لم يكن للشعب اليمني أي دور في جلب هذه الأسراب من الطائرات وما كان لليمنيين ان يخضعوا لأقوى قوة على وجه الأرض لولا الحماقات والغرور..
لقد عمل المصلحون والعقلاء في هذا البلد كل ما في وسعهم لتجنيب اليمن ويلات الحرب والدمار وخرجوا بوثيقة مخرجات الحوار الوطني التي شارك في تفاصيلها وصناعتها كل أبناء الوطن وعبروا عن إرادتهم بكل حرية ونزاهة, واستبشر الشعب بهذا الإنجاز الذي أعطى مختلف الفئات حقها كنتيجة طبيعية لتضحيات شباب الثورة الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل يمن حر ومستقر ..
ولست هنا بصدد سرد تفاصيل مرحلة ما بعد مؤتمر الحوار الوطني تلك المرحلة التي عمل المرجفون والطغاة والمتربصون باليمن كل ما في وسعهم في إغراق اليمن في فتن مظلمة وتفننوا في تعطيل مصالح الناس فقطعوا الكهرباء وفجروا آبار النفط وعملوا بكل نذالة وعهر على إفشال الحكومة وتآمروا مع الخارج وسلطوا شياطينهم للقيام بأعمال التقطع والنهب والسلب..
كان العقلاء ورموز الثورة يتحملون كل الضربات الموجعة من أجل الوطن ويحاولون بكل وسيلة أن يوفروا مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير فخرجت الأبواق المأجورة شاهرة ألسنتها وأخذت تلعن كل شيء وتهدم كل شيء وتنكر كل إنجاز وتشوه كل جميل وتعمل على تأجيج الشارع بكل الوسائل مستغلين هذه المساحة التي ليست هبة من أحد ولكنها كانت مكسبا من مكاسب الثورة ..
كانت بعض قوى الثورة تتربص ببعضها فاتخذت تنافق في مواقفها وتلعب على أوتار الماضي فاستغلت الثورة المضادة هذه الفرصة واستقطبتها وحولت جزءا منها إلى ادوات لضرب المشروع الثوري ...
في هذه الأثناء استغل الحوثيون الوضع الاستثنائي وعملوا على زعزعة الأمن والاستقرار وانقلبوا على كل الاتفاقات وارتكبوا أكبر حماقة في تاريخ اليمن مستغلين ضعف السلطان وهشاشة الأحزاب السياسية وانقضوا على كل مقدرات الشعب تحت مسميات وحجج واهية لم تصمد دقائق أمام ما كشفته الأيام التالية..
كان النظام السابق الذي يتحين الفرصة للانتقام يراقب الوضع ويعمل بكل إخلاص على تحقيق عودته مرة أخرى لسدة الحكم فوجد في الحوثيين مواصفات تؤهلهم للقيام بالمهمة, في حين رحب الحوثيون بالشراكة على نية" شركاء في النجاح شركاء في الأرباح.."
التقى الفريقان واتفقا على تنفيذ أبشع جريمة بحق الوطن وانتهكا كل القيم والأعراف والتقاليد ومارسا عملية اغتصاب بحق اليمن كانت حصيلتها انهيار المؤسسة العسكرية والأمنية وانهيار كامل للدولة والدولة هنا مجازا ليس إلا...
كانت إيران التواقة لتوسيع نفوذها على مقربة من المشهد فوجدت الفرصة مواتية فألقت بكل ثقلها وعملت على تقوية ابنها المدلل الذي أبدى استعداده لأن يكون أداة بيدها لابتزاز الخصوم وأعني بهم هنا المملكة العربية السعودية ..
ولن نتحدث عن دور دول الجوار في تشكيل هذه المرحلة كون القارئ والمشاهد يتابع حالة الجنون في محاربة الربيع العربي ولكني سأنتقل إلى فصول العاصفة ..
عاصفة الحزم كانت نتيجة للتهور والغرور والتحدي الذي مارسه الحوثيون الذين يتحملون كامل المسئولية مع حليفهم علي عبدالله صاح في انتهاك سيادة الوطن.. لا سيما و للشعب اليمني لم يكن له أي دور في طلب العاصفة أو استدعائها حيث كانت إنتاجا خالصا للشريكين الحوثعفاشي..
اليوم تتصاعد ألسنة اللهب وتدك المعسكرات وتضرب المطارات وتتعرض ممتلكات الشعب للتدمير بطريقة مؤلمة لكن الشعب يبدو غير مكترث لذلك لأنه يعتقد أن هذه الممتلكات لم تعد تحت إمرته أو مسخرة لحمايته.. فلقد أصبحت أسلحة شخصية بيد الحليفين صالح والحوثي يوجهونها نحو خصومهم ويذلون بها المواطن.
وهنا ينبغي التنبه إلى أن الشعب اليمني لم يحرك ساكنا لا لأنه يعشق الذل ويستمتع بالخيانة والعمالة ولكنه لم يعد يثق في هذه الترسانة فمازال يتذكر كيف خذلته هذه الآلة العسكرية وكيف باعه هذا الجيش والأمن المستعد للتخلي عن كل شيء إلا عن حماية السيد والزعيم فقط ..
مازال الشعب اليمني يتذكر كيف كان الحوثيون ينهشون جسد القشيبي الذي صمد شهورا في الدفاع عن الوطن وهذه الجيوش تلتقط حبات التمر من يد الحاكم العسكري( أبو علي الحاكم )..
لم تكن هذه الجيوش وهذه المعسكرات في نظر الشعب إلا رموزا لخيانة الوطن ومراكز بيع الضمائر, فلقد خانوا الأمانة والقسم وأصبحوا في ليلة وضحاها مليشيات تضع على أكتافها أوسمة العار ونياشين الذل..
والآن ينتظر الشعب اليمني منكم أن تتحملوا مسئولياتكم في تخليصه من هذا الوضع الذي يشتد وطأة باشتداد الحزم ينتظركم هنا وهو لا يدري إلى أين ستقذف به عاصفتكم