أعجبُ من شعبي الجنوبي لم ترَ عيني!. بدأ الحكمُ في الجنوبِ دمويا تعسفيا متحررا من قيودِ الشَرع والعُرفِ.. ففرت أقوامٌ نحو الشمالِ ونجرانَ والخليجِ خوفا من التنكيل أو من الفقر وقلةِ اليدِ، تاركين وراءَهم أهلا وديارا ووطنا. وظل مَنْ بقي يهتفون "يا سلام ثوري" وهم يقفون طوابيرَ لينالوا قُرصا من الروتي ورطلا من أرز فيتنامي. وآخرُ ملاحمِ الرفاقِ كان يناير86 حين تناهشَ فيما بينهم قطيعُ الضباعِ والذئابِ فسقطوا صرعى الهوى والغباءِ. ونتيجةً لما رآه الناسُ من السحلِ لهامات الجنوب اجتماعيا ودينيا وعلميا وسياسيا وتجاريا، وشظفِ العيشِ، وقهرِ طوابيرِ الجمعياتِ، وشرِ المجمعات، وعزلِ عدنَ عن العالمِ وغيره.. فقد حَنَّ كثيرون لعهد فكتوريا، حين كانت عدنُ قوةً تجاريةً واقتصاديةً، مركزا للتجمعِ العالمي ودرةَ الشرقِ الأوسط، وقبلةَ التاجرِ والمستثمرِ. وبعد الوحدةِ حكمَ صالحٌ وبسطَ على الجنوبِ فوزعَهُ بين أسرته ومناصريه وشيوخِ مناطقِه، وزادَ من شَقِّ تلاحمِ الشعبِين، وبعث فينا تقاليدَ قد وأدناها كالثأرِ والتقطع وتفلتِ الأمن وعدم تنفيذ النظامِ وتطبيق القانونِ وغيره... فتغنى أُناسٌ بالحزبِ وأيامه، وقالوا كنا وكنا.!. نسوا قتلى النظام وشظف العيش وقهر الغربة. ثم جاءت ثورةٌ فأخرجتِ الزعيمَ من عرينه وحفظتْ حياتَهُ. فتحالفَ مع عدو خاضَ ضده 6 حروبٍ، فأزهقَ روحَهُ وثلجَ بدنَه. وكان في الثورةِ وما بعدها فرصةٌ لينالَ الجنوبيون حقَهُم من العدلِ والسيادةِ، فإذا بهم يطنبون في مدحِ (صالح) بأرقى عبارات التكريمِ، ويصفون حكمِهِ بأروعِ معلقاتِ التعظيم. ثم وضع الحوثي يدَه على الأرضِِ وطرد الحكومةَ ودك الدولةَ، وقتلَ من قاوموا غزوَه.. وضمَّ إليه جمعا جنوبيا من هنا وهناك. واليوم يمتدح جنوبيون هؤلاء التوابعَ، ويرحبون بهم ويتضامنون معهم كأبطالٍ وقادةٍ. نسوا ما قاموا به من دعمِ المحتلِ وقتلِ الثوارِ وقنصِ المقاومةِ. فأيُّ بشرٍ أولئك؟. وأيُّ شعبٍ هذا؟!. صدقَ فيهم قولُ الثلايا وفعلُ عوض الحامد.
أبو الحسنين محسن معيض