المسرح والدراما في اليمن

2013/11/11 الساعة 04:36 مساءً

تشير المصادر إلى أن البدايات الأولى للمسرح في اليمن كانت في نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينات من القرن الماضي وتجسد هذا الظهور في شكل مسرح الأراجوز في عدن حيث دعت الحاجة لمناهضة الاستعمار الانجليزي إلى وجود منفذ للبوح عن آمال وطموحات أبناء الجنوب خصوصا حين كانت الجريدة والاذاعة والتلفزيون غائبة عن المشهد وكان ثمة سياسة تجهيل متبعة من قبل المستعمر ماحدا بمثقفي وسياسيي الجنوب آنذاك إلى البحث عمن يقوم بذلك الدور الذي تجسد في شخصية حمبص وحسن طز البيسة وأبو شنب وأبو تمزة فكانوا يتنقلون بين لحج وعدن بعرباتهم التباتيك لتوعية الناس وهكذا استمر الحال حتى إنفجرت الثورة لإجلاء المستعمر من أراضي الجنوب ثم ظهر المسرح مرة أخرى في بداية الثمانينات لكنه لم يستمر طويلا في ذلك الشكل " مسرح الأراجوز " وانطلق في اشكاله المتعددة حتى تم تحقيق الوحدة وأقيم في العام نفسه من تحقيقها أول مهرجان للمسرح برعاية وزير الثقافة حينها حسن اللوزي ثم المهرجان الثاني في العام 94 م ثم الثالث والأخير في العام 97م ليبدو الأمر وكأنه كان من قبيل الترضية للجنوب وثقافته لأن الشمال في عصر الإمامة كان يناهض ويحلم بالتحرر من طغيان الإمام بثقافة الشعر الشعبي ..

ونشأت فرق مسرحية كثيرة منذ العام 2000 م كما تأسست مؤسسة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة وسعت القيادات المسرحية إلى النهوض بالمسرح والدراما في اليمن إلا أن حظها كان حظ القبعة في عالم العمائم فالعادات والتقاليد الاجتماعية والدينية في الشمال ترفض المسرح جملة وتفصيلا يقول الأمريكي فوبيون باورز في كتابه " المسرح في الشرق – دراسة في الرقص والمسرح في آسيا " "... تُعرّف آسيا ، في لغة المسرح بأنها تلك البقاع التي تبدأ من الهند، وتمتد شرقاً حتى أندونيسيا وجزائر الفلبين، وشمالاً حيث تضم الصين واليابان حتى سيبيريا .

وثمة مجموعة فكرية تدخل في مفهوم تعبير " آسيا " تتضمن العالم الإسلامي المترامي الأطراف ، والذي يقع شمالي وغربي الهند ، وبعض المصطلحات مثل " الشرق الأوسط " و " الشرق الأدنى" ، و"آسيا الصغرى " ، وما شابه ذلك ، تؤيده الفكرة التي تبسط كثيراً المساحة التي يشملها تعبير " الشرق " ، أو " آسيا " ، حتى أنها تضم بعض أجزاء القارة الأفريقية .

ومع ذلك فإن هذه البلاد ليست هي التي أشعر بأنها آسيوية حقة، في مفهوم الرقص والدراما. هذه البقاع تعتنق في مجموعها الدين الإسلامي الذي لايشجع المسرح بوجه عام، ومن ثمّ فلا بد أن نصرف أنظارنا عنها، لإنعدام الرقص والدراما بها إنعداماً واقعياً، وللجو غير " الآسيوي " الذي يسود ما قد نجده بها من هذه الفنون ."

ويضيف كذلك -في معرض حديثه عن الرحلة لذي الثقافة " المسرحية " من أمريكا إلى الهند قوله:" ...... وليس ثمة شيء أقل قدرة على إعداد الإنسان لتفهم الأشكال الدرامية في آسيا مثل الواقعية والطبيعية المتطرفتين اللتين تعكسهما المسرحيات الأوروبية التي تحاكي الحياة البشرية . أما بلاد الشرق الأوسط ، كمصر ، وبلاد العرب ، وعدن ، بل وباكستان ، فإنها تولد في ذهن السائح ذي الثقافة المسرحية تشويشاً عجيباً . ففي هذه الأقطار لانجد إلا القليل النادر من المسرحيات ، ولو أن أهلها قد يتباهون بغير المسرح من الفضائل ، أما الرقص فإن مزاولته تعتبر في هذه الأقطار عاراً وخطيئة ، حتى يكاد يكون منعدماً بها ..." .

ويسقط حظ مسرح اليمن كذلك من كتاب الدكتور علي الراعي " المسرح في الوطن العربي " ومن أعمال نقدية عديدة ولعل أهم كتاب تناول المسرح في اليمن هو كتاب سعيد عولقي " سبعون عام من المسرح في اليمن " ليتضح من خلاله أهم المحطات لنشأة المسرح في اليمن وأهم العقبات التي واجهته .

ولم يأخذ المسرح أي منحى آخر عن مساره بعد الأزمة التي مر بها اليمن في العام 2011م خلا العروض المسرحية في مهرجان صيف صنعاء وخشبة المركز الثقافي التابع لوزارة الثقافة ليستمر التهميش للمسرح بكل أشكاله .

وماتزال مؤسسات ومنظمات محلية وخارجية وسفارات وقنصليات أجنبية تعمل بجهد وتسعى حثيثا من أجل الارتقاء بالمسرح في اليمن من خلال عقد الورش التدريبية في مجال المسرح بكل أشكاله وترعى الندوات التي تناقش الحركة المسرحية في اليمن وآفاقها المستقبلية .

ولعل ذلك أهم ما يمكن ذكره عن المسرح وحركته في اليمن وأما الدراما فلا تنفصل ولاتبعد في تضاريس نشأتها كثيرا عن المسرح فهما مرتبطان إرتباطا وثيقا وربما كان حظها أكثر ضآلة من المسرح لولا وجود التلفزيون الذي حاول ردم الهوة السحيقة التي تفصل الدراما في اليمن عن دراما العالم من حولنا ..

في الأخير يمكن طرح سؤال هام : لماذا يتم تجاهل المسرح والدراما في اليمن ؟ وهل هو غياب الناقد والمسرحي والدرامي أم تغييب السياسيين ؟