عادل الشجاع
في المشهد السياسي اليمني، لطالما كانت “عقدة الهضبة” موضوعًا شائكًا يُستحضر في النقاشات الشعبية والنخبوية، كمؤشر على تهميش مناطقي مزمن أو هيمنة فئوية مهيكلة، هذه العقدة لا تتعلق فقط بمن يحكم، بل بكيفية انعكاس ذلك الحكم على مستوى التنمية والخدمات في مناطق الانتماء الجغرافي لصناع القرار، وهنا تبرز تعز وعدن كحالتين صارختين لتناقض السلطة مع الواقع..
تعز: تمثيل سياسي واسع وظمأ مستمر
تعز، المدينة التي كانت دومًا حاضنة للتنوير والثقافة السياسية، تعيش اليوم واقعا إنسانيا وتنمويا مزريا، المفارقة أن قيادات الدولة الرئيسية تنتمي إلى هذه المحافظة: رئيس مجلس القيادة، رئيس مجلس النواب، محافظ المحافظة، قائد المحور العسكري، وعدد من المسؤولين في الأجهزة الأمنية، جميعهم من أبناء تعز، ومع ذلك، تبدو المدينة وكأنها تُعاقَب بدل أن تُكافَأ..
ما تزال تعز تعاني من شح المياه، وغياب مشاريع البنية التحتية، وانهيار القطاع الصحي والتعليمي، والإهمال ينهشها، بل إن العديد من أبنائها يشعرون بأن تمثيلهم السياسي مجرد “واجهة” لا تُترجم إلى مشاريع ملموسة على الأرض.
عدن: مدينة تحت السيطرة… ولكن بلا تنمية
في الطرف الجنوبي، نجد عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، والتي يفترض أنها مركز القرار السياسي والاقتصادي منذ 2015. ومع أن المجلس الانتقالي الجنوبي بسط سيطرته العسكرية والإدارية عليها منذ عا2018، فإن التنمية فيها لا تزال غائبة والخدمات الأساسية كالكهرباء، المياه، الصرف الصحي، والنظافة تشهد تدهورًا غير مسبوق، فضلاً عن البطالة والغلاء المعيشي المتصاعد..
خاتمة: من يملك القرار لا يملك بالضرورة الإرادة
الواقع اليمني أثبت أن الانتماء المناطقي لصانع القرار لا يضمن العدالة لمناطقهم، فـ”عقدة الهضبة” ليست دائمًا فيمن يحكم، بل كيف يحكم، فلا الشمال نفع تعز، ولا الجنوب أنصف عدن، ما يحتاجه اليمن ليس فقط تمثيلًا جغرافيًا عادلًا، بل منظومة حكم تضع خدمة الناس فوق مشاريع النفوذ، وتعيد الاعتبار للمسؤولية بوصفها تكليفًا ومسؤولية وطنية..