أكد الصحفي والخبير الاقتصادي رشيد الحداد أن استمرار انهيار سعر صرف العملة في محافظة عدن نتيجة طبيعية لعدد من العوامل أبرزها غياب الدولة وحضور الفصائل الموالية للتحالف السعودي الإماراتي وتسيدها نحو 70% من الإيرادات العامة للبلاد في المحافظات الجنوبية ومأرب وتعز ".
وأشار إلى أن هناك أكثر من مشكلة اقتصادية تتجة إلى التعقيد منذ أشهر وتهدد بانزلاق معظم سكان المحافظات الجنوبية إلى المجاعة ، في ظل تراجع مصادر الدخل وارتفاع سعر الدولار إلى أكثر من 2200ريال ، مقابل صرف مرتبات لا تتجاوز 50 دولاراً لمعظم الموظفين مقابل استمرار استنزاف المال العام وصرف مرتبات لكبار موظفي تلك الحكومة بالدولار.
ولفت الحداد إلى أن السياسة المالية في عدن قائمة على البحث عن هبات ومساعدات أو رفع خطط للولايات المتحدة الأمريكية والدول المعادية لليمن تهدف من خلالها إلى الاستحواذ على ما أمكن من إيرادات صنعاء ، واتهام الأخيرة بممارسة حرب اقتصادية ضد الأطراف الأخرى في محاولة منها الهروب من الفشل في إدارة الملف الاقتصادي والتهرب من احتواء تداعيات الفساد المالي على المواطنين .
وأوضح الحداد أن آلية المزادات العلنية لبيع الدولار التي يعتمدها البنك عبر منصة "ريفينيت" الأمريكية فشلت في الحفاظ على سعر صرف العملة المحلية امام الدولار في الجنوب وعوضاً عن وقفها المضاربه بالعملة في الأسواق صار البنك منذ الإعلان العمل بها يقود المضاربة بالعملة وأشار إلى أن منصة ريفينيت تدار من قبل الوكالة الأمريكية و تخضع لرقابة وزارة الخزانة الأمريكية وان الهدف من الاستمرار في العمل بها ليس الشفافية كما يدعي بنك عدن بل الفساد ومنح الوكالة الأمريكية للتنمية هامش واسع لرصد حركة الواردات والتجار والشركات والبنوك التي تتعامل مع بنك عدن ".
وقال الحداد ،ان هذه الآلية اقترن العمل بها بالفساد والمضاربة بالعملة واصبحت أداة أمريكية لضرب الاقتصاديات والتحكم بمسارها مشيرا إلى أن بيع الدولار في المواز العلني ثبت فشلها في عديد من الدول وأقترن فرضها بالوصاية الأمريكية ، كما حدث في العراق في أعقاب الغزو الأمريكي تم فرض التعامل بالمزادات العلنية لبيع الدولار على البنوك والشركات وفقا للأسعار المعتمدة من قبل البنك المركزي العراقي وبإشراف امريكي ، وكانت مدخلاً الفساد والفشل في احتواء تدهور سعر صرف العملة ، رغم أن مزادات البنك العراقي كانت تصل يومياً خلال السنوات الماضية ٢٠٠ مليون دولار ،ومع ذلك فشلت في وقف المضاربات وتحولت إلى مدخل من مداخل الفساد والتلاعب بأسعار صرف العملة واعلنت التوقف عنها والعودة إلى سياسات التعويم المدار للعملة .
وتسائل الحداد اذا كان الهدف الاساسي من آلية بيع العملات الأجنبية بالمزاد العلني هو وقف المضاربة بالعملة والحفاظ على قيمتها الشرائية لم يتحقق وكانت النتائج عكسية ،ما دافع بنك عدن في الاستمرار بالعمل بهذه الآلية .
مشيراً إلى أن هناك سياسات نقدية أخرى لن يكون لها تداعيات سلبية مباشرة على سعر صرف العملة ، كتمويل التجارة الخارجية عبر البنوك التجارية يضاف إلى اتخاذ سياسات نقدية تواكب تطورات السوق ، وفرض رقابة على الأسواق واتخاذ إجراءات تحول دون ارتفاع فاتورة الاستيراد كوضع سياسة خاصة بالاستيراد من الأسواق الخارجية ووضع قائمة بالاولويات ومنع استيراد سلع ومنتجات يتواجد لها بدائل محلية ، ومنع تهريب الأموال ووقف صرف المرتبات بالدولار لكبار موظفي تلك الحكومة ، والقيام باستعادة الإيرادات المنهوبة من قبل قيادات وفصائل عسكرية ، وطلب دول التحالف السعودي الإماراتي بانهاء عسكرة الموانئ والمطارات في المحافظات الجنوبية والشرقية ، وترشيد الإنفاق في الكهرباء في مدينة عدن من خلال وقف الفساد الذي تفشى في هذا القطاع ، وكذلك ربط مبيعات نفط وغاز صافر بالبنك ، والتوجة نحو فتح قنوات تواصل مع صنعاء للتفاوض حول إعادة إنتاج وتصدير النفط والغاز المسال لما لذلك من أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي سيما وأن مبيعات الخام اليمني في حال استئناف تصديره وفقاً لاتفاق مع صنعاء برعاية الأمم المتحدة ستفضي إلى في استعادة البلد لكتلة نقدية من العملات الصعبة وفي مقابل تحسن مصادر دخل البلد من العملات الأجنبية كايرادات نفطية ، سيتحسن وضع موظفي الدولة سيما وأن الاتفاق على إعادة تصدير مرتبط بالموافقة على طلب صنعاء بصرف مرتبات الموظفين من أيرادات النفط .
ولفت الحداد إلى أن الحلول الذي تنتظرها حكومة بن مبارك من الخارج لن توقف انهيار سعر صرف العملة المطبوعة في مدينة عدن كونها غير مستدامة .