كنت في ساحة الحرية بتعز حين هاتفني صديقي إبن مديرية القفر من ساحة التغيير بصنعاء يسألني مالجديد في تعز..لم يكن صديقي ليفاجئني عما يجري خلف جدار الجريمة في ساحة التغيير حتى يتطمن على ساحته الأولى تعز..
لم نكد نفرغ من صلاة الجمعة وخطبتها وحشودها الثورية في ساحة تعز حتى صعقنا بخبر مايعتمل من جرمٍ في ساحة الثورة بالعاصمة..
ذلك اليوم الذي كتب تاريخه بالدم وأظلمت سماؤه بدخان الكفرات وسجي نهاره بالديزل الحارق المصبوب على الجدار،إغتسل فيه شباب الثورة وتطيبوا ذاهبين إلى مسجد الحرية ومحراب الكرامة وساحة الشموخ،لم يكن يخطر بالهم أن غربان تنتظرهم لخطف أرواحهم ووحوش تترقب خطوهم لكسر عزائمهم قبل كسر أضلعهم..
ماحدث هو إشتباكات بين المعتصمين وسكان الحي..ذاك هو خطاب سيد الغربان صالح وبجانبه وزير دفاعه محمد ناصر أحمد وقائد الفرقه علي محسن مساء ذلك الجرم مبرراً وحشية جلاوزته بحق الشباب الأطهار،ووحده ذلك التصريح كافياً لتقديم صالح للمحاكمة..
المكان ساحة التغيير والزمان ظهيرة يومٍ من أيام الله أراد فيها الشباب الكرامة لوطن زئير وأرادها صالح يوم من أيام الدم وأرادها الله يوماً للكرامة كرمت فيه أرواح عشرات الشباب الأخيار وانطفئت فيه عيون لطالما كانت ترى النور بادياً من نصب تذكار الإيمان يمان والحكمة يمان،منظر ذلك القناص وهو يصوب سلاحه لصدور الشباب وهم يهرولون نحوه كان مفزعاً لم يتهيبوا الرصاص وهي تنسكب نحوهم فاخترقوا الجدار ومعه النيران الملتهبه فوضعوا من أجسادهم سلالم للصعود إلى حيث القناصة أعلى سطح منزل محافظ المحويت آنذاك محمد علي محسن الأحول.
شاءت الأقدار أن أكون في العاصمة بعد شهرين من الجريمة ذهبت لأرى ذلك المنزل فوجدته من ثلاثة طوابق وأبوابه وطيقانه منزوعة بفعل غضب الشباب ،ولكم إستغربت من عزيمة شباب الثوره وهم يصنعون أجسادهم سلمٌ للصعود وكيف تأتى لهم ذلك والقناصة منتشرون حوالي مكان الجريمة.
أربعة أيام فقط وأعلن فيها الجنرال محسن إنضمامه السلمي لثورة الشباب فانفرط فيها عقد صالح واهترأ رجال حكمه من حوله كعقد المسبحة أصيب معها صالح بالصدمة ولم يفق منها إلى الآن..فأصاب إعلام صالح الجنون ليس مساً من الشيطان بل مسماراً في نعش صالح إنفلت مخوناً محسن ومحملاً إياه مجزرة الكرامة..
والحقيقة التي مازالت مغيبه بعد أربع سنين من المجزرة أفصحت عن جزء منها منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها التفصيلي عن الجريمة التي حملت صالح ونجله وابني أخيه يحيى وطارق المسؤلية عن حياة الشباب القتلى وحملت نجل محافظ المحويت المسؤلية المباشرة عن أعمال القتل التي استهدفت الشباب،والغرابة أن يتم تعيبن نجل محافظ المحويت بعدها مديراً لأمن محافظة عدن لعدة أشهر قبل تغيبره،ولا يحتاج المرء كثير ذكاء ليعرف المسؤول المباشر عن تلك الجريمة من القرار الذي إتخذه صالح باقالة النائب العام عبدالله العلفي بعد إستدعائه مقربين من صالح للتحقيق،ويظل مسؤلية الإفصاح عن المتهمين في عاتق العلفي المقال والذي مافتئ ليبرئ ذمته ويخرج مابجعبته إحتراماً لواجبه المهني والقانوني..
جريمة اهتز لها العالم لم يهتز لها قلب صالح ومازالت ملفاتها حبيسة أدراج النائب العام المعين من صالح.
يتذكر شباب الثورة ذلك اليوم المشؤوم وتسترجع أسر الشهداء يوميات أبنائها وتقلب صور الشهداء ليرو قاتليهم طلقاء محميين برفقة زملائهم في الثورة ،محروسين ببنادق الحوثي يتمخترون متباهين بافلاتهم من العقاب ،لا وبل متحصنون ومحميون برفقاء خيام الثورة..
ليس هناك من بد بالقول أن عشرات الشباب وهم يقدمون أرواحهم لكرامة الوطن ومثليهم جرحى لم يكونوا يعلمون أن كرامتهم وكرامتنا ديست ببيادق صالح وبنادق الحوثي،لكن ثورة أنجبت مثل ذلكم الشباب الأطهار لهي قادرة مرة أخرى على زرع الكرامة في نفوس شبابها وتعهدها بالسقي حتى تنبت حرية وشموخ..
للكرامة وطن هو أحد أيام مارس الثورة وللثورة رجال هم شباب مثلما إستطاعوا إبهار العالم بثورتهم هم قادرين مرة أخرى على إبهارنا والأخذ بيد القتله للاقتصاص من زملاء الكرامة،وللوطن كرامة هم أولئك الشباب اللذين مابرحوا يتأهبون ليوم كرامة آخر ونحسبه قريباً وبوادر بذره نراه يلوح قريباً من أحلامنا..