الرئيسية - اقتصاد - المستشار الاقتصادي الدولي والخبير المصرفي البيتي يستعرض مفاهيم اقتصادية قديمة وحديثة"

المستشار الاقتصادي الدولي والخبير المصرفي البيتي يستعرض مفاهيم اقتصادية قديمة وحديثة"

الساعة 12:57 صباحاً (هنا عدن - خاص)

مفاهيم اقتصادية"

اﻷخوة اﻷعزاء واﻷخوات الفاضﻻت، السﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته ومساكم الله بكل خير وجمعة مباركة متمنياً لكم أطيب اﻷوقات وأسعدها.



موضوعنا ليوم هذا الجمعة الفضيل هو الثاني من سلسلة "مفاهيم اقتصادية"، ساتطرق إلى إلقاء الضوء على النظم اﻻقتصادية التي كانت سائدة في القرن الماضي وبعضها ﻻيزال يعمل به في زماننا هذا، والتعرف على كيف يتم اتخاذ القرارات في كل نظام لحل المشكلة اﻻقتصادية، وماهي إيجابيات وسلبيات هذه اﻷنظمة، والموضوع هو على النحو التالي:

●إن المهمة الرئيسية ﻷي نظام اقتصادي هي دراسة وتفسير الكيفية التي يمكن أن تحل بها المشكلة اﻻقتصادية على أمل في تحقيق الرفاهية للمجتمع، وبالتالي فإن كل مجتمع من المجتمعات المختلفة منظم حسب "نظام اقتصادي" يختاره لنفسه يمكنه من دراسة اﻵليات التي من خلالها يستطيع أن يستخدم موارده الشحيحة اﻻستخدام اﻷمثل لتلبية حاجات المجتمع المتنوعة والمتزايدة بصفة مستمرة؛ وذلك من خلال اﻹجابة على ثﻻث أسئلة رئيسية، وهي: [أي، أو ماهي السلعة أو الخدمة والكمية التي يجب إنتاجها؟]؛؛ [كيف أو ما المكونات والوسائل التي يتم استخدامها لإنتاج السلعة أو الخدمة؟]؛؛ [لمن يتم إنتاج هذه السلعة أو الخدمة؟] مع اﻷخذ بعين الاعتبار بأن الموارد التي يتم استخدامها تتسم بقلة توفرها وندرتها

■هناك ثﻻث أنظمة اقتصادية للتعامل مع اﻹجابة على هذه اﻷسئلة، وهي:

●نظام اﻻقتصاد الموجه (القائم على التخطيط [The Planned (Command) Economy] وهو النظام الذي تتخذ فيه الحكومة جميع القرارات اﻻقتصادية، حيث تقوم فيه إدارة مركزية مسبقاً بالتخطيط وتحديد الوظائف اﻷساسية المرتبطة بتوزيع الموارد اﻻقتصادية على قطاعات النشاط الاقتصادي، مثل تحديد السلع والخدمات المختلفة والكميات التي يجب إنتاجها، باﻹضافة إلى التركيز على بعض القطاعات الحيوية مثل الصناعات الحربية والمعدات الثقيلة والصناعات التي يتم تصديرها. بعد اﻻنتهاء من إعداد خطط وبرامج اﻹنتاج يتم تسليمها إلى الوحدات المختلفة التي تقوم بتنفيذ عمليات اﻹنتاج وفقاً لما تم التخطيط له وباستخدام الموارد التي تم تخصيصها ﻹنتاج السلع والخدمات. و في هذا النظام يتم توزيع الدخل القومي مركزياً حيث تقوم اﻹدارات المعنية بتحديد مستويات اﻷجور والرواتب وبحيث أﻻ يكون هناك ربح أو ريع أو إيرادات لغير الدولة. إن نظام اﻻقتصاد الموجه كانت تطبقه وحتى مطلع التسعينيات من القرن الماضي الدول التي كان يطلق عليها سياسياً الدول "الشيوعية" مثل اﻻتحاد السوفيتي، الصين، أوروبا الشرقية، كوبا، وغيرها من حلفاء دول الكتلة الشيوعية كجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ..
ويرى اﻻقتصاديون بأن هناك مآخذ ﻻيستهان بها في نظام اﻻقتصاد الموجه، منها: غياب جملة الحوافز، انعدام الطموح بالذات، فقدان روح اﻹبداع، وعدم قدرة اﻷفراد لﻻرتقاء بحياتهم المعيشية

● نظام "اقتصاد السوق" [Market Economy]، و في بعض أدبيات علم اﻻقتصاد يطلق عليه اﻻقتصاد الحر [Free Economy]؛ وسنوضح الفرق بينهما. حيث في اقتصاد السوق تتم اﻹجابة على اﻷسئلة الرئيسية السابقة [أي أو ماهي السلع والخدمات؟؛ وكيف تستخدم الموارد لﻹنتاج؟؛ ولمن يتم اﻹنتاج؟] لحل معظم المشاكل اﻻقتصادية عن طريق القرارات التي تتخذها الشركات واﻷفراد حول إنتاج السلع والخدمات واستهلاكها ونظام اﻷسعار واﻷسواق واﻷرباح والخسائر والحوافز والمكافآت. إذاً في نظام "اقتصاد السوق" الحكومة لها دور محدود وعلى وجه التحديد في القضايا التي تتعلق بالاقتصاد الكلي. والسبب يعود لﻷسس الرئيسية التي يتبناها هذا النظام ومنها: الملكية الخاصة للمشاريع اﻻقتصادية؛ حرية إقامة المشاريع في ظل القوانين المعمول بها؛ المنافسة الكاملة باعتبارها وسيلة لﻹبداع؛ النظر إلى السوق كألية تعمل على تحديد أسعار السلع والخدمات. وبالتالي فإن أكثر الحالات تطرفاً في اقتصاد السوق ولايكون للحكومة أي دور في القرارات اﻻقتصادية يطلق عليها "الاقتصاد الحر" وهذا المفهوم يستخدم نظرياً ﻷنه لايحدث في الواقع.

على أية حال، في الوقت الراهن معظم دول العالم لاسيما الولايات المتحدة، كندا، دول أوروبا الغربية، اليابان، أستراليا ونيوزيلندا وغيرها دول كثيرة تتبنى تطبيق نظام "اقتصاد السوق" وبالطبع بدرجات مختلفة من التدخل الحكومي.
ويرى اﻻقتصاديون بأن هناك مآخذ ﻻيستهان بها في الدول التي تتبنى نظام "اقتصاد السوق"، منها:

مع مرور الوقت اشتدت المنافسة بين الشركات لدرجة أنه ومنذ منتصف الثمانيات من القرن الماضي ازداد اندماج (تكتل) الشركات في شركة واحدة واستحواذ (امتلاك) الشركات الكبرى للصغرى، وبالطبع إن اﻻنتشار والتوسع نحو هذا التوجه يؤدي إلى احتكار القلة والذي يتعارض جملة وتفصيلا مع مبائ نظام اقتصاد السوق؛
أن مابين [10 - 5]% من المجتمع يسيطرون على [90 - 80]% من ثروات اقتصاد المجتمع، وينجم عن ذلك أن الغني يزداد ثراء والفقير يزداد بؤساً، لذلك في ظل نظام اقتصاد السوق نجد أن هذه الدول يزداد عدد الذين يعيشون مشردين وبلا مأوى [The Homeless]. وبالتالي فإن نظام اقتصاد السوق لم يحقق أحد أهم الأهداف الرئيسية من النظام الاقتصادي وهو "تحقيق الرفاهية" للمجتمع.

●نظام الاقتصاد المختلط [Mixed Economy]: للحد من سلبيات كل من نظام "الاقتصاد الموجه" ونظام "اقتصاد السوق" بدأت كثير من الدول تفكر بصياغة نظام اقتصادي أطلق عليه نظام "اﻻقتصاد المختلط" بحيث يجمع مابين اﻹيجابيات في نظام "اﻻقتصاد الموجه" و نظام "اقتصاد السوق". بمعنى أن يكون للحكومة دور وأيضاً لقطاع اﻷعمال دورا. بحيث أن نظام "الاقتصاد المختلط" يراعي الحرية الاقتصادية لكنه يأخذ بالحسبان الحاجات الضرورية لﻹنسان من خلال تبني سياسات اجتماعية هامة لاسيما فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم. واﻷن معظم دول العالم تتبنى تطبيق نظام "الاقتصاد المختلط"

على أية حال، ليس هناك أي دولة في العالم بإمكانها اﻹدعاء بأنها ملتزمة جداً بتبني تطبيق أي من هذه اﻷنظمة الثلاثة، على سبيل المثال: الولايات المتحدة التي تعتبر رائدة في تبني "اقتصاد السوق" إنها تمتلك المشاريع الحيوية مثل وكالة ناسا الفضائية، ومصانع اﻷسلحة والطائرات الحربية؛ و في دولة الصين والتي كانت رائدة في تبني نظام "اﻻقتصاد الموجه" تسمح للقطاع الخاص بامتلاك بعض المصانع مثل السيارات واﻷجهزة المنزلية وغيرها. وبعض الدول التي تتبني نظام الاقتصاد المختلط تطبق نظام المصارف الإسلامية.

وبعون الله يوم الجمعة الفضيل القادم ساتطرق كالمعتاد بأسلوب بسيط وسهل إلى الكيفية التي تعالج بها هذه المشاكل اﻻقتصادية، وهي عن طريق ثلاث مداخل في علم اﻻقتصاد [اقتصاد السوق]، وهي اﻻقتصاد الجزئي واﻻقتصاد الكلي واﻻقتصاد القياسي.

والله من وراء القصد.

جمعة مباركة وﻻتنسونا من صالح دعائكم.

د.علي محمد البيتي
المستشار الاقتصادي الدولي
والخبير المصرفي المعروف..