عندما يكونُ الرِجَالُ فيفتي فيفتي:

2025/05/11 الساعة 05:31 صباحاً


في خورمكسرَ الأبيةِ بمحافظةِ عدنَ البهيةِ، على ضوءِ أعمدةِ إنارةِ الشارعِ المضاءَةِ بألواحِ طاقةٍ تبرعت بها شركةٌ تجاريةٌ، جلستِ الأسرةُ تتسامرُ في صالةِ شقتِهِم بالدورِ الثاني.. الأبُ والأمُ وفتى وبنتان. وفي ساحةِ العروضِ القريبةِ من العمارةِ، وعلى هديرِ محركٍ خاص، تجمَّعَ عشراتُ السكانِ لمتابعةِ القمةِ الكرويةِ "الملكي وبرشلونة". وفي خضمِ الحديثِ بين الأسرةِ عن الوطنِ وما حاقَ به من العبثِ وضياعِ السيادةِ على يدِ من ظنَّهُم الناسُ مُنقِذين فإذا بهم مُنقَادِين. قال الأبُ: واللهِ شوفوا كل هذا هو من صُنْعِنَا نحن. لا تقولوا لي مَقْوَلَة وطُرَيق. من ماسك عدن اليوم؟. ومن قادتها وأمنها؟. هااااه جنوبيين زينا ولا مِن موزمبيق؟. قالت أصالةُ: ياأبَه صح كلامك لكن أيش تشتيهم يسووا. ولا شي بيدهم. شربهم وأكلهم وبترولهم ومصروفهم وسلاحهم من هناك. يعني طلعتهم ونزلتهم تابعة لذولاك.. ولا تنساش بند ال7أب. - ههههه واللهِ إنك شاطرة أيش من كُلية تدرسي يا بنتي شوفينا قد نسيت. - آااوو يابَه كيف نسيت. أنِي سنة ثانية حقوووق - وأكيد تعرفي تقولي قوووق. وضحك الجميعُ. وقال الأبُ: على ذِكْرِ التحالف اللي مدري نحن جبناه، ولا هو كَشَح نفسَه بالغصب، وقد كل شي له مرتب. تدروا أنه من زمان وبلادنا تدفع الثمن مُدَبَّلا من بعد هذي الوصاية والحماية. - قصدك تقول البند السابع قده على رقابنا من زمان. - أيوه يا ابني، شُفْ لما اعتنق الملك الحميري ذونواس اليهودية، حَرَّقَ نصارى نجران في أُخدود، وذا هَلُه في القرآن "والسماءِ ذاتِ البروج". - نجران مش سعودية؟!. - كانت في ذاك الوقت حقنا يمنية قُح.. بعدين نحن هبيناها لهم حق مخوة ونخوة. - هبيناها لهم هاااااه.. طيب وبعدين.. كمل يا مرجعية الحافة. هكذا قالت زوجتُه بلكاعةٍ. نظرَ نحوها وقالَ تمام يا أفندم. - المهم.. واحد من نجران هرب إلى بيزنطة، وطلب منهم الحماية والانتقام من اليهودي ذو نواس. قام قيصر وأرسل رسالة لملك الحبشة. قال له اليوم عليك يابو الرجال تحرك. وما صَدَّق أبو عينها، من ساعته قفز وجهز الجيش ورسلهم لنا بقيادة واحد اسمه أرياط.. وتقابلوا في عدن ووقع يوم أغبر.. طح وانبطح.. وهب له يهب لك. لكن جنودنا ما كانوش مخلصين للقضية.. كانت الوطنية عندهم زيرو. قاموا فركوا بُه، قالوا له دَبِرْ نفسك مالناش دخل في بَكْ. وفاز الحبابشة على جيش التبابعة. - طيب يا أبَه، ليش عدن هي دائما اللي يقع في بِه قَح بُمْ. - مدري يا بنتي!! يعجبهم يطنوا الريدي عندنا، ويخلوها مدقدقة مرعبلة. - أووه قلبي عليك واعدن.. بتنهيدة قالتها أمُ العيالِ.. هات يا حاج أصيل هات. - المهم ما مع ذونواس المهزوم اللي فرك به أصحابُه الا دخل بفرسه البحر.وغَرَّقَ نفسَه. - رَجَّال أسد، الموت ولا البهدلة. قالت الصغرى بصوتٍ حادٍ. - اسكتي لِك لو هو رَجَّال صح كان بايَسُد مع أصحابه ويرتب أموره زي الناس بدل القنفزات الفاضية وذِبَّاح المساكين. المهم.. باقي جيشنا راح وانضم لجيش الحبشة. - أاااه كيف دا.. مش هم جيش وطني حقنا؟!. كيف ينضموا لدولة ثانية تتحكم فيهم وفينا؟. ومش هو جاء يساعدنا! مدري يحررنا، وبعدين يُرَوِح له. - يا حُرمَة اصبري وباتسمعي الخُبَّارة كيف. - تمام واصل هدرتك وأني باصلح شاهي وقدنا اسمعك. قال: أصلا!! الأحباش عجبهم الجو حقنا، فقرروا يجلسوا هنا. ويحققوا لقيصر أطماعه فينا. وجلسنا مراعين متى با نستلم السيادة والحُكم. ومت ياخيل. لا طُرِي ولا بُورِي. جِبنَاهم للاستقلال شلوا الحريوَة مع الجَمَّال. - الله يشلهم قليلين الخير.. قالت أصالةُ. - المهم يا عيالي حكموا نَحْنَ نصف قرن، تعبثوا بنا وزيدوا الجعث فوقنا وبيد العسكر حقنا. ولما زاد البلاء في بَنا قرر أصحابنا الخلاص من الحبشة وبأي ثمن، قام المناضل سيف بن ذي يزن يشحت التدخل الأجنبي. - أييهييي يااااه! يعني نطرد أجنبي جبناه بأجنبي جديد بانروح نجيبه علشاااان يطرد الأجنبي القديم اللي نحن من أول جبنااااه. أيش ذا العك والهبالة. - هو ذا الحاصل يا بنتي. هي كذا عقول أصحابنا من زمان. المهم راح عند ملك الفرس، وعند الله وعندك تجي تحررنا من الأحبوش. ووقع حباب دقون لما وافق، بعد ما طمعه ذو يزن فينا، بأن جبالنا فضة ورمالنا ذهب. والمصيبة أن كسرى ما أرسل معه جيش نظامي. لا.. دهف له 800 سجين فارسي محكوم عليهم إعدام، وعين قائد فارسي عليهم اسمه وهزر. وفاز ابن ذي يزن بمرتزقة من سجون فارس. - يعني زي اصحاب بلاك ووتر ومدري اسمهم الثانيين اللي نسمع بهم ذلحين. - أَيوَه يا ابني! واهجع لك من تحليل الدويري! أنا افدى قلبك، والسجن حمى على قولة العنبري. المهم. لما بسط الفرس نفوذهم، قالوا وكيف ذلحين ذه بلاد ماحد يخليها فيها جُزُر غنية وثروات عديدة وخيرات من أرض وبحر، ومواقع مهمة للتجارة والحروب، بانصلح فيها قواعد عسكرية بحرا وبرا. فقرروا يستلم الحكم مناضلنا، بس وهزر الفارسي بايكون المندوب السامي. يعني الحكم رسميا لنا وفعليا لهم.. يعني زي  كل مرة طلعنا نُفَاخَة على الفاضي. وبعد ما مات مناضلنا الثوري الرئيس الصوري، حكمنا وهزر وابنه المرزبان وأحفاده، وآخرهم باذان اللي أسلم في السنة 6 للهجرة، وبعدها دخلنا مع الأمة العربية. وخلصت القصة. - لا ما خلصتش عاد نحنَ في بِه إلى اليوم. ملطشة لمن هب ودب.. حَبَش وفرس وانجليز وبرتغال وتُرك.. وختمتوها لنا بذولا الجدد. - يا حَجَّة عاد الأولين كانوا أصحاب تاريخ وحضارة قرون وقرون.. بس اللي ذلحين حيا الله، من مية سنة وتحت. - وكيف ذا يقع!. مش تقولوا نحن أصل العرب. طلعتوا خُرطِي مُرطِي. - وبحدةٍ قالَ الأبُ: لا.. لا تغلطي يا حجة، نحن الأصل، وهم من سلالتنا، جيناتهم جيناتنا. - هيا أُص ولا نخس.. عادك تتنفخ!. قُمْ جيب القلاصات واسكب الشاي. لو أنت أصيل هشتي بشتي.. أنِي أم أصالة.. أصل وفصل.. مش فيفتي فيفتي. ودوى تصفيقُ الشعبِ وهتافُهم في الصالةِ.. وطغى عليه صفيرُ الجماهيرِ وزعيقُهم في الساحةِ. هدف برشلونة.. صفر ريال مدريد. 
أبو الحسنين محسن معيض.