لير أيُشكر عليها أم يُكفر بها.
السؤال الذي يطرح نفسه بغض النظر عن مساوء العنصرية التي يُستعصى حصر اثارها، ماهو المخرج من ذلك المأزق والتخلص من هذه الآفة ولا سيما أنها متجذرة في اليمن بشكل ملفت. فإذا نظرنا إلى العنصرية عن كثب، فإننا نراها لا تمارس فقط من قبل الهاشميين، بل أنها صفة متفشية في النسيج اليمني، وقد طفحت على السطح مؤخرًا بسبب أوضاع الحرب وتوظيف ذلك الحُمق من قبل الحوثي سياسيًا، مما أزم المسألة أكثر، واصبحت من الضرورة بمكان استئصالها، وهذا ليس بالأمر الهين، ولا ضير الاستفادة من التجارب العالمية، ولو أنها ظاهرة يصعب عدم وجودها حتى في المجتمعات التي تتدعي بالديمقراطية.
فالعنصرية في الأساس تُمارس فعليًا ولفظيًا، وتكمن صعوبتها في الافعال، فالقانون لا يستطيع منع من يرفض تزويج فئة دون فئة أخرى أقل نسبًا، أما العنصرية اللفظية فأمرها هينًا يمكن الحد منها بسن قانون يجرم المعتدي لفظًا. وقد قيل في الأثر؛"أن الجهل قرة عين المستبدين"، والتفرقة بين الناس إزاء الطبقية هو استبداد بحد ذاته، ولا يمكن القضاء عليه إلّا بتوعية الناس وتذكيرهم بمبادىء الدين الحنيف الذي ينبذ كل أنواع الفوقية. كما أن وضع سياسة التحفيز ماديًا من قبل الدولة والمجتمع قد يكون له الأثر الأكبر.
والحل الأمثل لحل جل مشاكلنا بمن فيها العنصرية هو التمسك بحبل الله وأن نكون يدًا واحدة وننبذ كل أنواع الفوقية والتمايز العرقي وأن يكون مبدأنا اليمن أولًا ولا مزايدة عليها كلنا سواسية كأسنان المشط. ولن تكون حلولنا خارج الاطار الرباني، لا علمانية ولا ليبرالية بل دولة اسلامية ديمقراطية وفق شرع الله.