الفيدرالية كنظام تقوم على توزيع السلطات بين مستويين او ثلاثة من المستويات الحكومية داخل الدولة الواحدة بحيث يكون للمستوى الادنى من الحكومات في الاقاليم سلطات دستورية حقيقية تكون في اكثر تجلياتها برلمانات منتخبة من قبل شعب الاقليم تفرز حكومة اقليمية برئاسة كبير الوزراء في الاقليم تعبر عن ارادة الشعب في الاقليم وتسعى لتحقيق تطلعاته من خلال ادارة الجهاز الاداري للدولة في الاقليم بشكل مستقل كما تدير الاقتصاد والتنمية المحلية ويبقى للحكومة المركزية او ما تعارف على تسميتها بالحكومة الفيدرالية السلطات المتعلقة بالسيادة .مثل الدفاع والمخابرات والعلاقات الخارجية وما يتعلق بالعملة وصك النقد والموارد السيادية الفيدرالية (الجمارك والضرائب الفيدرالية) ويختلف الوضع بالنسبة لادارة هذه الموارد من فيدرالية لاخرى..وهناك ثلاثة نماذج دستورية يتم من خلالها توزيع هذه السلطات في مستويات الحكم بين الحكومة الفيدرالية والحكومات الاقليمية .فاما ان يتم النص على صلاحيات كلاً من الحكومتين في الدستور تفصيلا او ينص على حصر سلطات حكومة الاقليم وماسواها يكون للحكومة الفيدرالية او العكس بان يتم النص على سلطات الحكومة الفيدرالية على سبيل الحصر وماعداها للحكومة الاقليمية والنموذج الاخير يعطي للحكومات الاقليمية سلطات واسعة جدا في ادارة الاقليم بحيث تكون السلطات السيادية فقط من اختصاص الحكومة الفيدرالية وهي سلطات محدوده جدا كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية وتمتلك الاقاليم سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية واسعة تمكنها من ادارة الشان المحلي.هذا بالنسبة للفيدرالية ثنائية المستوى. غير ان بعض الانظمة الحديثة تعطي للوحدات الادارية داخل الاقليم نفسه مستوى ثالث من السلطات تسمى المجالس المحلية او عمد المدن الكبيرة يمنحها الدستور سلطات واسعة في الادارة المحلية .وكما يقال بالمثال يتضح المقال.فانه لو تم توزيع اليمن لعدة اقاليم فيدرالية وكانت محافظة حضرموت والمهرة وسقطرى وشبوة اقليما فيدراليا ضمن الدولة اليمنية الفيدرالية.فان السلطات ستتوزع على ثلاثة مستويات .الحكومة الفيدرالية بسلطات سيادية في العاصمة كيفما اتفق ان تكون مدينة صنعاء او مدينة اخرى.وحكومة اقليمية في عاصمة الاقليم (مدينة المكلا مثلا) و مستوى ثالث من الادارة المحلية خاص بكل ولاية من ولايات الاقليم (المهرة,شبوة) على سبيل المثال.واذا عدنا للتاريخ القريب في هذا الاقليم على وجه التحديد فيمكنا ان نستشف تنظيما فيدراليا بصورة او باخرى كان معمولا به في ادارة هذا الاقليم .فالمحميات الشرقية التي كانت تضم اربع سلطنات الى قبيل اعلان دولة الجنوب اليمني في عام 1967م كانت تتكون من اربع دويلات صغيرة متفاوته من ناحية التطور والتنظيم الاداري والمستوى الاقتصادي هي السلطنات القعيطية والكثيرية والمهرية والواحدية وكانت السلطنة القعيطية الاكثر تقدما والاكبر من حيث السكان والمساحة والنفوذ وكانت عاصمتها مدينة المكلا مقرا للمستشارية البريطانية التي كانت تشرف على كل سلطنات المحمية الشرقية من خلال ضابط سياسي في كل سلطنة يتبع مباشرة للمستشار المقيم في المكلا ,وان لم يكن هناك دستور واحد ينظم علاقة حكومات هذه السلطنات بالمركز في المكلا الا ان العرف واتفاقيات الاستشارة البريطانية تشير الى اعطى حكومة المكلا نوعا من الامتياز الاداري عن بقية الحكومات الاخرى لعوامل كثيرة .منها انها مقر المستشار البريطاني المقيم وكذا كبر مساحتها الجغرافية وماتميزت به من تطور في مجال التعليم والادارة مقارنة ببقية المحميات المجاورة والعلاقة الخاصة بالحكومة البريطانية حتى ان القوانين التي تصدر من حكومة المكلا كان كثيرا مايتم تطبيقها كما هي في بقية السلطنات الشرقية.وكانت لكل حكومة في السلطنات الاربع شرطة محلية وقضاء مستقل وما يخص العلاقات الخارجية فكانت مرتبطة بالحكومة البريطانية وفقاً لاتفاقيات الاستشارة ويتولى الدفاع عن جميع السلطنات داخل الإقليم جيش البادية الحضرمي التي كانت تشرف على تدريبه وتسليحه الحكومة البريطانية و لكل أبناء السلطنات الانتساب للخدمة في جيش البادية الحضرمي تحت قيادة عسكرية واحدة. هذا عن توزيع السلطات في الدولة الفيدرالية ,وسيكون لنا في الورقة الرابعة حديثاً عن توزيع الثروة او الفيدرالية المالية