حاورها : شكري حسين
كثيرة هي المواهب اليمنية التي أكدت علو كعبها وكتبت بأحرف من نور “سطور” ألقها في مختلف الميادين والمنافسات، خاصة تلك التي توفرت لها ظروف العيش والنشأة خارج الوطن، وحصولها على الأرضية المناسبة والمتمثلة في أماكن التدريب والإعداد العلمي المبرمج وكفاءة المدربين، فغدت “صورهم” تتصدر الصحف والمجلات، وأسماؤهم منقوشة على جدران المطالعة والاهتمام..
«أميرة جمال عبدالغفور» نموذج لقصة كفاح مبهرة استطاعت بإرادتها وعزيمتها أن تضع لنفسها مكاناً مرموقاً على قائمة لعبة الكاراتيه في أوكرانيا بعد أن حققت العديد من الإنجازات والنجاحات على مستوى البطولات الوطنية والمسابقات الدولية التي مثلت فيها ناديها المسمى باليابانية “خي دو دي” لتكتب معه قصة عشق لم تبح بعد بكل أسرارها… «أميرة» من أب يمني ينتمي لمحافظة أبين يحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد وأم أوكرانية، تعلقت بلعبة الكاراتيه من صغرها، حيث لاحظ عليها أبواها شغفها بالرياضة وهي لم تتجاوز بعد السابعة من عمرها وحركاتها التي لا تنتهي في تسلق أبواب الشقة أو القفز من أماكن عالية، فساعداها على تحقيق رغبتها لتبدأ بعدها قصة النجاح المنتظرة لفتاة صغيرة بأحلام عريضة، ولأن المجد لا يعطى جزافاً كما يقال، وإنما ينال بتضحية ويؤخذ بجدارة توالت انتصاراتها وتساقطت على وقع ضرباتها الأحزمة وطوقت عنقها بمختلف الميداليات والنياشين.. التقيتها على هامش زيارتها الأولى لليمن ووضعت أمامها العديد من التساؤلات بما فيها إمكانية تمثيلها لليمن في المحافل العربية والدولية وأبدت قبولاً وسروراً كبيراً بذلك.. فقط تابعوا السطور التالية:* مرحبا أميرة على صفحات «ماتش»؟
ـ مرحبا بك وأنا سعيدة بالحديث لأول صحيفة يمنية.
* انطباعك الأولي وأنتِ تزورين اليمن لأول مرة؟
ـ تمنيت زيارتها منذ فترة ولم يتسنّ لي معرفة الكثير عنها، فترة وجودي في عدن هي أسبوع فقط وبالتالي حكمي عليها سيكون ناقصا.. تبتسم قبل أن تردف “سلني عن انطباعاتي بعد مرور شهرين من الآن”.
* هذا يعني أنك ستمكثين هنا طويلاً؟
ـ نعم إلى شهر يوليو القادم وتحديدا عند بدء دراستي الجامعية.
* كيف جاءت فكرة ممارسة لعبة الكاراتيه، وهل كنت تتوقعين الوصول إلى المرتبة التي أنت عليها الآن؟
ـ البداية كانت مجرد تقليد لحركات أبطال الكاراتيه أثناء مشاهدتي لبعض الأفلام “فاندام وديكتتشان“ وغيرها، لم يخطر ببالي أنني سأصبح ذات يوم بطلة على مستوى أوكرانيا، كنت أحاول تقليد حركات الأبطال ووجدت في اللعبة متعة متناهية وباتت جزءا مهما في حياتي لدرجة عدم مقدرتي على الصبر ولو ليوم واحد.. تبتسم ثم تقول: لما وصلت اليمن لم أجد مكانا أمارس فيه هوايتي غير الصعود على سطح المنزل، ولم أهتم كثيرا بضحكات وربما سخرية الجيران مما أفعل.
* لديك الحزام الأسود كما عرفت، كيف تحصلتي عليه؟
ـ مارست لعبة الكاراتيه منذ سن مبكرة وتدرجت في الحصول على كل الأحزمة “الأصفر” في عام 2002م وعمري لما يتجاوز ثمان سنوات ثم بعده بعام واحد نلت الحزام البرتقالي ثم الأخضر في نفس العام وفي عام 2004 نلت الحزام الأزرق ثم الحزام البني سنة 2005 وفي العام الذي تلاه نلت الحزام البني 2 والحزام البني 3 ثم حققت حلمي في الحصول على الحزام الأسود دان واحد سنة 2010 ولا يزال أمامي عدد من الأحزمة التي أتمنى تحقيقها.
* وعلى مستوى البطولات؟
ـ حققت العديد من البطولات منذ مشاركتي الأولى سنة 2003 وتحديدا أثناء مشاركتي في مسابقة “خارسيسك” التي حققت فيها المرتبة الأولى ثم حققت كأس أوكرانيا لمرتين متتاليتين في عام 2004 في لعبة ( KATA) وأيضا في في لعبة (KUMITE) والتي أقيمت في مدينة “دينبر ديرشينسك” ثم المرتبة الأولى أيضا في نفس اللعبة عام 2005 والمركز الثاني في الـ(KUMITE)، وتغير الوضع في عام 2006 حيث حققت المرتبة الأولى في الـ(KUMITE) والثانية في الـ(KATA) وهكذا استمرت سيطرتي على المركز الأول في كل بطولات أوكراينا حتى عام 2009 والذي حققت فيه الإنجاز الأكبر في مشواري في لعبتي الـ“KATA” و“KUMITE“ في البطولة المفتوحة بمشاركة أندية أوكرانيا وروسيا وصولا إلى تحقيقي للمركز الأول والذي كان محل فخر لي ولأسرتي ولكل أصدقائي في المسابقة الدولية بمشاركة أندية من ايطاليا وروسيا وتركمانستان واليابان وملدوفيا واذربيجان في نفس العام وحظيت بحب وتقدير ممثلي نادي “خي دو دي” الذي ترعرعت بين أركانه، ثم حققت المركز الأول والثاني في نفس اللعبتين عام 2010 والمركز الثالث في لعبة (ENBU) وتعني صراع الفتيان وفيها شارك أبطال من فئة شباب أوكرانيا.
وفي عام 2011 نلت المركز الثاني في لعبة تسمى (FU- KU- GO) ويشارك في هذه اللعبة أكثر من 5 أشخاص.
* سجل حافل بكل تأكيد رغم صغر سنك الذي لم يتجاوز 19 عاما، لكن لماذا لم تستدعي لتمثيل أوكرانيا ؟
ـ لم أستدعَ لتمثيل أوكرانيا لأن نوعية اللعبتين (KATA _ KUMITE) التي أنا بطلا فيها غير موجودة في الاولمبياد وستعمل اللجنة الأولمبية على إدخالها في الاولمبياد القادم كما أعلم، وإذا ما أردت المشاركة فإن ذلك سيكون على حسابي الشخصي يعني أدفع الأموال كي أتمكن المشاركة وهو الأمر الذي لا أستطيع عليه، ثم إن والدي يتمنى أن أمثل اليمن وأدافع عن ألوان العلم اليمني.
* وأنتِ..؟
ـ تبتسم وتقول: لا أدري كل الاحتمالات مفتوحة.
*أفهم من كلامك أنك على استعداد لتمثيل اليمن في حال تم استدعاؤك؟
ـ تنظر إلى والدتها وكأنها تطلب الإذن منها، ثم قالت يسعدني أن أمثل اليمن وأحقق حلم والدي الذي شجعني كثيرا لكن ذلك مرهون أولاً بحاجة الناس لي هنا أولا ثم عدم تعارض المواعيد مع دراستي الجامعية في أوكرانيا.
* ألم تكن لديك هوايات أخرى غير ممارسة لعبة الكاراتيه؟
ـ على الرغم من تعلقي بالرياضة منذ صغري إلا أنني أحب الرقص وكدت على وشك الالتحاق بأحد الأندية التي تعتني بالرقص في بلدي لكن معارضة الوالد والوالدة كانت سببا في عدم الاهتمام بها، كما أن الكاراتيه أخذت كل وقتي فيما بعد.
* من خلال حديثك لم ألحظ ذكرك لعامي 2013 و2014 هل توقفتي عن ممارسة الرياضة؟
ـ لا لا.. أنا لا أستطيع التوقف عن ممارسة رياضة الكاراتيه مطلقا ولكن في عام 2013 كنت قد التحقت في الجامعة تخصص فندقي ونظرا لصعوبة ممارسة التدريب والدراسة توقفت فقط عن المشاركة في البطولة الوطنية الأوكرانية لكني مع ذلك شاركت كحكم في البطولة وأيضا تحصلت على لقب ماستر سبورت “sport .. master” في أوكرانيا وتم منحي الحزام الأسود دان واحد من الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2014 لم تقم أي بطولة هناك نظرا للظروف السياسية التي شهدتها أوكرانيا.
* طيب لنترك الرياضة قليلاً.. هل أنتِ مع انضمام القرم الى روسيا؟
ـ نعم لا نريدهم فليذهبوا مع روسيا أو أي مكان آخر نحن في أوكرانيا لا نريدهم.
* لماذا..؟
ـ هم يريدون هذا فليذهبوا إذا..
* غير الكاراتيه.. ماذا تحبين؟
ـ لا شيء فقط الكاراتيه، ثم تستدرك وتقول وأحب أمي وأبي أيضا ثم تضحك كثيرا وتقول بلكنة عربية مكسرة “مانكو” سألت والدها عن سر ضحكتها فقال منذ وصولها لليمن لا تريد شيئاً تأكله غير المانجو لعدم وجوده في أوكرانيا، وذات ليلة أخذتها للعشاء في صيرة فأعجبت بالسمك خصوصا سمك الحبار وأبو مقص.
* وختاما ماذا تريد أميرة قوله؟
ـ أتمنى أن أحقق المزيد من البطولات وأحصل على كل الأحزمة المتبقية لي وأن أنجح في دراستي.
* قلت لها: فقط؟
ـ قالت: فقط ما في غير كذا.
* واليمن..؟
ـ أطلقت ابتسامة عريضة وقالت أمثل اليمن وأحقق باسمه الإنجازات كي أسعد والدي.
* ودعتها على أمل اللقاء بها في قادم المناسبات.
* إشارات عابرة:
ـ الشكر لوالد أميرة الدكتور “جمال عبدالغفور محمد” عميد معهد العلوم الإدارية بعدن الذي قام بعملية الترجمة وأيضا والدتها التي تتكلم اللغة العربية بشكل جيد.
ـ أميرة.. ترى عدن مدينة جميلة ولكنها أبدت امتعاضها من الأوساخ والقاذورات التي لم تشاهد مثلها طول عمرها حسب قولها.
ـ طالما وأميرة ترغب في تمثيل اليمن خارجيا فإن الواجب يحتم على وزارة الشباب والرياضة واتحاد الكاراتيه واتحاد الرياضة النسوية سرعة التحرك في هذا الاتجاه سواء مع والديها أو الجهات المعنية لتسهيل علمية حصولها على الجنسية اليمنية على اعتبار أن تمثيلها لليمن سيضمن لبلدنا الحصول على العديد من الميداليات.. إذ إن الوقوف على كرسي الريادة في بلد متطور رياضيا كأوكرانيا أمر ليس بالسهل ولا بالهين.
نقلا عن ماتش